احمد بوصالح الإدمان مرحلة ختامية لمشوار طويل من التعاطي مع شي محبب ومرغوب للنفس ونتيجة حتمية لارتباط المرء وانصهاره وذوبانه في شيئا ماء ،والإدمان بأنواعه المستحبة والغير مستحبه حالة مرضية أستصعب علاجها على أكبر أطباء العالم ولم تفلح كل شركات الأدوية في العالم حتى الآن من اختراع أو اكتشاف الدواء الناجع له والكفيل باجتثاثه من المصاب به والقضاء عليه تماما.
المدمنون بكافة أنواع حالات إدمانهم هم في الأخير بشر قابلون للتأثر بما يجري حولهم ومستعدون للتعاطي معه قبل الاقتناع به وبالتالي استمرأه والتلذذ به والاستمرار وصولا إلى مرحلة عدم الاستعداد للتخلي عنه أو عدم الاقتناع به وبالتالي الابتعاد عنه وإعلان مقاطعته لهذا الشي أو ذاك مبكرا والنجاة من دخول دائرة الإدمان.
فالمجنون قيس أبن الملوح لم يعشق ابنة عمه ليلى فحسب بل أحبها وأدمن حبها حتى الثمالة وكلكم تعرفون حكاية إدمان قيس حب ليلى الذي لم يستطيع زواجها من رجل آخر القضاء على حالة إدمانه تلك ، ومالك أحب الخمر وأدمن شربه ودفعه ذلك إلى التغزل فيه شعرا ونثرا إلى درجة ضرب المثل بما قاله مالك في الخمر في الحالات المشابهة كما إن الأخوة في التجمع اليمني للإصلاح حلموا بالسلطة ودفعهم حلمهم ذلك إلى إصدار الفتاوى بهدر دماء الجنوبيين وإباحة كل ماحرمه الله فيهم وعندما وصلوا للسلطة أحبوها واستلذوا بها حتى أدمنوها وضلت حالة إدمانهم ملازمة لهم لم تستطع سنوات ابتعادهم عنها ووقوفهم في الضفة المقابلة لها (المعارضة) ونكساتهم المتتالية في ميادين الوصول إليها علاجهم منها حتى اللحظة بل ظل إدمانهم حلم عودتهم أليها يدفعهم إلى استخدام الطريقة الأولى التي كانت سلم عبور أوصلهم أليها تلك الطريقة الخبيثة المرتدية ثوب الدين والوطنية المتمثلة في فتوى الشيخ الأخونجي الديلمي ضد أبناء الجنوب عام 94م .
وهاهو التاريخ يعيد نفسه وفي ظروف مشابهة تقريبا فالفتوى الإصلاحية التكفيرية الشهيرة جاءت في خضم محاولة الجنوبيين الخروج من جلباب صنعاء بعد سنوات أربع من البقاء فيه كنتاج طبيعي لعملية تطفيش وتهميش ضخمة ،واليوم وفي ذروة دوي الصرخة الجنوبية وفي زخم أصداءها المتصاعدة في سماء الكون يطل الإدمان الإصلاحي برأسه مجددا ولكن ليس بإصدار فتوى تكفيرية بل بإصدار سيل من التهم والأكاذيب الباطلة كتمهيد لخروج فتوى جديدة لاتختلف عن سابقتها في شي .
يوم الأربعاء خرج أبناء الجنوب عن بكرة أبيهم ليحيون ذكرى استقلالهم المجيد (30 نوفمبر) في نسختها ال 44 في مسيرات مليونية غير مسبوقة ملأت شوارع وساحات وميادين عواصم ومدن محافظات الجنوب ، مسيرات ومهرجانات احتفالية مليونية كونت مشهد ثوري جنوبي موحد أذهل الكل وأدهش الجميع دون استثناء المتشبث بالسلطة والحالم بها ، مشهد جنوبي ثوري تحرري طغى على مشاهد حفلات الزار واحتفاليات النفاق التي أقامتها السلطة الحاكمة والمعارضة وهو الشي الذي أغضب المعارضة وليس كلها بل قطبها الرئيس وقائدها والمتحكم بمسارها ومصيرها (الإصلاح) إلى الخروج عن اتزانه وخلع رداء وقاره والبوح علنا بما في داخله عبر الدفع بإصلاحي أعتقد ولم أتمنى أنه جنوبي يدعى نبيل الصانع بقذف أبناء الجنوب بأقذع كلمات السب والشتيمة عبر اتهام المحتفلون بذكرى عيد الجلاء في مدينة كريتر بعدن بشرب الخمر وتعاطي العقاقير المخدرة في ساحة الحفل وهو الاتهام الذي جلب أليه وبال من استياء أبناء الجنوب الشرفاء وسخطهم ولعناتهم عليه وعلى جنوبيته وعدنيته إن صح انتسابه لهما .
فالمدعو الصانع أنما أراد بذلك استصدار فتوى جديدة تبيح ضرب المدد الجنوبي وإخماد بركان الجنوب الثائر الذي بات يهدد وجود حزبه ويضيق مساحة تواجده ونفوذه غير مدرك إن أبناء الجنوب في حالة سكر تحررية حتى الثمالة لم يصحو منها إلا باستعادة دولته وكرامته وثرواته وكامل حقوقه المنهوبة من قبل حيتان صنعاء ، أذا بين حالة سكر الجنوبيين وحالة إدمان الإصلاحيين هناك فروق شاسعة جدا.