عندما قررت الحاجة سيدة صالح السفر من محافظة إب القريبة، إلى مدينة تعز لتفقد منزلها ومعرفة ما إذا كان قد أصيب بأي أضرار جراء القصف الصاروخي والمدفعي للميليشيات الانقلابية على الأحياء السكنية، كانت تعرف أنها مقدمة على رحلة مليئة بالمشاق المتعددة. فبسبب قطع الميليشيات للطرق والمنافذ الرئيسية، اضطرت كغيرها من المواطنين لعبور طرق شاقة للوصول إلى وسط المدينة في طرق التوائية، ابتداء بدمنة خدير والراهدة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين جنوب شرقي المدينة، ثم سائلة الأقروض مروراً بنجد قسيم وإلى الضباب وصولاً إلى وسط مدينة تعز، قاطعة 130 كيلومتراً، بزمن سفر يصل إلى 8 ساعات، وبتكلفة 4 آلاف ريال.
طرق الألم أن تقرر السفر إلى تعز، دخولاً أو خروجاً منها، فذلك يعني حجزك لموعد مسبق مع خسائر الانتقال المالية، وتعب الروح والجسد الذي سينتابك طوال مسافة الطريق المملوء بالألم والخوف والقلق.
وتسببت حرب الميليشيات الانقلابية على تعز بقطع للطرق والمنافذ الرئيسية، ما اضطر المواطنين لاستخدام طرق وعرة للوصول إلى المدينة أو الخروج منها، ما حولها إلى مدينة المعابر والطرق البديلة الترابية، وشبكة من الطرق الالتفافية مقطعة الأوصال، وحول السفر إليها إلى مشاوير بالغة المشقة، فاقم منها قطع الانقلابيين للطرق البديلة ما دفع المواطنين لشق طرق أخرى لتسهيل دخول المواد الغذائية والدوائية والمشتقات النفطية.
هذه هي حال الطريق الرابطة بين مركز المدينة ومديرية دمنة خدير مروراً بمديرية المسراخ جنوباً، والتي تم قطعها من قبل الميليشيات، ليشق الأهالي طريقاً فرعياً يمر من مديرية مشرعة وحدنان المحررة والمطلة على مركز مدينة تعز من أعلى جبل صبر جنوباً، وهي الطريق التي سميت ب«معبر الحياة»، لأنها المتنفس والرئة الوحيدة لتعز التي تصلها بالعاصمة الاقتصادية عدن، ويتم عبرها نقل المواد الإغاثية والطبية والغذائية.
معبر جحيم بكثير من الألم، يتذكر أهالي مدينة تعز معبر الدحي الذي كان يقع في الجهة الغربية من المدينة، والذي مثل معبراً للموت لسقوط العديد من القتلى جراء الرصاص. ويقول علي عماد أحد الأهالي: «هذا المعبر كان معبراً للجحيم مارست فيه الميليشيات أبشع أنواع الانتهاكات اللاإنسانية من التفتيش بطرق وقحة ومصادرة المواد الغذائية من المواطنين والمواد الإغاثية ومنع السكان من التنقل، وقتل وإهانة للنساء، بل تلويث عناصر الميليشيات لصهاريج المياه التي كانت تنقل الماء للمحاصرين في المدينة».
لقد ضاق الكثير من مواطني تعز ذرعاً بالوضع الراهن، ما دعاهم لتوجيه مناشداتهم لقوات الشرعية وقوات التحالف بسرعة استكمال تحرير محافظة تعز، ففضلاً عن أنها ستسهم في رفع المعاناة المؤلمة التي يعيشون فيها، فإنها كذلك ستكون مفتاحاً للسقوط التتابعي الكبير للقوات الانقلابية والمضي نحو تحرير العاصمة صنعاء.