الحرب وجعنا ، وجع اليمنيين وإن فروا من هذه الأرض التي تحولت الى ساحة قتال ، رفض موأطنيها الرحيل والبقاء رغم البارود وأدخنة القذائف ، والصمود في وجه الحرب رغم نيرانها التي أحرقت كل جميل . يتقاتلون ، يجهلون ماذا يترك ذلك القتال من دمار وتخريب ، نيرانهم تحرق كل رائع ، رصاص بنادقهم تقتل الأطفال ، النساء ، الرجال ، الطيور وتترك وجعا ينزف ، حرب طاحنة ، خراب ودمار فقر ومرض وضياع . لم تسلب الحرب اروحا فحسب ، سلبت أمنيات واحلاما وسعادة وفرح ، سلبت كل شيء و إن عاش المواطن اليمني مشتتا ، أكان داخل الوطن او خارجه ، نازحا في أرضه او في أرض أخرى ، الحرب نسفت سعادة اليمنى وأبقته ميتا على قيد الحياة. الفقر والمواطن. الفقر من الأولويات التي خلفتها الحرب الطاحنة مذ أن صفقت بجناحيها في سماء الوطن ، صورة الفقر في اليمن وإن بدت فيها بعض المبالغات من جانب المنظمات الدولية أو غضت السلطات اليمنية الطرف عن توضيح حقيقتها طمعا في المساعدات الدولية, إلا أن ذلك كله لا يغير من حجم الكارثة الإنسانية المحدقة بالفقراء الذين بدؤوا يواجهون الموت جوعا سواء في مناطق أحزمة الفقر والمجاعة, أو في معسكرات النازحين من الحروب, أو عشوائيات الفقر التي تقع تحت أقدام قصور الأغنياء . حيث أوضح تقرير مؤشرات الاقتصاد اليمني الصادر عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي أن 17 مليون نسمة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و20.7 مليون نسمة بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وأشار إلى أن ما يقارب 2.2 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد ، فيما تعاني 1.1 مليون امرأة من سوء التغذية، و2.2 مليون امرأة أو فتاة في سن الإنجاب معرض صحتهن للخطر بسبب سوء التغذية فيما 9.8 مليون نسمة يتهددهم خطر المجاعة والموت جوعا . وصل مؤشر الفقر في اليمن الى أكثر من81% وتقول مؤشرات أخرى 85% من بين 26 مليون نسمة وهو عدد سكان البلاد بحسب أخر تعداد سكاني ،حيث تقول إحصائيات ان أكثر من 80% من سكان اليمن بحاجة ماسة لمساعدات إنسانية. مشاكل كثيرة تقتات من جسد اليمن مما يزيد تكبد المواطن في سبيل البقاء والعيش ومواجهة ضربات تحيل حياة المواطن الى جحيم ، مشردا في وطنه يقاوم الجوع والفقر والموت، حيث تعمل منظمات إنسانية إقليمية ودولية جاهدة في تحسين وضع المواطن اليمني وإنقاذه من الجوع وسوء التغذية ،وتحذيرات هذه المنظمات تدق أجراس الخطر, حيث تشير التقديرات إلى أن عشرة ملايين يمني يتضورون جوعا ويفتحون أفواههم انتظارا لما قد يأتيهم من إغاثات المنظمات الدولية والمحلية ،الحرب فعلت فعلتها وأكملت ماكان ناقصا والمواطن اليمني يقاوم ويلفظ أنفاسه الأخيرة . الصحة وتدهورها وأمراض في ظل الحرب. مرض الدفتيريا هو أخر الأمراض التي عرفها اليمنيين مذ أندلعت الحرب وأتت ضريبة ذلك أنتشر مرض الدفتيريا كثيرا ، صراع ترك وجع ، أسلحة أستخدمت ، خلفت امراض تهدد حياة اليمنيين ، ظهرت أمراض مخيفة زادة وجع بجانب الوضع الأنساني الذي يعيشه اليمني في ظل الحرب . الدفتيريا مرض بكتيري معد، تؤدي الإصابة به إلى التهاب اللوزتين أو البلعوم أو الحنجرة أو الأنف، وقد تسبب الإصابة الوفاة نتيجة