لم تكن زله اللسان الذي وقع فيها رئيس الوزراء بن دغر اثناء لقاءاته في مدينة سيئون بوادي حضرموت عندما نقل تحيات فخامة الرئيس علي عبدالله صالح بدلا من الرئيس هادي هذه الزله ليست بريئة ولا عفوية كما هي عادة البشر بالهفوات التلقائية الغير .مقصودة ,ففي حالة بن دغر فالامر مختلفا تماما ,فالرجل افصح بلسانه بما يختلج في عقله وقلبه . وبعيدا عن نظرية المؤامرة ,ولغة التخوين والالغاء والاقصاء ,فجرده حساب سريعة لمسيرة بن دغر السياسية ,الذي تنقل فيها من اقصى اليسار الى اقصى اليمين , من يساري اشتراكي مدافعا عن الفلاحين ,الى الارتماء في احضان سيده ومولاه الجديد الرئيس السابق صالح ليصبح احد اعمدة المؤتمر الشعبي وقادته البارزين ,واستمر على هذا الحال حتى مع بداية عاصفة الحزم ,ولكن فجاءه وبدون مقدمات ,انتقل بن دغر الى ضفة الشرعية ليتوج خلال فترة قصيرة الى رئيس وزراء حكومة الشرعية ,الامر الذي يفتح الكثير من الاسئلة الغامضة التي تحوم حول تحركات وخطوات بن دغرالمشبوهة ,بمعية زملائه في الشرعية ولاسيما الجناح الجنوبي منها ,والذي لايزال مخلصا ووفيا للعهد العفاشي البائد ,يسعى بكل ما اوتي من قوة لاعادته الى ارض الجنوب ,او في الحد الادنى اعاقه المشروع الجنوبي الطامح الى الحرية والاستقلال ,مما يؤكد صحة الشبهات على ضوء النهج المعادي للجنوب الذي يمارس من قبل الشرعية الفرع الجنوبي منها .الذي لايزال الحنين الى الماضي العفاشي يشدها كثيرا وهو اصبح املها وقدرها في الحياة ,وهبت نفسها له ,لاتستطيع التخلص منه ,حتى وان تعارض مع حقائق الواقع والارض الصادمة لامالها واحلامها . ففي الفترة الاخيرة كثره تصريحا وأحاديث قادة الشرعية المتعلقة بمستقبل العملية السياسية في الشمال والجنوب ,ومن اخر هذه التعليقات كانت لصاحبنا بن دغر , الذي ومن سيئون الحضرمية وامام العلماء والمشائخ ,اطلق معزوفته القديمة الجديدة التي غدت اسطوانة مشروخة مل المتلقي من سماعها لكثره تكرارها و,لعدم واقعيتها في ظل المتغيرات الكبيره في المشهد السياسي المحلي ,وبدت كما لو انها هبطت الينا من كوكب اخر على غير معرفة ودراية بحقيقة مايدور ويعتمل في ساحتنا السياسية شمالا وجنوبا . صرح رئيس وزراء الشرعية وبنبرة الواثق من نفسه قائلا "الشعب اليمني لن يسمح بسقوط الوحدة والجمهورية ,واضاف ان مخرجات الحوار هي الوثيقة الوحيدة التي حازت على اجماع اليمنيين في حاله نادرة لم تحدث في التاريخ اليمني قديما وحديثا ,وحظيت بدعم اقليمي ودولي كبير ". في هذا التصريح وقع دولة رئيس الوزراء في مغالطات تاريخية جمة ,فهو عندما يشير بان وثيقة الحوار الوطني نالت على اجماع وطني لم يحدث في تاريخ اليمن القديم والحديث ,. .