شك أن ما يسمى بالحوار الوطني الذي تعد له أركان الاحتلال في صنعاء لا يعني الجنوبيين في شيء؛ بل هو مجرد ترف إعلامي مستهلك عفى عليه الزمن وتجاوزه شعب الجنوب المطالب بالحرية والاستقلال. الشيء الصادم في الأمر هو الغباء المستفحل لدى بعض العاهات الكرتونية ومحاولتها ليس فقط الكذب والدجل؛ ولكن إدعاءها المريض بتمثيل شعب الجنوب، والحديث باسمه كلما جاءتها التعليمات من مولاها وسيدها وراعي نعمتها. وهذا أمر ليس بجديد على تلك العاهات التي بُلي بها الجنوب وأهله، ولكن الجديد هو المراوحة تحت شعارات مرفوضة، لا ترقى لطموح شعب الجنوب، وتحت سقوف خبيثة لا يقر بها إلا ناقص، أو منافق معلوم النفاق، فمتى نرى تلك العاهات -على الأقل مرة واحدة- يقولون شيئاً خارج عباءة الصناعنة(أهل صنعاء) وما حولها، ويرتقون ولو قليلاً ويغردون مع السرب الجنوبي لا خارجه. إن الحديث باسم شعب الجنوب مرفوض؛ فلا يمثل الجنوب إلا أهله، ومن أراد أن يتحدث باسمه فليقل ما يريد، وما دون ذلك مجرد بيع فقاعات في الهواء؛ وليعلم ذوي العاهات ممن يحاولون اليوم التدليس على شرعية قضيتنا واختزالها في مطالب حقوقية لا تقترب من الواقع ولا تمت له بصلة أن شعب الجنوب قد شب عن الطوق ولم يعد بالإمكان تجاوزه أو خداعه بعون الله تعالى. إننا اليوم في أمس الحاجة لرص صفوفنا ، والعمل على نشر ثقافة الحراك السلمي الجنوبي السلمية، وروحه الحضارية، ومبدأ التصالح والتسامح الذي تجاوز كل المناطقيات والولاءات والأفق الضيق والوصاية، والعمل معاً على مختلف الأصعدة لنصرة قضيتنا وشعبنا الجنوبي الأبي الحر الصابر، وكشف كل الألاعيب التي يحاول بعض العاهات اليوم نشرها، والتسويق لها، وإدعاء نبوءة ليس هذا زمانها؛ بأن الجنوب إذا ما حصل على فك الارتباط لن يكون مستقراً وسيكون عرضة للتمزق والحروب والمجاعة، وهذا السخف بعينه، فلا يعلم ما في الغيب إلا الله، وهذا الإيمان منا بالتقليل من هكذا نبوءات لا يعني قطعاً نكران المشكلات التي ستواجه دولتنا الجنوبية، ولا إغفالا لكل الملفات العالقة والرواسب التي خلفتها لنا سياسات ما بعد الاستقلال ولا مخلفات حروب الرفاق وخلافاتهم ومناطقيتهم المقيتة، كل هذا لا نغفله وهو لا شك سوف يكون محط الدراسة والاهتمام في مستقبل الأيام المجيدة على شعب الجنوب، ومن الغباء تخويفنا بذلك في حين أن هذه الرواسب وتبعاتها لن تحل كذلك في ظل هذا الاحتلال الهمجي. إننا هنا لا ندافع عن أخطاء ارتكبت في حق شعب الجنوب ما بعد الاستقلال مروراً بتلك النكسات المتعاقبة التي راح ضحيتها الآلاف من الجنوبيين ، ولا ندافع كذلك عمن اخطأوا وإن كانوا قيادات؛ فنقدر وقوفهم مع شعب الجنوب في المطالبة بالحرية والاستقلال، وشجاعتهم في إعلانها مدوية على الملأ؛ ولكن نقول: إن لشعب الجنوب –أفراداً أو جماعات- الحق في محاكمتهم -إن شاء- وإعطاء كل ذي حقٍ حقه، وربك المستعان على ما يصفون. آخر سطرين: من كان خائفاً علينا فليقف إلى جانبنا؛ ليقوى به صفنا ويستقيم به اعوجاجنا –إن وجد- بدلاً عن وقوفه في وجهنا، وفي صف عدونا، ويكتفي فقط بتقديم النصح والمشورة وكأننا نحتاجهما منه.