انسداد مجرى التنفس، بحسب منظمة الصحة العالمية. ضاق الحال على اليمنيين ، حرب خلفت أمراض لم يعرفها الأنسان اليمني قط ، عاش عصور يبني ويعمر السدود، المدرجات ، الحصون ، القلاع ، بكامل قوته التي ارتسمت على ملامح حضارة لا شبيه لها. كشفت السلطات الصحية في اليمن عن انتشار المرض في محافظة إب جنوبا حيث يتدهور الوضع الإنساني بسبب انعدام الخدمة الصحية في المناطق النائية والمهمشة من البلاد. ايضا 6 حالات وفاة بمرض الدفتيري في محافظة الحديدة التي تعيش وضع إنساني موجع وتدهور صحي مخيف . ومع توقف الرواتب توقف كثير من عمال النظافة عن أعمالهم ، تجمعت القمائم في أوساط المدن مما زاد من تجمع البعوض والحشرات التي أنجبت هذه الأمراض الخبيثة التي تقتل اليمنيين وسط صمت دولي واقليمي ، صعوبة الحصول على مياه نظيفه فاقم ايضا من تفشي الأمراض والأوبيه . ويأتي الكشف عن تفشي الدفتيريا في ظل تواصل تفشي وباء الكوليرا، الذي أودى بحياة أكثر من ألفي شخص وأصاب مئات الآلاف ،والكوليرا مرض قاتل منتشر بشكل واسع في تعزوالحديدة ومناطق أخر تعاني من ويلات الحرب وغياب النظافة وتلوث مياه الشرب في الوقت الذي يشهد القطاع الصحي في اليمن تدهوراً كبيرا تسبب في تفاقم انتشار الأمراض والأوبئة في ظل ندرة الأدوية والمستلزمات الطبية وتضرر أكثر من نصف المؤسسات الصحية أو عجزها عن تقديم الخدمة الطبية بسبب الحرب المستمرة . تكتض المراكز الصحيه بالمرضى حتى باتت لا تستوعب الكثير منهم ، باتوا يفترشون أرضية المستشفيات وماجاورها . يعجز الكثير من المواطنيين شراء الأدوية والذهاب للمراكز والمستشفيات بسبب الظروف المادية الصعبة التي يعيشها المواطن بسب الفقر وأرتفاع الأسعار وتوقف الكثير من أشغالهم مما جعلهم عاجزين عن محاربة هذه الأمراض ، لم يجد اليمني من الوقت مايجعله حريصا على أكتشاف هذه الأمراض ومحاربتها ، أنشغل في البحث عن لقمة العيش الذي بات الحصول عليها صعبا في ظل حربا طاحنة وتوقف الخدمات وكثير من المؤسسات التي كانت تعيل الالاف من اليمنيين التي رحل عدد كبير منهم بسبب الوضع السيئ التي تعيشه البلاد ويتجرع مرارته المواطنيين الذي اصبحوا بلا مصدر دخل يفترشون الجولات والشوارع باحثيين عن مايسدوا رمقهم وأطفالهم ، تفاقمت البطالة وتفاقم معها الجوع والفقر وعدم القدرة على شراء الأدوية ومحاربة الأمراض . تؤكد تقارير أممية حاجة أكثر من 20 مليون يمني، أي أكثر من 70 في المائة من السكان، إلى مساعدات إنسانية عاجلة خصوصا القطاع الصحي الذي بات متدهورا للغاية ، والذي لايقدم للمواطن مايحتاجه صحيا الا بدفعه ثمن باهضا يجعله يستسلم للمرض ويعود لمنزله ينتظر متى تلفظ أنفاسه الأخيرة ويفر من أرض أصبح فيها الرغبة في البقاء باهضة جدا . تكتض المراكز الصحيه بالمرضى حتى باتت لا تستوعب الكثير منهم ، باتوا يفترشون أرضية المستشفيات وماجاورها . التعليم في زمن الحرب جاءت هذه الحرب لتضع مسماراً إضافيّاً في نعش التعليم في اليمن الذي كان يعاني أساساً من عقبات كبيرة، أهمّها تسرب الطلّاب من مدارسهم نتيجة الفقر المدقع الذي يجبرهم على الالتحاق بسوق العمل، أشارت دراسة لليونسكو عام 2015 ان اليمن احتلت المركز الثاني في البلدان العربية من حيث