تنقسم رحلة الحج الى مرحلتين : الأولى مرحلة التفويج التي تبدا بمغادرة الحاج موطنه الى مكةالمكرمة التي يستقر بها حتى مساء يوم السابع من ذي الحجة ، والثانية مرحلة التصعيد وهي المرحلة الأهم اذ تتضمن اداء شعائر ومناسك الحج وتبدأ من فجر يوم الثامن من ذي الحجة بالإنطلاق الى منى للمبيت بها ، ثم الوقوف في عرفة ، فالنفرة الى مزدلفه ، ثم منى مرة اخرى لرمي الجمرات وقضاء ايام التشريق الثلاثة . وقد اكدنا سابقا ونعيد الآن بأن مرحلة التفويج هذا العام للحجاج اليمنيين كانت ناجحة بكل المقاييس خصوصا مع اعتماد خطة جديدة للتفويج المتتالي وفق برنامج زمني ابتدأت يوم 19 ذوالقعدة وانتهت يوم 2 ذو الحجة حيث تم تفويج ما يقارب 25 الف حاج يمني خلال الفترة المحددة بنجاح فاق التوقعات ، مقارنه بالفوضى وعدم الترتيب التي كانت سائده في الأعوام السابقة وهذا انجاز يحسب لوكالات الحج والوزارة باعتباره حصيلة تعاون وتنسيق وعمل مشترك بين الطرفين . المؤسف ان نجاح مرحلة التفويج لم يسحب نفسه على المرحلة الثانية والأهم وهي مرحلة التصعيد ، حيث صاحبت هذه المرحلة بعض الإخفاقات التي كان يمكن تجنبها لو اكتفت الوزارة بالقيام بوضع المعايير والضوابط التي يتوجب على الوكالات الإلتزام بها لضمان تقديم خدمة مميزة للحجاج ، ووقفت بعدها موقف المتابع والمراقب لأداء الوكالات والراصد لأخطاءها وتجاوزاتها ، ويكون في يد الوزارة بعد ذلك ايقاع العقوبات بأي وكاله لا تلتزم بهذه المعايير والضوابط ابتداء من الغرامات وانتهاء بالشطب للوكالات التي تعجز عن اداء الخدمة بالصورة المطلوبه . الا ان ما حدث لللأسف هو قيام الوزارة باعطاء نفسها دور تنفيذي اكبر مما يتوجب عليها القيام به ، وهمشت الى حد ما دور الوكالات والقطاع الخاص المعنى مباشرة بتقديم الخدمة ، حيث تولت القيام بالتعاقد لإستئجار الباصات التي تنقل الحجاج الى المشاعر والزمت الوكالات بها ، كما الزمت الوكالات بالتعاقد مع مطابخ محدده لتقديم خدمة الإعاشة ، وقد ترتب على ذلك بعض الإختلالات التي نوجزها فيما يلي : اولا : النقل التأخر في تسليم الباصات للوكالات مما ترتب عليه التأخر في تصعيد الحجاج الى منى لبعض الوكالات الى مابعد ظهر يوم الثامن من ذي الحجة وهذا يحدث لأول مرة . زيادة عدد الباصات الصغيرة (كوستر) زيادة غير طبيعيه ، والمعروف عن هذه الباصات ان مقاعدها صغيرة وضيقه ، كما ان مكيفاتها ضعيفه ، اضافة الى انه تم احتساب مقاعدها 29 مقعد في حين ان مقاعدها في الواقع هي 25 مقعد ، اذ قاموا باحتساب المقاعد الإحتياطية الصغيرة المطوية عند الممر كمقاعد كاملة مدفوع ايجارها بواقع 500 ريال سعودي لكل مقعد وهذا ظلم كبير للحجاج . قدم موديلات الباصات وبعضها يفترض انها خرجت من الخدمة من فترة طويله ، رغم ان الأنظمة في المملكة تمنع استخدام موديلات باصات قديمة ، وقد ترتب على هذا تعطل جزء كبير من الباصات وبعضها تعطل عند مدخل الشركة وفي