ورشة حول الصحة والسلامة المهنية بصنعاء    الرئيس الصومالي يدلي بتصريحات تدين الاعتراف الصهيوني    ميلان يقسو على فيرونا بثلاثية ويعتلي صدارة "الكالتشيو" مؤقتاً    البحسني ينعي 5 شهداء من جنود قوات النخبة الحضرمية    أمين العاصمة يتفقد أعمال صيانة شارع سبأ بمشاركة مجتمعية    المجلس الإسلامي العلوي: سلطة الأمر الواقع كشفت حقيقتها القمعية    خفر السواحل تحذر من السباحة قبالة سواحل عدن وأبين وشبوة    المحرّمي يطّلع على سير العمل في المؤسسة العامة للاتصالات وخططها المستقبلية    تحت شعار الهوية والانتماء.. جامعة صنعاء تُحيي ذكرى "جمعة رجب"    غزة في 80 يوماً من "الهدنة": 969 خرقاً صهيونيا و418 شهيداً وتعميق للمجاعة    صنعاء.. صدور حكم استئنافي في قضية الصحفي محمد المياحي    صنعاء: المكاتب التنفيذية تُحيي ذكرى "جمعة رجب"    الصين: تأسيس أكثر من مليون شركة جديدة في 11 شهرا    هل بات قادة اوروبا يخشون "سلام ترامب" في أوكرانيا؟!    اليمن بين ثبات النهج ومنزلق الارتهان: قراءة في ميزان السيادة والهوية    نيجيريا تسقط تونس في مباراة مثيرة وتبلغ ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا    صحيفة فرنسية: غارات جوية وأزمة إنسانية.. لماذا تصاعدت التوترات فجأة في اليمن ؟!    هروب    الاعتراف الإسرائيلي بالصومال خطر يهدد الجنوب العربي وخليج عدن    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    هؤلاء هم أبطال حضرموت قيادات صنعت المجد وقهرت الإرهاب    يتباكون على ثروات الجنوب.. فضائح نهب النفط والمعادن في حضرموت نموذجًا    رشاد العليمي يسهل لنجله عبدالحافظ سرقة نفط حضرموت    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية في «كأس أمم إفريقيا»    في صنعاء.. هل ابتلعنا "الثقب الأسود" جميعًا؟    الصحفي المهتم بقضايا الناس وانشطة الصحافة الثقافية عبدالعزيز الويز    قراءة تحليلية لنص «صدمة استقبلتها بقهقهة» ل"أحمد سيف حاشد"    الأحزاب تثمن استجابة التحالف لطلب القيادة اليمنية وترحب برسالة وزير الدفاع السعودي    دوري روشن السعودي: اتحاد جدة يهزم الشباب بثنائية نظيفة    ضبط مصفاة نفط جديدة غير قانونية لمتنفذ يمني في خشعة حضرموت    اكتشاف آثار حضارة متطورة في باكستان    ضربة بداية منافسات بطولة كأس العالم للشطرنج السريع والخاطف قطر 2025    الافراج عن اكبر دفعة سجناء بالحديدة تنفيذا لتوجيهات قائد الثورة    اتحاد حضرموت بحافظ على صدارة المجموعة الثانية بدوري الدرجة الثانية    مأرب تحتفي بتخريج 1301 حافظًا وحافظة في مهرجان العطاء القرآني    القيادة التنفيذية العُليا تناقش الجهود المبذولة لتأمين الخدمات للمواطنين ومراقبة أسعار الصرف    الأرصاد يخفض التحذير إلى تنبيه ويتوقع تحسناً طفيفاً وتدريجياً في درجات الحرارة    ما علاقة ضوء الشمس بداء السكري.. نصيحة للمصابين    الدولار الأمريكي يترنح في أسوأ أداء أسبوعي منذ شهور    قرقاش يدعو إلى تغليب الحوار والحلول المتزنة كأساس للاستقرار الإقليمي    إنجاز 5 آلاف معاملة في أسبوع.. كيف سهلت شرطة المرور إجراءات المواطنين؟    خبير طقس يتوقع ارتفاع الرطوبة ويستبعد حدوث الصقيع    العطاس: نخب اليمن واللطميات المبالغ فيها بشأن حضرموت"    المغرب يتعثر أمام مالي في كأس أمم إفريقيا 2025    جُمعة رجب.. حين أشرق فجر اليمن الإيماني    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    ريال مدريد يدرس طلب تعويضات ضخمة من برشلونة    صنعاء توجه بتخصيص باصات للنساء وسط انتقادات ورفض ناشطين    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جريمة سعادة
نشر في عدن الغد يوم 18 - 02 - 2018

يقف ومن خلفه أبراج شاهقة العلو فيلتقط صورة سيلفي للذكرى وينشرها, أو تجلس في مقهى برفقة صديقاتها وأكواب القهوة وصحون الحلوى تملئ الطاولة وتنشر الصورة هي الأخرى على وسيلة اجتماعية, أو يكتب آخر ما حدث في تفاصيل يومه السار ليشاركه الأصدقاء بكل بساطة, يبدو هؤلاء الأشخاص سعداء لوهلة أو هكذا تبدو الصور أمام من يشاهدها أو يقرأ لهم.
