تناول الكاتب والمحلل السياسي محمد جميح موضوع الخلافات البينية في المجتمعات العربية باسلوب ثاقب وبعد نظر يسبر اغوار التنافر المبني على اوهام لاعلاقة لها بالواقع المعاش...فقال: لو نظر اليمنيون إلى الخطر الكبير المحدق باليمن اليوم لتضاءلت صراعاتهم أمامه... لو نظر العرب اليوم إلى الخطر الكوني المحيط بهم، لتلاشت خلافاتهم إزاءه. خلافات اليمنيين اليوم ما بين حراك وإصلاح وحوثي ومؤتمر ومجلس انتقالي وحماية رئاسية وشماليين وجنوبيين وزيدية وشافعية وحاشد وبكيل وأبين والضالع أشبه ما تكون بخلافات أطفال صغار على لعبة في فناء منزل مهدم ومهجور. وحاول "جميح" جاهدا في تناولته تلك ان يرتقي بالفكر العربي لينظر الانسان العربي الى أبعد من قدميه ان كان يريد الخروج من شرنقة الانغلاق والتقوقع..فقال: عندما نرتفع وننظر بعين الصقر نرى خلافات الإمارات والشرعية اليمنية وخلافات مصر والسودان والمغرب والجزائر وخلافات قطر مع دول الخليج ومصر نراها كخطوط باهتة على رمال صحرائنا العربية التي شهدت مواجيد أشواقنا وسجلت حُداءنا الشجي خلف قوافلنا المحملة بكفاحنا ودمنا والدموع. كل تلك الخلافات يمكن حلها لو ندرك حجم الخطر الوجودي الذي يتهدد العرب وثقافتهم ونسيجهم الاجتماعي ذلك الخطر الذي تشترك فيه قوى إقليمية ودولية عدة هي التي تغذي هذه الخلافات وتلك الصراعات بين أبناء الثقافة الواحدة واللغة الواحدة والأراضي المتصلة والمصير المشترك. وأوضح سبب تلك الصراعات العقيمة وكيف تدخلنا في متاهات الوهم فقال: لقد وقعنا في متاهة عظيمة يتصور فيها الأخ أن مصلحته لن تتحقق إذا تحققت مصلحة أخيه...! وأن لذته لن تكون إلا بآلام شقيقه...! وأن بناء بيته لن يتم إلا على أنقاض بيت ابن أمه وأبيه...! وقد شُغل كلٌ عربي بطَلَلِه فلم يعد لديه الوقت للبكاء على أطلال إخوانه...! والمأساة أن الذي جعل عربياً يبكي على طلله هو ذاته الذي يرى فيه عربيٌ آخر بانياً لأطلاله وخرائبه ومدافعاً عنها...!. وتمنى عبر تنهيدة ال( آآه) ان لو: يخرج العرب من هذه الدائرة اللعينة...! لو يعرف العرب قيمة هذه الأرض...! لو يمعنون النظر في كنوز تراثهم المعرفي والحضاري...! لو يقدرون القيمة الرسالية لهم كأمة...! لو يدركون قوة الإسلام الروحية التي بعثت فيهم الحياة قديماً...! لو فقط يعرفون كم بين أيديهم من عوامل قوة حولوها بفعل قلة بصيرتهم إلى عوامل ضعف وتفرق واحتراب...! وعبر عن تجليات نفسه ككاتب عربي تجاه مايجري من انقسامات ماينبغي لها ان ان تسود فقال: ينظر الكاتب العربي اليوم بقلب مكلوم وهو يلحظ عمق الانقسامات بين اليمنيين بين السوريين بين الليبيين بين العرب وهي خلافات سياسية تافهة في مقابل المشتركات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والدينية بين أبناء تلك الأرض الممتدة من الماء إلى الماء... من الحلم إلى الحلم... من النبي إلى النبي... تلك الأرض الممتدة من الأرض إلى السماء... تلك رؤية الكاتب للسائد العربي المرتهن للهواجس الوهمية ، وكيفية تجاوزها ان كانت النخب العربية اناس يرعوون.