مرت الثورة اليمنية بإرهاصات ومقدمات لم تكن ثورة الربيع العربي بدءاً من تونس ومحمد البوعزيزي رحمه الله ومرورا بمصر والتزامن مع ليبيا إلا مرآة ونموذج لتخلقها لتولد ولادة طبيعية وبأقل التكاليف وأهون الآلام، فقبل الثورة وصل الوضع في البلاد إلى سباق إفسادي ومن يفسد أكثر. مراحل ومخاضات تفككت فيها العقد الصعبة وبثمن أقل مما كان الثوار والثورة يظنان أن يكون فاتورة ذلك الإنجاز المرحلي المتوالي فكانت ثورتنا المجيدة ترعاها عين الله ولطفه بنا لضعف علمه فينا وأننا لا نقوى على تحمل عسرين عسر الوضع السيئ اقتصاديا وعسر مواجهة النظام. حوصرت الفرقة الأولى مدرع وقائدها (علي محسن الأحمر) إلى درجة لم تعد فرقة جيش وقائد بل قبيلة وشيخ، فلا عسكرية في الأفراد ولا قوة في التسليح وكل ما تملكه الفرقة من عتاد عسكري متقادم وفتحت له جبهة حروب صعدة لإنهاء ما لدى الفرقة من سلاح، فوصلت الفرقة وقيادتها إلى عدم الركون للمعنى العسكري لمسماها فمن يلتحق بها من أفراد ليسو إلا تبع لولاءات قبلية ونفوذ كنوع من التحصن ضد الإقصاء والاستئصال المتعمد وطموح الجيل الثاني من عائلة صالح في التوريث، فكانت الثورة الشبابية الشعبية السلمية سفينة الإنقاذ للفرقة وقائدها من الهلاك المحتوم. الفساد المالي والإداري في الفرقة والمنطقة الشمالية الغربية ومثلها من المناطق والوحدات العسكرية وهبر للمال العام يستدعي التوبة العاجلة وبعد استكمال أهداف الثورة والتأسيس لمرحلة حقيقية من المؤسسية والانضباط العسكري وقطع الصلة بالماضي وفساده... ولا بد من كلمة الشكر الثوري لكل حر من رجال الفرقة الأولى مدرع وكل من ساند الثورة وعلى رأسهم علي محسن الأحمر الذي عليه تصحيح المسار والتوبة عن الماضي بالتوجه نحو إصلاح المستقبل والإعانة على التخلص من الوضع الإفسادي الذي لا يمكن فكفكته إلا بمعونة القيادة في الفرقة الأولى مدرع وإقناع الارتباطات اللا مشروعة بالمستحقات المالية الغير صحيحة أن تتجه نحو اللقمة الحلال فلقد انتهى زمن الماضي... ما كان يتمتع به النظام من روح انتقامية كفانا الله شرها إلى جانب العتاد العسكري والإعداد من القوة البشرية وولائها للدفاع عن العائلة ورأس النظام، ليس معنى ذلك أنه لو استخدم القوة في مواجهة الثورة يستطيع إخمادها، هو لن يقدر فقد استكمل شروط زوال حكمه وقد حاول وبانت له مؤشرات الهزيمة إن تمادى في ذلك الاتجاه لكنه لطف الله، صحيح النصر حليفنا بلا شك وثقتنا بالله قوية وما نملك من الحق والباطل الذي هو عليه النظام فكان النصر هبة الله بأقل تكلفة غبطنا عليه الآخرين وفاجأت العالم حين كان يحلل كل ضاربي الأقداح السياسية والعسكرية أن بؤرة في اليمن سنتفجر وبكل تأكيد بناءاً على مؤشرات واضحة يقرؤونها سواء من خلال الثقافة العامة للمجتمع اليمني والتي ينظرون من خلالها أنها غير مؤهله لضبط النفس والنظرة البعيدة المدى التي تحجم به عن سلوك درب المغامرات التي تتنافى مع العلم والعقل وتسود في مجتمع الجهل والتعصب ولأن الله قد أنطق رسوله الكريم أن: الإيمان يمان والحكمة يمانية، كان ذلك التأزم والمزيد منه حتى لاحت لحظة الانفجار والطلقة الأولى وتحل الكارثة فيأتي فرج الله لتتجلى الحكمة اليمانية بصورتها الساطعة والتوافق واتجه اليمنيون باندفاع دلّ على وعي متجذر وحكمة تسكن أعماق النفس اليمنية تصدِّق حديث النبوة، النبوة التي لا تنطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي. أدركت المعارضة السياسية خطورة التوجه وما الذي يقصده رأس النظام والاتجاه الإقباضي على كافة مرافق الحياة العامة والاقتصادية سيطر على الجانب العسكري بعد العام 97م واتجه نحو امتلاك الاقتصاد واستملاك الثروة وشلت الحياة الاقتصادية منذ العام 2006م وقد سارعت المعارضة بعد انتخابات الرئاسة 1999م بتشكيل كتلة سياسية