منذ 2007م، بل منذ تاريخ 27/4/1998م، ومشاهد التظاهر والاحتشاد الجنوبي في مظاهرات الحراك السلمي تتوالى وتتعاظم، والتأريخ يؤكدها والمكان يثبتها، والدماء تعمدها، والتضحيات العظيمة لأبناء محافظاتالجنوب لم تنضب، ولم يخبت أوارها، ولم يخفت صوتها. عقد من الزمان، لم يلتفت المجتمع الدولي ولا الإقليمي التفاتة حقيقية إلى مطالب وقضايا شعب الجنوب؛ ربما بعضهم يخافون، ومنهم يرتبكون، وآخرون يحذرون من تكرار تجربة تقسيم فاشلة بالجوار الأفريقي، وبعضهم يخشى انتقال عدوى التقسيم إلى أرضه، وبعضهم مازال يترنم ويردد طوباوية الأمة الواحدة متجاوزة العقيدة إلى الأرض والجغرافيا والسياسة، وبعضهم لا يتصور تشتت التركيز في التعامل مع سلطتين لدولتين؟! فيما مضى كانت تجربة الاشتراكي ماثلة أمام أعين دول الخليج وبالأخص المملكة العربية السعودية، تذكرهم بمواقف الحزب "الماركسي" يوم كان يرى الرجعية في نظام حكمها وحكامها ومنهجها الديني "الوهابي"، لم تكن الثقة قوية حتى يوافق الخليج على مطالبة جنوباليمن بفك ارتباطه عن الشمال، علاقة السعودية بالشمال كانت أقوى بل هي كعلاقة السيد المطاع من قبل خادمه الذي فرط في حدوده وأراضيه ليبقى سدنته على كرسي الحكم فترة أطول دون خوف من أن يحيك الجار له ما يقلب له ظهر مجن حكمه. حاولت المملكة السعودية أن تجر الاشتراكي إليها وتخضعه لها وهو في حالة يرثى لها لكن غير الموفق اختار الاندماج مع الجهل والفوضى والدحبشة تحت شعارات الوحدة القومية والأممية، كانت دولة الكويت الوحيدة التي تربطها علاقات متميزة مع الجنوبيين، ربما لأنها فتحت ذراعيها لحركات التحرر العربية وأوجدت مناخاً لافتاً من الحرية والانفتاح مختلفة عن بقية دول الخليج، أما قطر وبعد صوت مندوب اليمنالجنوبي ضد استقلالها وهي لا ترى في جنوباليمن مجرد فرع يجب أن يعود إلى أصله فدافعت بقوة مع بقاء الوحدة اليمنية ولم تلتفت لمطالب الجنوبيين الانفصالية. اليوم وبعد الانقلاب "الحوثعفاشي" على الشرعية اليمنية التي يقودها الرئيس عبدربه منصور هادي، تغيرت المعادلة، وتم تصحيح مسار العلاقة بين الجنوب والخليج، بعدما رأت دول التحالف العربي شجاعة وبسالة وإخلاص ووفاء الجنوبيين، ورغم المناوئين لجنوباليمن ومطالب شعبه بحتمية الفكاك من إخطبوط الشمال المتنفذ، إلا أن الهاجس الأعظم يذكرهم وينبههم بأن لا يغفلوا ولو ساعة عن المطالبة بحق تقرير المصير، ومن استطاع المشاركة في التظاهر لرفع المطالب فليلتحق، يتوافد الناس في الجنوب من كل محافظاتالجنوب، يتركون أعمالهم وارتباطاتهم ويذهبون صوب عدن، يحملون آمالهم في قلوبهم قبل عقولهم، وأرواحهم على أكفهم، يستشرفون المستقبل المجيد، يوم يرون فكاكهم من الشقيق الذي اتخذ من الوحدة معهم مغنماً وربحاً وتوسعاً ومصلحة ذاتية، وأصبح شعب الجنوب في عداد ملايين المضطهدين المنهوبة أرضهم، المبدلة هويتهم، المنتهكة حقوقهم! اليوم، وليس الغد، أبناء الجنوب العربي أشد حاجة إلى ترتيب أنفسهم ورص صفوفهم وتقاربهم والابتعاد وبشدة عن تكرار أخطاء السنوات القريبة الماضية، لا يمكن اليوم الافتئات على شعب الجنوب من أي مكون سياسي أو مقاوم بأنه يمثل الشعب، ولا يمكن وغير مقبول البتة الإدعاء كذبا وزورا التصريح بنسبة98٪ تدل على تأييد شعب الجنوب لمجموعة من المقاومين أنهم هم من سيمثلهم في المحافل الدولية، هذا خطأ وغير مقبول وهو يطعن في ظهر القضية الجنوبية التي بحاجة ماسة للملمة شتات الناس. والجنوب بلا أدنى شك إلى قائد يقوده نحو المستقبل المشرق، وهكذا هم البشر لا يحققون الانتصارات في ميادين الجهاد والنضال والكفاح إلا بوجود قائد وشخصية تحيط بها الجماهير وتدعمها وتقف إلى جانبها، ولهذا التاريخ البشري مليء بعديد الأمثلة والنماذج، ومهما يكن من نقص في هذه الشخصية لكنها تكتمل بتوفير البطانة الناصحة والصدوقة والمؤهلة حوله تكون محل استشارته وتبصيره بالطريق الصحيح والقرار الصائب، أما أن يعتقد الجميع في نفسه أنه هو القائد فالنتيجة هي السير في طريق التيه والفشل. والحاجة أيضاً ماسة جداً إلى النجاح في ميادين العمل على أرض الواقع، فها هي الكوادر الجنوبية تسيطر وتتقلد المناصب والسلطة في محافظاتالجنوب المحررة، وهي تجربة وتهيئة لها لصنع مستقبل مجيد لوطنهم المنهوك والمنهوب، وطنهم الذي يسعون إلى خلاصه واستعادته من أيدي المتنفذين والمفسدين..فالنجاح يعني إرهاصات لبشائر المستقبل المشرق، أما تكرار صور الفساد على أيدي المسؤولين الجنوبيين يعني تدمير القضية الجنوبية بمعول أبنائها..وهو ذريعة قوية لتمرير حلول أخرى قد لا تروق لأبناء الجنوب ولن تحقق ما ناضلوا من أجله ولكنها تثبيت لمقولة"على نفسها جنت براقش"