في هذه المقاربة تزوير خطير للتاريخ ربما النوايا وامنيات الرجل بتكييف التاريخ للسياق السياسي الذي يصبو اليه ,او ربما الجهل وعدم معرفته بالجغرافيا والتاريخ جعلته يفترض بان اليمن قديما كان موحدا بالصيغة التي عرف بها بعد وحدة العام 90,وهذه المطالعة عارية عن الصحة ومجاف للحقيقة ,فاليمن قديما شهد ممالك ودويلات مختلفة على رقعته الجغرافية المترامية ,ومهما يكن فنحن لسنا بوارد الدخول في سجال وجدال تاريخي فهذا مجال نتركه لاصحاب الاختصاص من الباحثين في التاريخ والجغرافيا . والمغالطة الثانية الذي ارتكبها بن دغر تمثلت في تزييفه للوقائع عندما نسب للجنوب موافقتهم ومباركتهم لمخرجات الحوار ,فللحقيقة والتاريخ فان الجنوبيين لم يشاركوا في مؤتمرات موفمبيك ذائعة الصيت من اصحاب جماعة اليوم ب100000 ريال على نفقات الشرعية كرشوة سياسية على الطريقة العفاشية ,لتمرير اجنداتها السياسية ,بل من تم انتدابهم الى مؤتمر الحوار من الجنوبيين هم اشخاص لايمثلون الا انفسهم ومن اوفدهم الى هذا المؤتمر هي الشرعية التي نصبت نفسها وكيلا وممثلا حصريا لشعب الجنوب .. فالجنوبييون منذ انطلاق الحراك الجنوبي المبارك قاطعوا بصورة حازمه لاتقبل الشك كل المسارات والفعاليات السياسية الذي كان ينظمها نظام الاحتلال الشمالي ,وكلنا يتذكر عندما اجريت الانتخابات الصورية والشكلية على تثبيت الرئيس هادي كرئيس توافقي بين نخب الشمال في العام 2012 ,رفضه الجنوب رفضا قاطعا جازما ولم يشارك بهذا التصويت ,مما نتج عنها انتخاب الرئيس هادي باصوات الناخب الشمالي فقط . اما الاخطر في ماجاء في تصريحاته هو ذلك الاصرار والعناد والمكابرة على التمسك بمخرجات الحوار والستة الاقاليم وتقديمها كوصفة سحرية لمشاكل البلد في الشمال والجنوب بحيث يتم ترسيخها كحقيقة موضوعية مقدسة مسلم بها ,متغافلين ومتجاهلين مع ذلك كل مايجري امامهم من تطورات وتغيرات استراتيجية في الارض والجغرافيا والتاريخ ,مما يدفعنا للتساؤل هل هي بلاده ؟ام بلاهة سياسية ؟ نحن لانميل الى هذا الاعتقاد ,فقادتنا الافاضل في الشرعيه ,هم سياسيون اذكياء متمرسون وذوخبرة كبيرة فهم جميعا خريجي مدرسة عفاش في المكر والدهاء والرقص على الافاعي . وعليه فهم يعيون ويدركون ابعاد مايروجونه ويسوقونه له من افكار وتصورات ,. مصيبة هؤلاء من رموز الشرعية وخاصة الاطراف الجنوبية فيها هم اشبه بالباحث عن المجد الضائع الذي لم يعد له وجود الا في مخيلتهم الامر الذي ادخلهم في حاله انفصام سياسي خطير . جعلتهم يعيشون في واقع وعالم افتراضي من انتاج خيالهم ولا علاقة له بالواقع المادي الملموس . وعلى العكس من الاقطاب الجنوبية العاملة مع الشرعية ,فالنخب الشمالية هي اكثر واقعية وبرجماتية , فصنعاء حددت خياراتها وأقامه دولتها الخاصة بموسساتها وهيئاتها السياسية المستقلة وبمعزل عن سلطات الجمهورية اليمنية والذي لم يبقى منها الا الاطلال الشاهده على اثارها في صنعاء . وحتى حليف الشرعيه النائب علي محسن وحزب الاصلاح ,هم ايضا اكثر واقعية وعقلانية فلم يتمسكوا بالوهم كما هو حال الجنوبيين جماعة الشرعية ,فنائب الرئيس علي محسن لم يضيع وقته هدر في البحث عن المجهول والسراب ,بل تمكن من اقامة وتشييد دويلته الخاصة في محافظة مارب دويلة تتوفر فيها كل المقومات الضرورية للحياة والبقاء والاستمرارية ,بعكس اوضاع الجنوب وعاصمته المحررة عدن التي لاتزال مناطق منكوبة بفضل سياسات الشرعية الجناح