لحظة الإنطلاق نفسها . النقص الكبير في عدد المقاعد ، حيث وصل النقص حسب افادة بعض الوكالات الى حدود 20% من عدد المقاعد المخصصة والمدفوع ايجارها مسبقا ، مما يضطر المشرفين وبعض الحجاج للوقوف في ممر الباص . لم تكن آلية التعويض والإستبدال للباصات التي تتعطل او يهرب سائقيها واضحة ، حيث اضطر الحجاج الذين تعطلت باصاتهم او هرب سائقيهم وبينهم عجزة ونساء الى السير مسافات طويلة ولم يتم اسعافهم بباصات بديله . ثانيا : الإعاشة حددت الوزارة للوكالات عدد 8 مطابخ للتعاقد معها ، وهذا التحديد اعاق قدرة الوكالات على التعاقد مع مطابخ سبق ان تعاملوا معها من قبل واطمأنوا الى حسن تقديم الخدمة لديها وقد ترتب على اتباع طريقة الزام الوكالات بالتعاقد مع مطابخ محدد عدة نتائج سلبية منها : نصيب كل مطبخ كان تغذية 3000 حاج للوجبات الثلاث وربما ان المطبخ نفسه تعاقد لتوفير الإعاشة لبعثات اخرى غير البعثة اليمنية ، وهذا شكل عبئا كبيرا على المطابخ خصوصا تلك التي لم تكن مؤهلة بما يكفي من الأدوات والطباخين لتحمل مثل هذا العبىء . اصبح مألوفا تأخر مجيء الوجبات بعض الأحيان وفي نماذج نعرفها تسلم الحجاج عشاءهم الساعة 12 ليلا . اشتكى كثيرين من نوعية الطبخ بأنها لم تكن في المستوى المطلوب ، وفي حالات مؤكدة وجدت قطع من جلود الاغنام بشعرها في بعض الوجبات . في بعض الحالات تسلم الحجاج وجبات ناقصة او تختلف عما تم الإتفاق عليه مع المطابخ ، وعلي سبيل المثال ففي احدى الحالات كان يفترض توفر وجبه الرز مع اللحم ، وقد جاء الرز بدون لحم وعندما سألوا اين اللحم ؟ كان الجواب انه ذاب في الرز من شدة الحرارة . هل هذا يعني ان الموسم لم يكن ناجحا ؟ والجواب الأكيد بل كان ناجحا وافضل من مواسم سابقة كثيرة وما ذكر هو حالات تم ملاحظتها وليس من الإنصاف تعميمها على الجميع فمعظم الباصات اكملت رحلتها بدون مشاكل ، كما ان معظم المطابخ التزمت بتقديم خدمة جيده ، كما لا يجب ان يقود مثل هذا النقد الى التقليل من الجهود الجبارة التي بذلتها وكالات الحج وموظفي الوزارة وبالذات معالي وزير الأوقاف الدكتور أحمد عطية وسعادة وكيل الوزارة الشيخ مختار الرباش التي ساهمت جهودهم الإستثنائية ومتابعتهم المستمرة بنجاح الموسم بشكل عام ، لكن تركيزنا على الجوانب السلبية فقط لم يكن الا من قبيل تسليط الضؤ بهدف الحث على المعالجة ، واكمال النقص ، والإرتقاء بخدمة الحجاج الى مستوى اداء خال من الأخطاء . وفي الأمثال يقولون من لا يعمل لا يخطىء ، والوقوع في الخطأ ليس عيبا لكن العيب هو الإستمرار فيه والإصرار عليه ، ولكي تتحقق الإستفادة من الأخطاء التي رافقت رحلة الحج فإننا نتوجه الى الأخ معالي وزير الأوقاف بالدعوة الى تشكيل لجنه مشتركة من الوزارة والقطاع الخاص ( الوكالات) تكون مهمتها دراسة العثرات التي رافقت رحلة الحج كلها من البداية الى النهاية ، ووضع المعالجات والمقترحات الكفيلة بتجنب تكرارها مستقبلا .