أبى الجنوب إلا أن يظل شامخا وقويا فوق ما يتعرض له من تدمير كامل وممنهج لمؤسساته العسكرية والمدنية وتاريخه وثقافته الأصيلة وتحويله إلى اقطاعية خاصة لأسرة بيت الأحمر بعد أن دخل في وحدة اندماجيه جنونية غير متكافأة وغير مدروسة مع الشمال في 22 مايو 1990م والتي فشلت ليس بسبب سوء إدارتها فحسب ،بل لكونها جاءت خارج عن طبائع الأمور وحقائق الحياة مما دفع الجنوبيون بالخروج إلى الشارع بتلك المليونيات التي أذهل من خلالها أبناء الجنوب العالم بثقافتهم وسلوكهم الحضاري ونضالهم السلمي للمطالبة بالرجوع إلى ما قبل 22 مايو 1990م. فلم نرى أي متظاهر منهم يعتدي على شجرة أو يقطف زهرة أو يرمي بعقب سجائر وعندما يغادرون ساحة الحرية لم نرى أي شيء يبعث على التقزز مما يدل على حضارة أبناء الجنوب ومدنيتهم . وظل الجنوب يشهد حالة جدل واسعة يناضل ويبحث عن قائد جسور يحمل قضيته السياسيه العادلة والمشروعة وتشكيل حامل سياسي يقود نضال الشعب يكتسب الصفة التمثيلية وشرعية شعب الجنوب في الداخل والخارج ، فظهر ( جيفارا الجنوب ) المناضل عيدروس قاسم عبدالعزيز يدافع عن قضية شعب الجنوب السياسية العادلة ، قضية مفصلية وليست مفتعله وقضية وطن يبحث عن وجوده وعن كينونته وتعرض للكثير من الملاحقات والتشرد من قبل سلطة 7 يوليو المستبدة والعدوانية التي لم ترى بالوحدة سوى زيادة في المساحة والنفوذ والثروة. وأثناء تقلده منصب محافظ العاصمة عدن كانت المدينة تعيش أوضاع مأساوية حيث غياب الأمن والاستقرار وهيمنة قانون الغاب فلا يستطيع المواطن أن يتنقل داخل عدن بأمن وأمان فكل شيء مهدم والبلطجية يتجولون في شوارعها ومواطنون لا يستطيعون الذهاب إلى أعمالهم ورواتب موقفة وخدمات أساسية غير متوفرة...الخ. وبذل القائد كل ما في وسعه لتطبيع الحياة في عدن واستعادة دورها وحيويتها وشعر المواطنين بالأمن والأمان وعادوا إلى أعمالهم واستلموا رواتبهم ..الخ ، ونجح في قيادة المحافظة وتعرض لمحاولات اغتيال عديدة نجى منها بأعجوبة ووقف إلى جانبه في تلك الظروف الصعبة كل الشرفاء والمخلصين من أبناء عدن تحديدا ، كما وقف إلى جانبه رفيقه المناضل البطل شلال علي شايع. وصدر قرار رئيس الجمهورية عبدربه منصور بإزاحة القائد من منصب المحافظ فأنتفض شعب الجنوب رجال ونساء رافضين ذلك القرار لا لشيء إلا لكونه صدر بتاريخ 27 أبريل وهو اليوم المشئوم الذي أعلن فيه شن الحرب الظالمة على الجنوب عام 1994م واعتبره الجنوبيون استفزازا لارادتهم . وجاء إعلان عدن التاريخي بعد أن احتشد شعب الجنوب عن بكرة أبيه في ساحة الحرية بخور مكسر لتفويض جيفارا الجنوب قائدا وزعيما ، فأعلن تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي الأعلى الذي استمد قوته القانونية من الإرادة الجمعية لشعب الجنوب ، وعلى المجلس وقيادته بناء علاقات وطيدة مع الدول الخليجية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والدول العربية وكافة بلدان العالم والقبول بالتنوع وتعزيز الديمقراطية والسير بخطى ثابته ومدروسة ومنتظمة الإيقاع تماما كما تم الإعلان عنها في كلمة القائد عصر أمس في مليون أكتوبر حتى تحقيق الجنوبيون أهدافهم وتطلعاتهم العادلة والمشروعة إن شاء الله.