رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير في هذا الشهر الفضيل يراجع الإنسان حساباته قبل أن يُحاسب ويحاول كل مسلم أن يتنزه عن الدنيا ويعود إلى الله بالطاعات والتحلي بمكارم الإخلاق الذي تحلى بها العرب وأكملها وأتمها خاتم الإنبياء والمرسلين لقوله (إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق) صل الله عليه وسلم . الإخلاص زينة الأخلاق فالإخلاص يكلل كل عمل بآكليل الكمال والمخلصين في قولهم وعملهم لله وللوطن وللناس أجمعين ليس للشيطان عليهم سبيل فقد أعترف الشيطان بذلك حين قال ( إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) ص ) . المسؤول حين يخلص بعمله من أجل وطنه ورعيته الذي تولي شئونهم فنطلق عليه رُجل دولة نجله ونحترمه ونتعاون معه ونستجيب له ونطيعه لأنه مُخلص فهو رُجل تحمل على كاهله المسئولية فكان بها أهل وكان الرعية بعهده نعم العون له يجدون في العمل ويخلصون فيه فتبنى الدولة ويشهد عصره رقي الدولة وإزدهارها وقوتها لأن الجميع أخلص في العمل وفي النية . لا تراهم في رياء ولا ترى الأضواء تتلامع فلاشاتها على جباههم لأنهم يؤمنون بأن لبنات العمل هي الشموس المشرقة التي تدل ببنائها على سراج ذلك العصر وذلك الباني وحين يكاد أسمه بين أضواء الإعلام خافت لكنه محفورٌ في كل لبنة وضعت وفي كل شجرة غرست وفي كل ورقة كتبت وفي كل طريق مهدت وفي كل مشكاكة إضيئت . سيخلده إخلاصه وسيشهد له يوم تكتم الأفواه وتشهد الأعمال . وحين تخبو أضواء من سُلطت عليهم أضواء المزمهرين المبهرجين التي تخبو بسرعة خبو فشع الفلاش يسطع نور ضوءه يباهي السناء . في أرضنا الكثير منهم منهم من طواه الثراء ولكن مازال نوره من بين ضرحات لحده تشع . ومنهم من مازال يخلص ويخلص بدأب وبصمت فمثالهم كمثال أبو بكر بن حسين محافظ أبين . ضربنا به المثل ويشهد له العمل وحال أبين المستقر برغم المحن وشحة الإمكانيات إلا أننا نشهد أن هناك عمل وجهود تبذل وأخلاص يرافق كل ذلك فسلامٌ على المخلصين نشهد بها إمام رب العالمين . وأما من حب الأضواء وكثر في الكلام وسخر قدراته لرد على فلان وفلان وسخر منصبه للكسب السياسي والشخصي ووقف عاجز عن وضع لبنة في جسم البناء بل ساهم في تهديم لبنة وخلع شجرة وكسر مشكاة واعتمد على المزمهرين والمبهرجين في الترويج وكثر من الصور والتصوير فأخلص لنفسه وجعل منصبه مغنم ونسي ما أتمن عليه من المسئولية ونضح الرعية بالكلام بينما هم في خوفٍ يعيشون وفي جوعٍ يتضورون فأنه لا يجد من يستجيب له إلا ذوي خذ وهات وبكم وكيف ولا يتعاون معه إلا ضاربي الصدور عاطلي العمل فتراه كل يومٍ يسود وجهه برغم الأضواء فلا من يشهد له ولا من يؤرخه فيسمى برجل الشارع فكم يمر بالشارع رجال يجهلهم الشارع لا يؤثرون فيه ولا يتقبلهم على أرصفته جلاس ولا يسجلهم الشارع على لوحاته بناه ولا يخذ منهم غير أخدان الليالي فيقضي بهم ليلته دون أن يتركوا في قلبه إثر حبٍ بجوارحة فلم يكن من المخلصين فكان سبيل الشيطان له ميسر فسيره على ما يريد فأغواه فإذا به وهو معه يهوون ويكبكبون في جحيم وسعير . وكم هم في أرضنا من أمثالهم على العروش متربعين وكم هم الذين لهم يزمرون ويطبلون لا لشيئ أحسنوا فيه العمل غير التشدق بأسم وطن ضيعوه بمناكفاتهم وصراعاتهم إرضاء لنشواتهم ونزواتهم الحمقاء فلا داعي نضرب مثل بأحدهم فهم في كل ركن قابعون ترى سيماهم في وجوههم من أثر السهر محمرة أعينهم ..... لا يصلح رجل الشارع المتسكع أن يبني دولة ولو وضع له عرش من الطاس والحلاس . ويستطيع رجل الدولة أن يبني دولة ولو كان عرش مملكته مبني من سعف النخل . فذلك هو الفرق بينهم هو الإخلاص فسلاماً على من أخلص وأبتغى بإخلاصه رب المخلصين .