نسبة الأمية التي وصلت الى 30 بالمائة ، وكذلك الازدحام الشديد بعدد الطلّاب في المدارس، ممّا يطيح بأيّ جهود حكوميّة لتحسين التعليم، إضافة إلى البنية التحتيّة الهشّة التي لم تكن جيّدة في الأساس ، أتت الحرب وأكملت ماكان ناقصا. يُعد التعليم من الخدمات الأكثر تضررا في اليمن جراء ما يحدث داخل البلاد من حرب منذ ثلاث سنوات ، حيث قُصفت المدارس والجامعات ،وأضرب الكوادر عن العمل نتيجة توقف صرف الرواتب لهم ، بالاضافة الى رفض معظم الأهالي الذهاب بأطفالهم الى المدارس الواقعة في مناطق الحرب وبعد أن هدم الكثير منها بسبب القصف المستمر على المدارس في المناطق المسيطر عليها من قبل أنصار الله ، و تحول بعضها لمخازن أسلحة، او ثكنات للمسلحين، مما ادى الى تسرب آلاف التلاميذ من آلاف المدارس التي كانت هدفاً مباشرا للمواجهات المسلحة. توقف القلم وأغلق الكتاب مذ أندلعت الحرب الطائشة في البلاد ، أنعدمت المناهج الدراسية وبيع الكثير منها في السوق السوداء، وحرم الطالب منها مجانا في المدارس ،توقف التعليم نهائيا في بعض مناطق الصراع وتحولت المدارس فيها لسكن عسكري، الحالة المادية الصعبة ، والأقتصاد المتدهور وأرتفاع الأسعار والصعوبة في توفير لقمة العيش التي زادت وتيرتها بسبب الحرب ، كل هذا ساهم أيضا في توقف الكثير من الطلاب الذهاب للمدارس ، أنعدام الأمان ايضا وتخوف الأهالي القادرين على تعليم أبناءهم من ذهابهم للمدارس. في مارس 2015، تأثر التعليم في اليمن تأثراً مباشراً حيث يقدر عدد الطلاب الذين لم يتمكنوا من الاستمرار في الدراسة في العام 2015/2016 حوالي 1.8 مليون أي ما يقارب ثلث الطلاب.وحسب تقديرات الأممالمتحدة بلغ عدد المدارس المغلقة بسبب تضررها كلياً وجزئياً بشكل مباشر أكثر او استضافتها للنازحين أكثر من 1100 مدرسة وتعد محافظتا تعز وحجة أكثر المناطق التي تعرضت لتدهور التعليم، حيث توقّف التعليم تماماً في مديريّتي عبس وحرض الحدوديّيتين مع السعوديّة ، حيث أنّ طيران التحالف قصف كلّ المدارس الحكوميّة والخاصّة، وتوقّف التعليم هناك في شكل كلّي منذ العام الماضي .ايضا الصراع المسلّح في تعز تسبّب في إغلاق 468 مدرسة من إجمالي المدارس البالغ عددها 1624، والنتيجة حرمان 250 ألف طالب من التعليم، من إجمالي 800 ألف طالب. يتدهور التعليم في اليمن أكثر فأكثر ومعه ترتفع نسبة الأمية باستمرار وتتفاقم المشاكل التي تساهم في تدهوره كثيرا ، حيث أصبح على وليّ أمر الطالب أن يشتري الكتب المدرسيّة من البائعين في الشوارع بأسعار تصل إلى 400 ريال (دولار ونصف للكتاب الواحد)بينما كان من المفترض ان توفر وزارة التربية والتعليم الكتاب المدرسي مجاناً للطلاب في المدارس ،وفي العام الدراسيّ 2015/2016، غادر 60 ألف طالب المدارس الخاصّة إلى المدارس الحكوميّة الأقل أهتماما بالعملية التعليمية،من أصل 300 ألف طالب. التوظيف والموظف وراتبه الرواتب وترحيل الكثير من الموظفين مع أرتفاع اسعار المواد الغذائية بشكل جنوني وانعدام المشتقات النفطية وغلاء المواصلات وكل مايحتاجة المواطن من الغذاء والدواء والخدمات ، كل هذا كان بمثابة ضربة قسمت ظهر المواطن وسلبت راحته وأستقرارة فلا راتب لمواجة هذا الوضع ولا أمان بحيث يعمل