في بلد كاليمن (جنوبا - شمالا) تحكمه قوى دولية وإقليمية ومحلية ومكونات سياسية وتشكيلات عسكرية وأمنية متعددة ومتصارعة في أجنداتها ومشاريعها وأهدافها، يصبح قول (الحقيقة) أشد خطرا على المرء من مادة ال (سي فور) شديدة الانفجار. صحف جنوبية ويمنية عريقة، وصحفيين وإعلاميين جنوبيين وشماليين، انبطحوا انبطاحا شبه جماعيا أمام أموال التحالف والشرعية وخشية الخوض في حقل ألغام القوى السياسية والعسكرية والأمنية التي تديرها الأطراف المتصارعة على بسط نفوذها في عدن والجنوب من جانب، وفي الجانب الآخر توظيف معركة الشمال وفق مخططاتها. البلاد تتصدع وتتمزق، الشعب يأن ويذبح ليلا ونهارا خدماتيا ومعيشيا وأمنيا، الجنوب يضرب حتى العظم، الشمال يسحق، والجميع من ساسة وإعلاميين وصحفيين – إلا من رحم ربي - إما مهادن أو مناور لتحقيق مكسب شخصي أو للنأي بالنفس عن تهديد وخطر متوقع. لا أحد يقول الحقيقة، سوى أصوات شريفة قلة تعد على أصابع اليد الواحدة.. حقيقة أن الحرب لم تعد حرب لنا، بل حرب ضدنا. وأن اليمنيين جنوبا وشمالا باتوا قطيع يساق صوب الذبح واحدا تلو آخر على مذبح مشروع اقليمي يدار على أرض اليمن بأدوات يمنية باعت شعبها واشترت بقيمتهم فلل ومصفحات وبدلات وربطات عنق. وحده (فتحي بن لزرق) رئيس مجلس إدارة مؤسسة (عدن الغد) للإعلام ورئيس تحرير الصحيفتين الورقية والالكترونية الصادرتين من المؤسسة، وحده من فجر (الحقيقة) مدوية بوجه كافة القوى والأطراف المتصارعة في الجنوب واليمن بشكل عام على حساب المواطن اليمني الجنوبي والشمالي. (فتحي) قال بشجاعة متناهية ما خشى الكبار قوله.. قال الحقيقة كل الحقيقة دون انتقاص أو رتوش عن حكاية شعب يغرق في مستنقع نثن من الحرب التي تعدت في بشاعتها تحويل اليمن كل اليمن إلى أرض محروقة صوب تحويل الخدمات ومعيشة المواطنين وأمنهم واستقرارهم ساحة معركة قذرة، وأعلنها بالصوت والصورة أن عدن تذبح، والجنوب يذبح، والشمال يذبح. (فتحي) فضح السجون غير القانوينة، واغتيالات الأئمة والشيوخ، وإرهاب الناس وتركيعهم خوفا وجوعا ومعاناة. (فتحي) فضح دكاكين الإتجار بالقضية الجنوبية، والمنقلبين على ثورة التغيير الشمالية. (فتحي) فضح وهم (إعادة الأمل) الذي لم يبني مدرسة أو محطة كهرباء أو مركزا صحيا في عدن أو يزرع حتى نخلة في شارع من شوارع الجنوب. (فتحي) فضح جميع المتآمرين والعابثين والمتاجرين باليمن واليمنيين (جنوبا - شمالا) وكان بحق في مقابلته المثيرة للجدل مع فضائية (يمن شباب) لسان وصوت اليمنيين كافة، وكشف للعلن معاناتهم وأوجاعهم وما يكابدونه منذ ثلاث سنوات سوداء عجاف من مختلف صنوف الصراعات والاقتتال والاغتيالات التي تطال الانسان دون توقف والتدمير المتواصل للبنى التحتية ومقومات الحياة، ومشاريع التفكيك والسيطرة التي لن تمنح أحدا من اليمنيين في الجنوب أو الشمال وطنا بل (كنتونات) خاضعة للوصاية الاقليمية عبر أدوات محلية. يدرك (فتحي) أن ما أقدم عليه عملا (فدائيا) ولايزال لا يخشى الاستمرار فيه، فبين جنبات صدره قلب لا يحمل سوى المحبة لوطنه، وشجاعة رجل في زمن قل فيه الرجال.