قلت في مقالي السابق إنّه يجب أن تحضر الشجاعة والصراحة في موضوع التجديد لمدرّب المنتخب السعودي، الهولندي مارفيك، ولمّحت إلى إمكانية لجوئه إلى فتح بازار ورفع السقوف لعقد جديد، كيف لا وهو المدرّب الذي أعاد الأخضر السعودي إلى المونديال بعد سبعة مدربين فشلوا في ذلك، وكان ذلك أمام الفريق الياباني المتأهل للمونديال للمرة السادسة على التوالي، وعلى حساب الفريق الأسترالي الذي "اقتحم" القارة بحصان الاتحاد الآسيوي، في وقت كان الفريق السعودي يخرج من مونديال 2006 خائباً، فيما الأسترالي يخرج من دور الستة عشر في ذاك المونديال، ويتابع التأهل في موندياليّ 2010 و2014 اللذين حُجبت خلالهما شمس الكرة السعودية، وإن خرج من الدور الأول في كليهما، أمّا قبل أن يحل علينا "الكنغر" ضيفاً سارقاً لمقعد عربي، فتأهل مرة واحدة "1974". ليس الصراحة فقط، بل المصارحة، فهذا هو الوقت الذي يجب أن يناقش اتحاد الكرة والمعنيون الآخرون، كل ما قيل من تأييد أو رفض لطريقة عمل الهولندي ووجوده خارج السعودية، فكما قال رئيس الاتحاد عادل عزت، مرحلة ما بعد التأهل ليست مثل ما كان قبل، أي أنّ خوض المونديال يختلف عن خوض التصفيات. وربما لا يكون الرئيس عزت مصيبًا في هذه المعادلة؛ لأنّ التأهل إنجاز كبير وهو الأساس بعد هذا الغياب، ولكن إن فعل ذلك فلن يكون أقدم على سابقه، إذ سبق أن خاض المنتخب السعودي التصفيات مع مدرّب، والنهائيات مع آخر، "المسكين كالديرون". ولكن الشيء الإيجابي في ما قام به "اتحاد عزت" حتى الآن منذ التأهل، هو التأكيد على عدم موافقته على بقاء مارفيك محللاً فنيًّا لمباريات دوري بلاده، ومديرًا فنيًّا لمنتخب السعودية، من دون أن ننسى خطوته الجريئة قبيل المباراة الحاسمة أمام اليابان باجتماعه منفردًا مع اللاعبين في غياب المدرب، وحثهم على حصر الأمر بالتركيز على المباراة دون سواها.. وعلى ما هو متعارف في وصف رجل بالشجاعة، بأنه شرب حليب السباع، أقدم عادل عزت على إقالة أمين عام اتحاد الكرة عادل بطي، مزيلاً من أذهان الكثيرين، الاعتقاد بأنّ الرجل المُقال هو العنصر الأكثر تأثيرًا في اتحاد الكرة، وغير آبه بأنّه أي البطي الرجل المحظي عند رئيس الهيئة السابق الأمير عبد الله بن مساعد، الذي اعتبره الجميع آنذاك عراب الاتحاد الجديد. وتستمر صور التغيير في كرة القدم السعودية بعد التأهل لمونديال روسيا، ومنها صور "انبعاث" الهيئة العامة للرياضة بنزول الرئيس الجديد تركي آل الشيخ إلى الميدان، بعد شهور من انغماس عمل الهيئة في النسيان، وبعد سنتين وأكثر من التوهج ومن "مالئ وشاغل الناس" فبدا الرئيس الجديد، وهو يستدعي اللاعب السابق الفريد من نوعه في الكرة السعودية ماجد عبد الله ويوليه إدارة المنتخب في المونديال، كأنه يعمل على خطى الرئيس الأسبق في "التدخل القسري" بهدف المصلحة الوطنية. والحق يُقال إنّ تباشير مرحلة تغيير جذرية في كرة القدم السعودية، بدأت تلوح بعد العودة إلى كأس العالم، بل بدأت تنشر دعائمها بسلسلة إجراءات عملية مواكبة لرؤية 2030، ولتطلعات مهندسها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فلا بد أن تتكرّس السعودية من جديد زعيمة عرب آسيا في المونديالات بالتأهل الخامس، الذي نأمل أن يكون بداية سلسلة جديدة من التواجد المتواصل. *نقلا عن الرياضية السعودية