علي عبدالله صالح رجل معاند الى جانب انه مرواغ و ماكر تفنن في الكذب و الخداع و الغدر, كان يظن ان هذه من صفات العظماء انه سيدخل التاريخ كبطل و قائد, شاءت الاقدار ان يصبح الضابط الصغير رئيسا لليمن في فترة حرجة و حساسة, كان اليمن عبارة عن دولة فاشلة تعصف بها المشاكل خصوصا بعد سقوط الرئيس ابراهيم الحمدي و مشروعة التنموي فسقطت المحاولة لقيام دولة مدنية باليمن الشمالي, مصر رفعت يدها من اليمن بعد خسارة كبيرة في الانفس لحماية ثورة سبتمبر ضد الامام, تسلمت السعودية الوصاية فرات في صالح رجلها المناسب فدعمته بالمال, انطلق صالح ليشق مجده مذعن لكل من يمد له يده بالمال ,ذهب الى صدام حسين فاصبح بعثيا ثم ذهب للقذافي و حافظ الاسد تعلم الحس البوليسي و صنع جهاز امني زرع الدسائس و الحروب بين القبائل و الجماعات الدينية و قام بتصفية خصومة و القضاء على اصحاب الفكر النير, كانت اليمن يومها تعيش من خير الكويت التي بنت مستشفيات و مدارس و دعمت جامعة صنعاء. لست بصدد اعداد تقرير او النبش بالتاريخ, فقط لمن لا يعرف علي عبدالله صالح الذي مشى في كل اتجاه لعب فعلا مع الافاعي و الثعابين و رقص مع الشياطين محاولا ان يصنع من نفسه اسطورة, خدمته الظروف كون الرجل كان خادم مطيع لعدد من الاستخبارات العربية و الدولية للحفاظ على سلطته رغم انها كانت ناقصة لا تشمل التراب اليمني بشكل كامل حيث ظلت مناطق قبلية الى اليوم خارجه عن سلطان الدولة و القانون يحكمها مشائخ تارة يوالون صالح و تارة يوالون السعودية, لم يكن هم صالح بناء دولة مدنية بقدر اهتمامه ان يظل حاكما, مع انهيار الاتحاد السوفيتي تسارعت الاحداث للوحدة فكانت وحدة اندماجية كاملة, غدر صالح بشركائه فسلط عليهم حزب الاصلاح الديني و الجماعات الدينية التي عادت من افغانستان و دعم هذه الاتجاهات للانتشار بالجنوب اليمني المتحضر مدنيا, انضم صالح الى جانب صدام حسين بعد غزو الكويت و كان للانضمام ثمن قبضه صالح وحده و كانت الصدمة بعودة ملاين المغتربين من السعودية و دول الخليج, اعجبته ان يكون رجل قومي بعدها كانت حربه مع شركائه في الوحدة ليتم سيطرته الكاملة على الجنوب, ليتحول الجنوب الى مستعمرة له و لاقربائه فاباح لهم البلاد فسرقوا و نهبوا ليتحول ابناء الجنوب الى رعايا تحت احتلال غاصب محروم من جميع الحقوق محكوم بالقوة و الفساد.
عندما نتحدث الى معاناة اخوننا في الجنوب العربي البعض ينظر الينا بعين السخرية فللاسف لدى بعض بل الكثير من ابناء الشمال حتى الطبقة المثقفة الواعية اصرار على استمرار حال الجنوب, فالبعض يعتبر الوحدة انقذت ابناء الجنوب من الجوع و الفاقة و الطوابير الطويلة لشراء خبز او بصل و السبب لم يكن بخل ارض الجنوب بل تلك الفئة التي حكمت, اليوم هناك طوابير اخرى امام المحاكم و السجون و المقابر هناك تهجير قصر ي و معاناة لمدن جنوبية بسبب اسراف النظام في تسليط حليفه القاعدة لانتهاك حرمة الناس و سفك دمائهم و تدمير مدنهم, فالقاعدة كانت و مازالت الكرت الرابح لعلي صالح مازالت الدجاجة التي تبيض له الذهب و السلاح و المعونات و الدعم, فعلاقة الرجل بالقاعدة عميقة فهو يسجنهم احيانا ثم يقوم بتهريبهم يترك لهم معسكرات مليئة بالسلاح و يسمح للطائرات الاجنبية بقتلهم, القاعدة تريد ان يظل صالح الحليف الصديق في الخفاء العدو في الظاهر فقط.
