ذهب الذين أحبهم قلبي .. وبقيت وحدي كالسيف فردا ذهب الطيبون, ترجلوا عن جواد الحياة, ومضوا إلي حيث سنكون جميعاً, تواروا خلف الأجداث وتحت التراب,تساطقوا كأوراق الخريف من عالمنا,وتركونا نعاقر الحزن, ونتجرع المرار, ونحتسي الألم.. مضوا الواحد تلوا الآخر, ورحلوا تباعاً بعد أن شاء الله لهم ذلك, رحلوا عنوة ودون أن نودعهم أو نلثم جباههم في حياتهم (بقبلات) الحب والإحترام والتقدير, ولعل الأمل كان يحذونا في أن تجمع الأيام والأقدار بيننا, إلا أن (المنية) لاتنتظر وكانت أقرب إليهم منا.. ترجل اليوم عن عالمنا وحياتنا وواقعنا المؤلم والممل فارسٌ من فرسان النضال الثوري, ورجل من رجال الخير والصلاح والعمل والمهام الصعبة, ترجل من كنا نعول عليه الكثير, ونلقي على عاتقة الكثير من المهام لينجزها ولم يخيب ظننا (قط).. ترجل المناضل الجسور/ حسين العولقي بصمت قاتل وهدوء كانت عاصفته وخبره أشد ألماً ووقعاً في دواخلنا من وقع الحسام المسموم,وترك في دواخلنا (شرخاً) كالأخدود, وجرحاً (غائراً) ستنكيه لحظات الشوق والحنين والذكرى الجميلة التي خلدها لنا حين كنا فينا ومنا.. اليوم مضى العولقي ليلحق بركب من سبقوه من الخيرين والرجال الأفذاذ ليخلفوا لنا (تركة) من الأوجاع ونصيباً من الأحزان التي توالت علينا وتعاقبت منذ رحيلهم, وأبت أن تشد رحالها أو تمضي في سبيلها.. اليوم ساد الحزن وعم الوجع, وتملكنا الأنين والقهر والإنسحاق, ورسمت الفاجعة علامات الإقامة الجبرية على ملامحنا لتجبرنا أن نذرف دموع الألم والشوق والحنين لرجلاً سيختفي عن وجودنا وعالمنا إلى الأبد.. اليوم حُزننا أبلغ من أي كلمات, وصدمتنا أعظم من أي عبارات, ومصابنا جلل, وخطبنا عظيم, اليوم فتلتبك البواكي وليذرفنا الدموع, وليرتدين السواد.. سأكتفي أيها الراحل, وسألزم الصمت,فأناملي (ثكلى), وكلماتي (قاصرة) وقلمي جف (حبره)ووجعي لايتسع له الكون الفسيح, وسأدع الصمت القاتل يسري في دواخلي وأتخذ من وحدتي وانزوائي ملاذاً علي أخفي دموعي عن الآخرين, وعلي أغدوا كالأطفال وأنتحب بصوت مرتفع..