تمثلت باللقاء المشترك والذي انضوت تحت إطاره أكبر أحزاب المعارضة اليمنية الحقيقية وعلى رأسها الإصلاح والاشتراكي والناصري وعركتها الحياة السياسية من خلال المواجهات الممتدة والمستمرة مع النظام وخبرها وخبرته فكانت تجربتها مع رأس الحكم مفيدة حين أتت الثورات العربية وثورة البوعزيزي رحمه الله في تونس التي كانت ملهمة للشباب اليمني لكيفية تحقيق عملية التغيير فالاعتمال المتأجج في صدور كل اليمنيين بلغ الحد الذي لا يطاق وعجزت القوى السياسية عن تحقيق أي تقدم من خلال الاتفاقات التي كانت تعقدها مع النظام بين الحين والآخر ولا يتم تنفيذها ولم يدر بلخد قادة الأحزاب أن تكون هناك ثورة شعبية سلمية بالصورة التي أدهشت العالم سواء في تونس أو مصر وكانت أكثر إدهاشا في اليمن للخصوصية اليمنية في امتلاك السلاح والصورة التي كانت مرسومة بالخطأ عن اليمنيين. هددت الأحزاب أكثر من مرة بالنزول إلى الشارع ولكنها متخوفة من تبعات ذلك النزول وما ستؤدي إليه مثل تلك الخطوة فقد كانت ثورة اليمن قريبة جدا بدون الربيع العربي ومن لطف الله أن رسم لنا نماذج ثلاثة وهي للنظام أيضاً أن يختار أيهما شاء التونسي أو المصري أو الليبي ولا مجال سوى النصر ويأبى الله إلا يميز ثورتنا بالنجاح والنصر بنموذج فريد وخاص بالحالة اليمنية ومن خلال المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والتي أتت من رحم الاتفاق المبدئي الذي خطه قلم الدكتور عبد الكريم الإرياني في بيت رئيس الجمهورية النائب سابقاً وتعجز دول الخليج في التوصل إلى حل وكما هي عادتها في تمييع القضايا ومهزلتها التي تنتهي إلى ما لا يحمد عقباه ولها تجاربها في مثل أفغانستان والعراق وأخيرا سوريا وينتقل الملف اليمني إلى مجلس الأمن وكان القرار(2014) الذي صُوّت عليه بالإجماع في سابقة خُصت بها الثورة اليمنية، وكان مبعوث الأمين العام لمجلس الأمن الأستاذ جمال بن عمر ويتولى متابعة تنفيذ قرار مجلس الأمن ويتعهد على نفسه إلا أن ينجح في حل القضية ويحقق أحلام الثورة والثوار من خلال المبادرة الخليجية التي فشل أمين عام مجلس التعاون الخليجي في التوصل إلى حلها، وبصبر وتبصر عن إيمان وإخلاص وصدق وانتماء عروبي أصيل فصدق وصدق الله معه فشكرا جمال بن عمر. وتم التوقيع على المبادرة الخليجية في الرياض 23/11/2011م وبقت الأيدي على الصدور وجلة خائفة من النكث الذي تعوده الداخل والخارج والعالم من شخص المخلوع صالح وكانت المدة ثلاثة أشهر حتى تتم عملية نقل السلطة طويلة في نظر الثوار وكيف ستمر؟ ظن صالح هو الآخر أن تطول به ثلاثة وثلاثون سنة أخرى، ومرت وبعون الله ثم بصبر وحكمة وعقل اليمنيين أجمعين وتوجه الشعب إلى صناديق الاقتراع في صبيحة الواحد والعشرين من فبراير المجيد بإرادة حقيقية للخروج من المعاناة وليس أمامهم سوى الوطن ولا يعنيهم من يكون شخص المرشح؟ المهم أن يفضي للقضاء على رأس النظام وينهي مُنية وأحلام التوريث وإلى الأبد، وعبر اليمنيون عن تطلعهم للغد المشرق باختيارهم عبد ربه منصور هادي رئيساً للجمهورية، ومن الطبيعي أن يحصل عبد ربه منصور هادي على ما نسيته 100% من الأصوات الصحيحة أو كل من صوت لأنه مرشح وحيد هذه نقطة. النقطة الأخرى هو لم يحصل على نسبة 99.80% حسب ما تتناوله وسائل الإعلام ومن يشكك في التصويت أنه على الطريقة العربية ولكنه حصل على ما نسبته تقريباً 75% من إجمالي السجل الانتخابي ومن يحق لهم الترشيح. مع أنه حُرم الكثير ممن كان يتمنى المشاركة في مثل تلك اللحظة التاريخية والفاصلة في اليمن، فمحظوظ من يحمل علامة الوطنية والحبر الأزرق في إبهام يُسراه، والكثير ممن حاول في عدن أو صعدة أو غيرها من المراكز الانتخابية التي لم يُقْتَرع فيها بسبب من الإرهاب (الحوثي والحراكي) ومنع الناخبين من المشاركة، إضافة إلى حوالي أربع مليون