بعد صيف 1994م وبعد أن استكملت القوات اليمنية وبمعيتها أكثر من سبعة ألوية جنوبية سيطرتها على ارض الجنوب من باب المندب إلى المهرة فيما أطلق عليها حينها قوات الشرعية. وبعد أن تشتت القيادات السياسية والعسكرية في أقطار متعددة وبعد أن ظن المراقبون ومعظم جماهير الشعب في الجنوب أن الأمر قد استتب لحاكم صنعاء ومن تحالف معه وبعد أن تقاطر الرفاق جماعات وأفرادا للحاق بمؤتمر الحاكم المنتصر وأصبحوا من كبار منظريه وعدد منهم قد تبوأ مكانا عليا في لجنته العامة والدائمة وفتحت لهم الدنيا على مصراعيها وتحولوا من البروليتاريا إلى الرأسمالية والسوق المفتوح والبورصات العالمية وبصموا للسيد الجديد بالعشر وأوهموه أن الجنوب تحت السيطرة وأن الكل يهتف (بالروح والدم نفديك يا علي) وتسابق الجميع على أرض وثروات الجنوب كل حسب همته وقدراته وعسكره وقبيلته .
هكذا سارت الأمور وهكذا ظن المتفيدين وماهي إلا ثلاث سنوات وحضرموت تنتفض بقيادة المناضل حسن باعوم شافاه الله وعافاه ورده الى وطنه سالما غانما منتصرا ليقول لهم على رسلكم ولسان حاله يقول : هذه الأرض لنا الزرع فوقها لنا والنفط تحتها لنا وكل ما فيها بماضيها وآتيها لنا . فجوبهت حضرموت وثوارها بالقتل والقمع والسجن والتشريد وكان بارجاش وبن همام رحمهما الله أول السالكين في قافلة الشهداء ولكن الأرض أخفت في باطنها بذور البقاء وما هي إلا عشر سنوات وبالذات منذ العام 2007م وإذا بالجنوب كله ينتفض من عدن إلى المهره وبرغم الضربات والصدمات التي لم تفت في عضد المارد الجنوبي بل زادته عنفوانا وقوة فضرب أروع الأمثلة في التضحية والصبر والفداء وكان بمثابة النبراس للربيع العربي المجيد الذي اسقط الأصنام العربية وأطاح بعروشها الى غير رجعة بإذن الله.
ففي 21فبراير ذلك اليوم الذي أراده واضعو المبادرة الخليجية يوما جديدا لدفن القضية الجنوبية خيب الجنوبيون فيه كل المؤامرات وحولوه إلى يوم نصر عظيم للجنوب وللقضية الجنوبية ستحتفي به الأجيال طويلا وسيكتبه التاريخ بأحرف من نور. لقد كان أبناء الجنوب في الموعد وحققوا انتصارات متوالية بفضل الله أولا ثم بتكاتفهم ووحدة كلمتهم . الأول : هو إفشال المسرحية الهزلية التي أرادوا من خلالها فرض شرعيتهم الثاني : إسقاط كل مشاريع الوهم الهزيلة والصغيرة التي لا تلبي طموحات وآمال الشعب الثالث : إفشال مشاريع التبعية لفروع الأحزاب اليمنية الرابع : فضح وتعرية وسائل الإعلام العربية والدولية وعدم مصداقية وحيادية مراسليها وكشف زيفها أمام الشارع الجنوبي الخامس : الحضور الإعلامي المتميز لتغطية الحدث رغم قلة الإمكانيات ومحدوديتها لعدد من وسائل الإعلام الجنوبية وفي مقدمتها قناة عدن لايف وصحيفة (عدن الغد) و(الأمناء) والمواقع الالكترونية مثل (المكلا اليوم) و(عدن الغد) و(نجم المكلا)و(دمون نت ) و(يافع نيوز) و(أخبار دوعن) و(هنا المكلا ) وغيرها من المواقع الأخرى. السادس : اصطفاف الكثير من الكتاب والمثقفين إلى جانب قضيتهم وإبرازها في كتاباتهم الرائعة بكل وضوح وهذا في حد ذاته يمثل نقلة نوعية ممتازة ستضيف للحراك الجنوبي ثقلا جديدا.ونحن نتحدث عن تلك الايجابيات إلا أن هناك بعض الأمور السلبية ينبغي التنبيه لها وسأتطرق إليها في مواضيع لاحقة بإذن الله . واهم مسألة أن نضع في اعتبارنا انه (( من لم يكن معي فهو أخي وهو ليس ضدي ومن لم يكن معي اليوم سيكون معي غدا وإذا لم تستطع أن تكسب كل الناس فاجعلهم محايدون على الأقل ولا داعي للاستعداء والخصومة )). خاتمة : للشاعر احمد مطر يا جنوبي .. لن تتيه الشمس بعد اليوم في ليل ضحاها سترى في ضوء عينيك ضياها! وستمشي بأمان وستمشي مطمئنا بين جنبيها الأمان! فعلى آثار خطواتك تمشي ، أينما يمّمت أقدام الدروب ! وعلى جبهتك النور مقيم والجهات الأربع اليوم : جنوب يا جنوبي .. فمن أين سيأتيها الغروب ؟! فمن أين سيأتيها الغروب ؟!