لعب صالح بكل الاوراق الممكنة و اللا ممكنه فلم يتورع في دعم الحركة الحوثية للحد من نشاط السلفية و الاخوان ثم قويت شوكة الحركة الحوثية فزج بها بالحرب مع الجنرال علي محسن الاحمر الذي يخاف منه صالح, اشتعلت ست حروب و اكثر تمنى صالح ان يتخلص من علي محسن بسبب خلافات الجنرال مع احمد صالح , الاختلاف بين صالح و محسن هو اختلاف على قسمة الكعكعة فصالح سعى من وقت مبكر لتوريث الحكم لابنه احمد فاسس له معسكرات و قوة خاصة, لكن شعلة البوعزيزي دمرت هذا الحلم بقيام الثورة الشبابية اليمنية التي كانت خارج المالوف خارج الاحزاب الضعيفة و المعارضة الرسمية فهذه الاطراف لم تكن مشكلة لعلي صالح بل كانت احد اسباب بقائه كونها تدار من مبنى الامن السياسي و القومي.
هناك قوى خفية كثيرة مازالت تدعم نظام صالح بالداخل فالرجل كون تحالفات و شراكة مع الكثير من رجال الاعمال و المشائخ و رجال الدين مثلا رجل مثل عبدالمجيد الزنداني المطلوب بقضايا ارهاب, هذا الرجل اي الزنداني مع بداية الثورة نصح صالح بترك السلطة و اكتفى بهذا القدر كونه يرى في صالح الرجل الذي بيته من زجاج لا يهمه الا استمراره بالحكم تاركا جزء من اللعبة للخصوم و الحلفاء, مصالح جميع الاطراف تقريبا اتفقت ليظل اليمن متخلف بعيدا عن التحضر فكانت الثورة الشبابية فعلا صدمة فتوزعت الادوار بين مؤيد و معارض, كان انضمام اغلب الاطراف للشباب و الساحات من اجل الحد من قوة الثورة و التاثير عليها, نظام صالح فقد اعصابه فضرب بقوة و وحشية, صالح طلب من الثوار الذهاب و اختيار اي ملعب رياضي للاقامة فيه و الاحتجاج هناك ثم جمع اعوان و مرنزقة و بلاطجه للتظاهر في ساحة السبعين لحماية قصره من الزحف الثوري فكانت المبادرة الخليجية حبل الانقاذ و مازالت مستعدة لحماية صالح و تمديد عمره السياسي, الرجل قال سيتفرغ لقيادة حزبة اي انه سيقود المؤمرة للانتقام من الشعب اليمني لكن قراءة لتاريخ علي صالح الدموي يوحي ان نهايته ستكون ماساؤية سينتهي كطاغية و سفاح اليوم او غدا, التاريخ لا يكذب التاريخ لا يرحم انها سنة الكون ستقضي بمصير بشع لصالح و عائلته و اصهاره و اذنابه و حلفائه, فالشعب اليمني قادر ان يعيد بناء بلده و دولته دولة تقوم على العدل و الحرية و الكرامة.
الشعب اليمني لم يوافق او يقبل المبادرة الخليجية و لا يحس ان المبعوث الاممي بن عمر جاد, فالبعض وصفه بالمبعوث الخاص لعلي صالح, احاديثه و تصريحاته و تجاهله لمطالب الشباب حول محاكمة صالح يجعلنا نشك في مصداقيته و نشك ايضا في مصداقية مجلس الامن في التعامل مع ملف صالح , لكن كل هذا لن يحمي صالح من مصير الطغاة, فمن الافصل ان يسقط صالح و يحاكم بيد شعبه, اليمن لا تخلو من الرجال الابطال تاريخ اليمن حافل بالتضحية و الشرف و البطولة.