قال تعالى في سورة يونس الآية 92 مخاطبا طاغية عصره فرعون .{فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ }
نعم, اليوم يعيد التاريخ نفسه ويُنجي الله فرعون هذا العصر ليكُون أية لمن سوف يأتي من الأجيال, نعم, سيبقى الحادي عشر من فبراير 2011م, ذكرى خالدة للأجيال القادمة في قاهرة المُعز, وذكرى خالدة لشُهداء مصرنا الحبيبة الذين ضربوا أروع الأمثال في التضحية. اليوم سوف ترتاح تلك الأرواح البريئة التي زُهقت لوطننا مصر الحبيبة لتضئ شمعة الحُرية في نفق الظلام. اليوم سوف يتذكر كل طفل, كل شاب, كل رجل, كل إمراة, وكل شابة هذا التاريخ الذي سطروه في ميدان التحرير (ميدان الشُهداء), شُهداء الخامس والعشرين من يناير 2011م, وحصلوا به على حُريتهم, والحرية للأجيال القادمة.
سوف يتذكرون ونتذكر معهم كل لحظة من تلك اللحظات التاريخية في ذلك الميدان, في ساحة الأغر, وسط قاهرة المُعز, سنتذكر الأطفال الرُضع في أحضان أُمهاتهم وهم ينتظرون ساعة الفرج والحرية, حتى يشهد التاريخ لهم ويخط بحروف من ذهب بأن أولئك الرُضع كان لهم السبق بتسليم راية الحرية والنصر لجيلهم وجيل من سيأتي من بعدهم. سوف نتذكر ذلك الزواج الميمون لفتحي عمر وإيمان عبد القادر في أكبر عُرس تاريخي شهده ذلك الميدان وكان ضيوفه شعب مصر والعالم أجمع, وسيولد من رحم تلك العروس جيل فريد حُر, سيتذكر مع أبناء جيله تضحيات والديه وكل من شهدوا يوماً قران والديه.
سنتذكر تلك الآهات والبكاء في عيون أولئك الذين طالما تتوقوا لحين ساعة الحرية لهم ولأولادهم, سنتذكر تلك الضحكات والإبتسامات على شفاه أولئك الذين طالما وهم مُحلقون حول مواقد النار في ليلة شتاء باردة, وبريق الأمل يملئ عيونهم. سنتذكر كل أولئك الثوار وهم يتقاسمون رغيف الخبز الحاف فيما بينهم, سنتذكر كل تلك الصيحات والأهازيج والشعارات وهي تخرج من تلك الحناجر الشاحبة. سنتذكر كل لحظة حُزن وفرح في ليالي التحرير, سيتذكر وسنتذكر نحن وهم, كل ركعة صلاة في حرم تلك الساحة, وكل قُداس مسيحي على بساط تلك الباحة, سنتذكر كل تلك الدعوات والصلوات التي خرجت من قلوب أولئك الشرفاء والتي أستجاب لها العزيز الجبار في هذا اليوم التاريخي, ليسقط فرعون هذا العصر وليقول له مثلما قال لسلفه: