شهدت خطة الهند لزيادة وجودها البحري في المحيط الهندي تراجعاً في الآونة الأخيرة؛ بسبب المشاكل التي تواجه عزمها بناء منشآت عسكرية في جمهورية سيشل. وكانت سيشل، وهي عبارة عن أرخبيل (مجموعة جزر) يضم 115 جزيرة، محط تركيز الهند؛ بسبب موقعها الاستراتيجي في المحيط الهندي، قد وافقت مبدئياً على السماح للهند ببناء مهبط للطائرات. وفي شهر يناير، وقعت الدولتان بالفعل اتفاقية لمدة 20 عاماً لبناء مهبط للطائرات ومرفأ لأسطولها الحربي على «جزيرة أسامبشن». غير أن هذه الخطة تواجه الآن مشاكل بعد أن منعت المعارضة السياسية جهود الحزب الحاكم للتصديق على الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الحكومتين. وقالت المعارضة، التي تتمتع بالأغلبية في الجمعية الوطنية، والتي يتعين عليها التصديق على الاتفاق، إن سيشل لا تريد أن تكون عالقة في المواجهة بين الهندوالصين، حيث تصطدم الدولتان من أجل النفوذ في المحيط الهندي، وهي منطقة تعتبرها الهند الفناء الخلفي لها. وهذا الأسبوع، أعلنت أحزاب المعارضة في الدولة أن الاتفاق يعتبر «لاغياً» في ظل الاحتجاجات العامة؛ لأن هناك احتمالات أن تنجرف سيشل في صراع إقليمي بين الهندوالصين. وفي وقت سابق، حاولت الصين أيضاً، إقامة قاعدة في سيشل ولكنها فشلت. ومع ذلك، فإن القاعدة في سيشل بالنسبة للهند ستمنحها عمقاً استراتيجياً في المحيط الهندي وكذلك امتداداً أكبر في جهود المراقبة التي تبذلها. وبالفعل تقوم الهند ببناء نظام رادار في سيشل كجزء من جهودها الرامية إلى إعادة تأكيد وجودها في المحيط الهندي. ويأمل رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي أن يعزز الوجود الهندي في المحيط الهندي. وفي إطار هذا الجهد، كان «مودي» هو أول رئيس وزراء في أكثر من عقدين من الزمان يزور سيشل في عام 2015. وخلال هذه الزيارة، قام مودي بافتتاح أول محطة من محطات الرادار الثمانية التي ستشكل «نظام الرادار لمراقبة الساحل»، والذي ستديره سيشل، لكنه أيضاً سيعطي الهند إمكانية للقيام بتحركات أكبر في مساحة شاسعة من المحيط الهندي. وقد حظي الاتفاق باهتمام الرأي العام بعد الكشف عن تفاصيل الاتفاقية السرية، التي وقعتها الهند وسيشل، من خلال عرض فيديو يتضمن موقع المنشآت المقترحة على اليوتيوب. ترى الهند أن وجود الصين المتزايد بشكل خاص في الدول المجاورة لها، باكستان وبوتان ونيبال وسريلانكا والمالديف، «كعقد من اللؤلؤ» الذي يطوق الهند. بيد أن الصينيين قاموا بزيادة وجودهم في المحيط الهندي بشكل عدواني من خلال مغازلة دول المحيط الهندي وضخ المليارات من الدولارات في مشروعات البنية التحتية مثل بناء «ميناء هامبانتوتا» في سريلانكا. كان مشروع تطوير الميناء قد عُرض على الهند أولاً، لكنه لم يحظ باهتمام الشركات الهندية. وقبل بضع سنوات، احتجت الهند بشدة على إرساء سفينتين صينيتين في سريلانكا. ومع ذلك، فإن محطة الرادار في سيشل تعد أيضاً جزءاً من جهد أوسع نطاقاً، حيث تساعد الهند على إنشاء محطات رادار في موريشوس وجزر المالديف وسريلانكا. ولكن عدم التصديق على الاتفاقية ليس هو الانتكاسة الوحيدة التي تواجهها الهند في المحيط الهندي. وفي الواقع، فإن الهند تواجه معارضة في العديد من الدول المجاورة الأخرى مثل جزر المالديف وسريلانكا، حيث خطا الصينيون خطوات هائلة على حساب الهند. في سريلانكا والمالديف، كان الوجود الصيني واضحاً مع قيام الشركات الصينية بتنفيذ مجموعة من مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية. وعلاوة على ذلك، فإن السياح الصينيين يسلكون خطاً مباشراً للوصول إلى الشواطئ الجميلة في سيشل وجزر المالديف وسريلانكا. وفي الواقع، كانت الهند تواجه أيضاً مشاكل في المالديف، حيث أدت الأزمة السياسية إلى جعل حكومة المالديف تحذر الهند من التدخل في الشؤون الداخلية للدولة الجزيرة، على خلفية العداء المستمر بين حكام المالديف والمعارضة. ومن الواضح أن الهند بحاجة إلى حل مشاكلها الداخلية. وفي حين أنها لا تزال قوة مهيمنة في المحيط الهندي، فإن الصين تعمد ببطء إلى التخلص من نفوذ نيودلهي من خلال ضخ المليارات من الدولارات في الدول التي لن ترفض أي فرصة لتعزيز بنيتها التحتية. وبينما لا تستطيع الهند ضخ هذا الكم من الأموال التي تقوم الصين بضخها، فإنه من الواضح أنه يتعين على نيودلهي أن تعزز جهودها الدبلوماسية من خلال تغيير صورة الأخ الكبير التي لدى البلدان الأصغر في الجوار. ومن أجل أن تظهر كقوة بحرية، سيتعين على الهند أولاً إقناع الدول الأصغر مثل سيشل وجزر المالديف، بأن وجود قوة محبة للخير مثل الهند هو في صالحها. وفي الوقت الراهن، تفوز الصين في حرب المفاهيم، ما يخلق تحدياً للدبلوماسية الهندية التي تجاهد من أجل مواجهة هذا التحدي. أما الدول الصغيرة المجاورة فقد وجدت أيضاً أنه من المفيد تعميق علاقاتها مع الصين باعتبارها دعماً ضد الهند، التي ظلت حتى وقت قريب القوة المهيمنة في المنطقة. بيد أن هذا السيناريو يتغير بسرعة. *نقلاً عن "الاتحاد"