مغترب في الخليج وغيرها من دول العالم الذين لم يُتح لهم التصويت ولم تكن هناك الاستعدادات من قبل اللجنة العليا للانتخابات بترتيب ضرورة مشاركتهم في الانتخاب. وللذين يشككون بنسبة التصويت ف عبد ربه شخص لم تدفع به أي قوة متخلفة أو حزب أو قوته الذاتية ومن أي نوع ليكون على رأس السلطة في مثل هذا الظرف العصيب على الوطن، فقد كانت ثورة شعبية شبابية سلمية ضد المخلوع وهي ذاتها من أسلمت السلطة لشخص الرئيس عبد ربه منصور هادي. هي يد الله تصنع الحدث أن يكون عبد ربه منصور رئيساً للجمهورية فليس ذلك أمراً عاديا في ظل التعقيد المتبقي في مسار الثورة وأهدافها فليس بإزالة صالح من رأس السلطة تكون قد نجحت الثورة وحققت أهدافها، هو هدف رئيس لكن ليس كل الأهداف أو الهدف الشامل ولو كان الأمر صالح لكانت الثورة نجحت من أول أيام انطلاقتها لكن من استقوى بهم صالح على الثورة ونجاحها هم لا يزالون في مواقعهم في المؤسستين الأمنية والعسكرية وعائق أمام استكمال الثورة لأهدافها، واستمرار وهج الثورة هو الضمان الوحيد لتحقق بقية الأهداف ومنها ضرورة إبعاد عائلة صالح من قيادة الجيش والأمن فورا وبسرعة القصوى. هادي الآتي من المؤسسة العسكرية بتجربته الواسعة ومؤهله الأكاديمي العسكري أن يكون على رأس السلطة ليس محض صدفة لكن ذلك صناعة إلهية تريد مزيد من التخفيف للعناء أن يكون الرجل مؤهلاً من خلال خبرته ومعرفته بالعسكرية لوضع الحل المناسب وبدون أي تضحيات أو عراقيل ومن أي نوع كان ولو أردنا معرفة لماذا عبد ربه؟ يجب أن نجيب عن سؤال كيف سيتعامل مدني مع ملف معقد بمثل ما هو الآن؟ ومن هنا تأتي قيمة وأهمية عبد ربه منصور هادي أن يكون رئيساً للجمهورية فلله الحمد ومنه المزيد من العون والتوفيق. الشرعية الشعبية قوته الفعلية في تنفيذ ما سيتخذ من قرارات على وجه السرعة وكل من منحه صوته في الحادي والعشرين من فبراير 2012م واجبه اليوم الوقوف لحماية وتطبيق خياره والمساعدة في قيادة دفة الوطن نحو الاستقرار والتنمية ودولة المؤسسات والقانون وعلى الشعب أن يكون واعياً بمستوى وعي التوجه إلى صناديق الاقتراع في ال 21من فبراير بضرورة هيكلة الجيش (إبعاد العائلة) والضغط بهذا الاتجاه حتى يتم ذلك على وجه السرعة ما لم فنحن باقون في عنق الزجاجة والمزيد من التعقيد للوضع والمعاناة للشعب فمثل ما كان الحل شعبياً لابد من إسناد شعبي في الاتجاهات الصحيحة التي ستكون بقرارات عليا يجب أن تنفذ. الخطوة الهامة للإقالات في طريق الهيكلة وإعادة بناء المؤسستين الأمنية والعسكرية على أسس وطنية وكفاءات هي إقالة يحي محمد عبد الله صالح رئيس أركان حرب الأمن المركزي وهي الخطوة التي يمكن القول أنها تمكن وزارة الداخلية من قيادة الوزارة، خطوة هامة وهامة جدا لما يترتب عليها من استقرار أمني وبسط السيطرة علي الحياة العامة. الخطوة الثانية تأتي من محافظة تعز بإقالة قائد الحرس الجمهوري مراد العوبلي والمحافظ حمود خالد الصوفي القاتل الحقيقي لأبناء المحافظة وثقافاتها ولن تكون كلماته المعسولة سحرا على عقولنا وتنسينا دماء إخواننا الشهداء ولابّد له أن يأخذ الجزاء الأوفى والمحاكمة. لا مشكلة كبيرة في الجيش وربما تكون آخر خطوة في إطار إعادة الهيكلة والاكتفاء بعودة كل من الحرس والفرقة كل إلى ثكنته العسكرية وتأتي التصفية لقيادة كل من الفرقة ممثلة ب علي محسن مع كلمة الشكر الثوري له ويكفيه ذلك فخرا وكذلك أحمد علي صالح وعليه اللعنة الثورية. القضية الأمنية للوطن والتي تأتي من خلال جيش وأمن وطنيين وهذه مهمة الرئيس عبد ربه منصور هادي وتكون مهمة الحكومة هي الإصلاح المالي والإداري والملف الاقتصادي، فالوقت قصير والمهمة ثقيلة وكبيرة ومعقدة ولا بد من جهد تبذله كل القوة المخلصة والوطنية للوصول إلى يمن نستحق أن ننسب إليه وأن نعرف به ويعرف بنا...