قد نعني هنا إذا ما افترضنا بعض التساؤلات حول عنوان المقال؟ التحالف العربي مجازا الذي اعتمد على مثل تلك القيادات الغير ناضجة كي يسلمها السلطة في المناطق المحررة بل أقول إن تطور الأحداث قد كشف لنا في المواجهات الأخيرة بين الانتقالي والشرعية مدى هشاشة التحالف بينهما سابقا في الحرب على الانقلابيين في صنعاء وحقيقة الأمر أن الكل كان ينوي سوءا وتربصا بالآخر سرعان ما بدأ يظهر في تعقب الآخر لإفشاله والمزايدة عليه واستنقاصه ومحاولة إقصائه أو تهميش دوره فالانتقالي ينفي وطنية قيادات الشرعية من انتمائها للجنوب والشرعية تنفي استحقاقات الانتقالي في النضال والسلطة والحكم، وكل هذا لا لكون الأول جنوبيا دون الآخر ولا لكون الآخر يوزع الاستحقاقات على أساس الكفاءة أو الوطنية أبداً، بل لا يرتبط الصراع الحالي بوحدة اليمن من عدمه بتاتا والتاريخ يقول لنا إنه كلما وصل مكون للسلطة من إحدى المنطقتين (أبين الضالع) سيحصل الصراع على السلطة وهذا المنطق لمن درس تاريخ الجنوب السياسي وصراعاته على السلطة يكون حتمي الحدوث. المشكلة أن هذا المنطق المريض وهذا التصرف الغبي من قبل الفريقين المتصارعين على السلطة اليوم يدفع بهما نحو الظن أن استحواذهما على السلطة أو صراعهما عليها يثبّت لهما استحقاقات تقاسم السلطة على الأساس المناطقي القديم الذي جاء بعد جلاء الاستعمار البريطاني من عدن وكأنهم يقولون لنا إن الجنوب لا يجوز حكمه اليوم إلا من هاتين المنطقتين (أبين ممثلة بالشرعية الضالع ممثلة بالمجلس الانتقالي) وهو كما كان في الماضي وعلى هذا المنطق كان ويكون الصراع في الجنوب ويكون كذلك الحكم ومن يشكك في هذا فليرجع إلى تاريخ الصراع في الجنوب، وما ابن دغر أو حزب الإصلاح أو علي محسن أو طارق محمد أو حتى الشمال إلا شماعة للوصول للسلطة مع كامل معرفتنا وقناعتنا بفساد كل المذكورين. الأحداث الأخيرة في جنوباليمن بين المجلس الانتقالي وحكومة الشرعية لم تكن غريبة أو مفاجئة للمتابع أو حتى للإنسان البسيط الذي لا يهتم بالسياسة لكنه تأثر من أخطاء السلطة مؤخرا وظل يكتوي بتصرفات تلك القيادات السيئة التي ما انفكت بعقليتها المناطقية والقروية تكرر مشهد الصراع في الجنوب كلما سنحت لها الفرصة ونعني كل القيادات السياسية (قيادات الشرعية قيادات الانتقالي) إذا جاز التعبير عنها بكلمة "قيادات سياسية" فتلك القيادات التي جاءت للسلطة عقب التحرير كانت في كل الأوقات أنانية ولا تفكر في حال الأوضاع المعيشية المتردية في تلك المناطق التي تسيطر عليها وكانت وما زالت - وهذا رأيي- العقبة الكبيرة أمام استتباب الأمن وتحسين الخدمات بل الجواد الخاسر للتحالف العربي ولم يكن راهنه عليها في صناعة النصر وإنهاء الحرب في اليمن صحيحا أو موفقا وسيتذكر التحالف العربي هذا بعد خراب مالطة كما يُقال في المثل. التحالف العربي لا شك أنه علم تاريخ الجنوب تماما لكنه لم يدرسه ويفهمه بعمق ولو كان كذلك لتجاوز أخطاء الاتحاد السوفيتي عندما قرر دعم القيادات التي حكمت الجنوب بنفس المنطق التوافقي والمناطقي والسماح لقياداته بالصراع كل عدة سنوات مكتفيا بهيمنة الايدولوجيا الاشتراكية على المشهد السياسي في البلاد وتبعية تلك القيادات المطلقة له وهذا بالطبع مع الفوارق الكبيرة والعديدة بين الاتحاد السوفيتي والتحالف العربي الذي قرر دعم عدة أطراف مختلفة يجمعها فقط التبعية لأحد الطرفين ووجه التشابه بين الاتحاد السوفيتي والتحالف العربي دعم قيادات الجنوب المريضة بالماضي لإيصالها فقط للسلطة من أجل خدمت مصالحه دون محاسبتها على الفساد أو منعها من جر البلاد نحو الصراع على السلطة مناطقي وهو ما نستطيع توصيفه تماما في حال ما إذا نظرنا إلى تقسيم الأدوار بين قوى التحالف أما إذا افترضنا الخلاف بين تلك القوى المتصارعة كنتيجة لخلافٍ بين دول التحالف العربي نفسها وهو ما يرجحه الكثير من المتابعين وأنا واحد منهم فالحسبة ستكون مختلفة تماما والتفسير لكل المشهد سيكون كذلك. ومع كلتا النظرتين نجد أن الصراع حتمي وسياسة التحالف العربي لم تكن دقيقة وعميقة في فهم المشهد الجنوبي بل كانت سطحية اعتمدت بالأساس الأول على القوة لا العقل على المال لا الإقناع فكان اعتماده -أي التحالف العربي- على تلك القيادات بهذا المنطق ثم عدم مراقبتها خطأ استراتيجيا ارتكبه التحالف وكلفه وسيكلفه ثمنا باهظا. المشهد الجنوبي اليوم بالمختصر يتكون من المجلس الانتقالي (الإمارات) الشرعية وحكومة الشرعية (السعودية) – (الاتحاد السوفيتي) = (13/يناير/1986) هذا الطرح بالتأكيد لن يقبله المعنيون والحالمون (المغفلون) لكنه واقع لا يقبل التشكيك أو القسمة وسواء انتهت الاشتباكات الأخيرة أم عادت للمشهد ثانية فإن صيرورة الصراع وحتميته واقعة بين الفريقين رغم أنف الحالمين والمكابرين والأيام ستثبت هذا الطرح. الشرعية - وأعني القسم الجنوبي منها- ستظل في الأيام القادمة بفسادها أي ترتب أوراقها بتوظيف من تبقى أبناء قبيلتها دون مراقبة السعودية لها كما حصل دائما ولو قالوا غير ذلك قلنا لهم انظروا إلى كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها جامعة عدن ستجدون هذا دليلا واضحا على فساد عقلية الشرعية وانحباسها داخل العقلية القديمة المريضة من خلال تغيير هذا الصرح العلمي إلى وكر خاص لجماعة الرئيس فكيف إذا نظرنا إلى مؤسسات الدولة الأخرى وهي ليست صروحا علمية!. المجلس الانتقالي سيظل في الأيام القادمة يزايد بالقضية الجنوبية ويدعي كذبا وصاله لها حتى يصل إلى القسم المفضل لديه وهو القسم الأحمر (لون الدم) ولو أنكروا ذلك فمشهد اليوم خير دليل على إثبات ذلك وستظل الإمارات داعمة له كما حصل دائما وإن كان دعمها له يعني تناقضها حول شرعية دخولها الحرب ضد انقلاب الحوثيين على الشرعية، ودعمها المجلس الانتقالي اليوم للانقلاب على الشرعية ذاتها.