هذه السطور أُسجلها وأبعث بها للشهداء من أبناء عدن والذين سقطوا في يوماً أسميته ملحمة عدن, ملحمة التغيير التي رويت بدماء شباب عدن الأبطال. لم يدر في خلد أحداً منهم بأنه سوف يسبق أخوانه إلى جنة الخُلد بعد أن روى بدمه الطاهر أرض المعلا وخور مكسر والمنصورة, أرض عدن الطاهرة. كانوا أولئك الشباب مثل غيرهم من الشباب لا يتمنون غير أن يعيشوا حياة كريمة عزيزة, لا يتمنون غير الوصول إلى طموح الشباب في التعليم والعمل والبناء. عندما نرجع إلى الوراء ونتذكرهم, نتذكر أصواتهم وهم يناجم بعضهم البعض من أجل مباراة كرة القدم وأن فريقه سوف يفوز اليوم, عندما نتذكر أولئك الصفوة من شباب عدن, نتذكر تلك الإبتسامات والضحكات التي كانت تملئ تلك الأركان من شوارع المعلا وخورمكسر والمنصورة وكل شارع سقط فيه شهيد من أبناء عدن وفي عيونهم حلم التغيير في يوماً ما.
كثيرة هي تلك المواقف التي نتذكر بها أولئك الشباب ونتذكر تلك الأيام التي قضوها بمعية أصدقائهم وأحبابهم في كل ركن من أركان شوارع عدن الحبيبة, حتى جاء ذلك اليوم الذي سطر فيها أولئك الأحباب من شباب عدن, ذلك الجيل الفريد الذي سطر تاريخ فريد من نوعه, تاريخ ستذكره الأجيال المتعاقبة من أبناء عدن وهم يقفون عُراة مكشوفة صدورهم أمام فوهات الرشاشات ومدافع العسكر, لا يطلبون شيئاً شخصياً لأنفسهم, بل يطالبون بحياة كريمة وعزيزة لهم ولجيلهم وللأجيال القادمة ليعيشوا بعزة وكرامة, ولكن قبل أن يأتي ذلك اليوم, سبقتهم إليه تلك الرصاصات الغادرة وهم يصرخون بمل أفوائهم نعم لحياة أفضل. سبقتهم تلك الرصاصات الغادرة وهم يحاولون إنقاذ أخوانهم من الجرحى في شوارع عدن, سبقتهم تلك الرصاصات الغادرة ونصب عيونهم تنظر إلى المستقبل الجميل الذي طالما حلموا به. أكتب هذه السطور وأقول لكل شهيد مات على أرض عدن الطاهرة, دمكم لن يذهب هدراً وبأن أخوانكم سوف يواصلون المسيرة من بعدكم حتى يأتي ذلك اليوم المنشود الذي حلمتوا به معاً يوماً ما.
أحني رأسي لهم وأقول بكل فخر بأنكم أنتم أيها الصفوة من جيل أبناء عدن علمتمونا الرجولة والفداء, أحني رأسي لهم وأقول بكل فخر أنتم من سطرتم حروف التاريخ بدمائكم الزكية, تاريخ سوف تذكره الأجيال من بعدكم, أحني رأسي بإجلال لكل شهيداً سقط على أرض عدن الطاهرة ليسعد من بعده من الشباب, وأحني رأسي لكل الشباب الذي يطالب بالتغيير وأقول لهم بكل فخر أنتم قادتنا, وسأفتخر بكم دائماً عندما سيكون شرف الريادة لكم لتقودوا هذه البلاد إلى مستقبل طالما حلمتوا به مع أخوانكم من الشهداء والذين سقطوا بين أيديكم.
أبعث لكم ولكل أبناء عدن هذه القصيدة الثائرة لشاعر عدن الأديب والأستاذ علي محمد لقمان أبعثها لأبناء مدينتي عدن وهم في ساحة الحرية والعزة والوفاء يضحون بحياتهم, لأجل غداً أفضل لنا ولأولادنا حيث يقول الشاعر:
أغلى من الجوهر والعسجد حرية الكاتب والشاعر! مطلعها من مشرق الفرقد مطلع نور كاسح قاهر!
لا يحمل القيد سوى خامل دنياه لا تعرف غير الظلام! جناية الجهل على الجاهل ونكبة للعقل بين الأنام
لا ينزل التاريخ إلا بطل يكتب للتاريخ ما يكتب في معرك الحرية المشتعل لا يلتوي فارسه الأشهب
يأبى على النفس القيود الضخام ويعشق الحرية الغالية ويكسر القيد بحد الحسام فالقيد حظ الأنفس البالية
ويركب الوعر إلى المطلب ما أروع المطلب والمطعما! يمتهن الأشواك في المركب ويسحق العاصف والزعزعا
ديدنه حرية مطلقه من ظلمة الجهل وشر الضلال يؤذيه أن تنتشر الزندقه والكذب المذموم بين الرجال
يحلوا له أن لا يصيب الرقاد حتى يرى أمته منعمه ما أشرف الحياة بعزةً وجهاداً إن كانت الحرية المغنمه
ما قيمة الدنيا إذا لم نسر فيها مع الأحرار في موكب فلتعلم الأيام أنّا بشر وأننا نسعى إلى مطلب