المواطن في عمله وتوفير لقمة عيشه فالحرب دمرت كل شيء وضيقت الخناق على المواطن وجعلته في وضع ضياع وفقر وجوعا وحرما. في 2014 اضطرت الحكومة اليمنية تحت ضغوط من تهاوي أسعار النفط وتراجع إنتاجه محلياً بسبب انفلات الأوضاع الأمنية، إلى تحريك المياه الراكدة في ملف الموظفين الحكوميين والذين يتجاوز عددهم 1.2 مليون شخص،حينها قررت الحكومة إحالة نحو 20 ألفاً من موظفي القطاع الحكومي المدني إلى التقاعد دون توظيف آخرين محلهم في خطوة تهدف إلى توفير مليارات الريالات للخزينة العامة الفارغة،والنتيجة فلا خزينة أحتفظت بها أموال الدولة ولا مواطن عثر على راتبه بين ركام الحرب فكلاهما خاسران خزينة الدولة وجيب المواطن فقط امتلئت أوجاعا وجوعا وضياع . بعد أن تم تسريح الكثير من الموظفين من وظائفهم اضطر الكثير منهم للبحث عن مصادر رزق أخرى ،منهم من فرش بساطات الخضار ومنهم من يبيع ماء متنقلا بين حوالات المدن، ومنهم من عاد للريف لحرث الأرض، وزراعتها، وحرثها ،ورعي الماشية في الجبال، والتجارة بها ،وغيرها من الأشغال التي تسد حاجات المواطن وتوفر قوته بعد أن دقت طبول الحرب وترحل من عمله. حقوق المواطن اليمني على ورق لا واقع لها . يحتفل العالم 10 ديسمبر/كانون الأول، اليوم العالمي لحقوق الإنسان كل عام والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 ، وحين وصل عام 2017 عجز العرب عن الأحتفال بهذا اليوم فهناك أوطان لم يعرفوا حقوقهم قط ، أتت حرب الطغاة لتدمر أوطانهم وتسلب حقوقهم وكأنها تقول( وليذهب الأنسان وحقوقه الى الجحيم )هي لغة الحرب ومن يستلذونها ونيرانها الخبيثة . تعيش اليمن اسوء مرحلة من مراحل التاريخ ، حيث بات التحدث عن حقوق الأنسان ممل فلاجدوى من حديث ليس له واقعا ، فلا حقوق في ظل حرب شعواء لاتعرف إنسانية ولا حقوق ، تحقق أهدافها فقط. وضع حقوق الإنسان في اليمن متدني إلى حد بعيد . في السنوات الأخيرة كان هناك بعض التحسن، وقعت الحكومة العديد من معاهدات حقوق الإنسان لكنها لم تعرف طريقا للواقع حتى التي كانت تشغل منصب وزيرة حقوق الإنسان في اليمن باتت لاجئة سياسية في ألمانيا، صادفها احد الناشطين هناك تعمل معلمة للاجئين من أجل العيش بسلام ، الكثير من الانتهاكات متفشية ، و خاصة في مجالات حقوق المرأة و حرية الصحافة ، التعذيب ممارس العديد من الاعتقالات التعسفية للمواطنين، وكذلك حملات التفتيش التعسفية للمنازل ، حرية التعبير ، مطاردت حقوقين ، حيث يتعرض الناشطون والمدافعون عن حقوق الانسان للمضايقات والمداهمات والسجن والتعذيب وغيرها من صنوف الانتهاكات فقط الدفاع عن الحقوق والحريات وفضح مرتكبيها ، إذ يعد الاعتداء عليهم إنتهاك صارخ لحقوق التعبير وتقيد الحريات. الحصار يعد انتهاكا صارخا لحقوق الأنسان، منع وصول الماء والدواء للمواطنيين انتهاكا ايضا ، ملاحقة الصحفيين وسجنهم وتعذيبهم ومطاردتهم تعدي على حقهم في حرية الرأي والتعبير ، أما أن تكون معي او تباد انتهاكا صارخا للحريات ، هدم منازل المواطنين وتهجيرهم من مدنهم وقراهم ونهب ممتلكاتهم وأموالهم لا وجود للحقوق أطلاقا. ليت الأطراف المتصارعة تدرك ماتتركه نيرانهم ، ليتها تدرك ، فقد تقرر ترك السلاح والعودة لسلام والعيش بأمان .