وأنت خارج اليمن وفي ظروف الحرب هذه, إن أظهرت سعادتك أو لحظة فرح واحدة ستكون ارتكبت جُرم يفوق جرائم السماء والأرض التي تنهال على الآمنين في الداخل, أنت حصلت على فرصة للخروج أو اللجوء أو سمها ما شئت, تفعل ما أردت وتفرح وقتما شئت وتتنقّل في الوقت الذي يناسبك وتلتقط الصور التي تريد, بينما أنا حبيس جدران عالية لا يواسيني في محنتي وألمي أحد, وتعاستي تزداد يوماً بعد آخر, أنا فقط من يحق لي أن أسعد وأفرح متى ما أتيحت الفرصة. كان ذلك حديث العقل الباطن لشخص يسكن بجسده في الداخل, يعبر
عن سخطه بصمت وأحياناً بصوت مسموع.
المشاهد المذكورة قد تكون محرّمة على من وجد فرصة الخروج بالنسبة لمن لم يجدها, يتراءى له أن هذا الشخص يعيش بسعادة مطلقة طوال أيام خروجه تلك أو بالأصح هروبه للنجاة بحياته, فهو يجب أن يظل تعيس صامت حتى لا يجرح مشاعر من هم في الداخل, لاعتقاد خاطئ في أذهانهم أنه يعيش برفاهية وترف كما يعيش لصوص الحرب, رغم أن السعادة التي اختطف حظه منها ربما صادفت لحظة نادرة تستحق الاحتفاء والمشاركة مع الأصدقاء.
حقيقةً لا يُلام من يفكر بهذه الطريقة, فلا الظروف الصعبة أو السيئة التي مر ومازال يمر بها داخل البلاد يمكن أن تصف حاله وإن دوّنت لعقود من الزمن. بالمقابل فحال من خرج أيضاً لا يقل سوءاً عن غيره, فهو يتضامن ويعيش كل لحظة حزن مع أحبته وأهله في الداخل, بل إن البعض يرتدي السواد معاهداً نفسه بعدم ارتداء غيره إلا بعد انقشاع غمامة الحرب, وكان هذا سبباً أيضاً لجعل قريبتي تصوم بالأشهر على أمل أن تنتهي الحرب وتعود إلى بيتها.
قد تبدو الحياة خارج اليمن فارهة وصاخبة لكنها أيضاً قاتمة وباردة, فهي لا توازي لحظة الشعور بأنك في وطنك الأم بدون أن يستوقفك أحد بسبب جواز سفرك المنبوذ, ولا ضوء سعادة وهو يخترق عتمتك وأنت بحضرة الأهل والأصدقاء هناك, أو لحظة كوميدية أثناء تزاحمك مع الناس على "شبس" الهناء في كريتر بعدن, أو وقفة على شارع التحرير المزدحم بصنعاء مع كوب شاي ورقي وتصفح الكتب المهترئة على الأرصفة .. كل هذا لا يوازي شيء وأنت في حالة ارتياب وقلق دائمين من هواجس الموت التي قد تتربص بعزيز قلبٍ عليك, أو حالك كمتشرد ينتظر لحظة الخلاص من معاناته.
في الحياة تناقضات كثيرة يصعب فهمها, في مقابل كل لحظة ألم ستجد لحظة سعادة, وأنت كشخص وجدت الفرصة لأن تخرج وتعيش حياة أفضل ناجياً بحياتك, ارتأيت أن تشارك سعادتك وأن تكون مصدر فرح لا حزن يضاعف الحزن الموجود, فأنت تبحث عن السعادة لا على سبيل الاستعراض بل للمشاركة, من قبيل أن مظاهر الابتهاج لا تكبر إلا بها أي بالمشاركة, والحياة أقصر من أن تهدر على أسى أو وجع .. فسعادتك المؤقتة ربما, ليست جريمة يجب أن تبررها أو تتحفظ عن مشاركتها, بل انشرها وكن أحد شعاراتها, وهي كما قال أحد الحكماء: "انشر السعادة لأنها الشيء الوحيد الذي يمكن أن تقدمه للآخرين دون أن تملكه".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.