الجنوبي منها ,وهنا تكمن الفروقات بين العقلية الشمالية والجنوبية ,فالساسة الشماليون ولاسيما المنحدرون من مناطق شمال الشمال وبغض النظر من خلافاتهم السياسية فهم متمسكون بانتماءاتهم القبلية لايفرطون بها وهم لايبيعوا اهلهم وناسهم ومناطقهم للدخيل الغريب عن دائرتهم القبلية والمذهبية والسياسية . ونحن لسنا بحاجه لتقديم دليل على ذلك ,فمسار عاصفة الحزم هو اكبر اثبات وبرهان على ذلك ,فاستطاعت نخب الشمال في لعبة توزيع ادوار ذكيه وبارعة من ايصال عاصفة الحزم الى الطريق المسدود ,بحيث يبدو المشهد على النحوالتالي دوله شماليه في صنعاء ودويلة اخرى في مأرب ,اما الجنوب فوضعه لم يحسم بعد وحتى اشعار اخر لأدوله ولا دويلة ولايحزنون ,وهنا ياتي الفرق بين العقلية الشمالية والجنوبية . فالشمالي يبني ولايدمر بلده ,بل يظل وفيا ومخلصا للانتماء الذي هو جزء منه اينما وجد في صنعاء او الرياض او في مارب ,. الشخصية الشمالية لم ولن تكون معول هدم ,فهم لم يتحاربوا حتى في اوج صراعاتهم ومهما بلغت درجة التناقضات والخلافات فيما بينهم ,فهم جميعا محكمون بالموسسة القبلية باعتبارها مرجعيتهم السياسية وهي الاساس المناط به معالجة وتسويه تناقضاتهم التكتيكيه لانهم متفقين في الاستراتيجية .. ,ويخطى من يعتقد من الجنوبيين بان في الشمال هناك خلافات مذهبيه او طائفيه هذه كلها اوهام يقع بها بعض الجنوبيين ممن لايفهم سيكولوجيه نخب شمال الشمال ,انها مجرد حذلقات ومصطلحات لغوية ,في نطاق لعبة توزيع الادوار . ,في الشمال كل شيء تحدده وترسمه القبيلة ضمن موازين القوى المتغيره صعودا وهبوطا فالأقوى له النصيب الاكبر من السلطة والثروة والأضعف الاقل منها وهكذا دواليك . هذه هي جوهر فلسفة العقلية الشمالية المتحكمة في المشهد هناك لان القبيلة هي بوصلتهم وقبلتهم السياسية . اما الشخصية الجنوبية واقولها وبكل اسف ومرارة ,لم تتجذر بعد فيها .عقليه الانتماء للارض والوطن والتاريخ والجغرافيا كما في الشمال , ,نجد ان بعض الجنوبيين من اجل مصالح فئوية ضيقة بغية الامساك بالسلطة والثروة مستعد ان يفرط ويبيع كل شي بما فيهم اهله وقبيلته وناسه ووطنه وتاريخه وهويته بحثا عن الذات المتضخمة والمريضة ,وهنا تكمن ماساه الجنوبيين الذي تفننت نخب الشمال باستخدامها وتوظيفها لخدمه اهدافها السياسية ببراعة متناهية . ومهما يكن ورغم مرارة الالم وقساوته على الجنوب الا ان عدالة السماء كانت وستظل هي من تقول كلمتها النهائية كلمة الفصل والقطع لنصره الشعب المظلوم الشعب المقهور . فمهما اجتهدت الشرعية في التغني بمخرجات الحوار وتلميعه في الساحة الجنوبية .فمحاولاتكم ماتت قبل ان تولد ,واصبحتم كمن يتحدث في اناء مغلق لايسمع فيه الا الى صدى صوته .لانكم لاتريدون ادراك حقيقة بسيطة وواضحة وبدون فلسفه او تنظير . فالشعبين في الشمال والجنوب كلا قد حسم طريقه وحدد خياراته بالطريقة الذي تتوافق مع توجهاته وتطلعاته ,فما عليكم الا الانصياع لهذه الحقيقة الموضوعية ففي ذلك مصلحة وخيرا لكم ,قبل ان تجدوا انفسكم في مزبلة التاريخ الذي لايرحم احد .