منذ عقد من الزمان لم تستقر الحالة على هذه الأرض وكانت عناوين مراحلها عبارة عن تناقض غريب وصل إلى مستوى غير عادي لم يشهد له مثيل في أي مكان ، تناقض لم يساعد الكثير على فهم وقراءة تلك المراحل وما بعدها إلى عهد قريب ، فكانت النتيجة أن اغلب ما تم استنتاجه يؤدي في نهاية المطاف إلى طريق مسدود او يؤدي في المحصلة النهائية إلى اعتقاد خاطئ ، ما حدث من خلط للأوراق وهيمنة مطلقة - في اغلب المراحل المتأخرة – من قبل فئة معينة منذ تخلي الإدارة البريطانية عن عدن ومحمياتها وحضرموت ، لهو خير دليل على أن هناك خطأ ما لان النتيجة دائما واحدة ، نفس المشهد يتكرر منذ تخلي الإدارة البريطانية عن عدن الاستقلال وما بعده ، تلك الفئة هي من يمتلك الحق في رسم كل شي ، ومن يمتلك القدرة والمهارة في إقناع الجماهير بالشيء وضده في مراحل متتالية كان أخرها محاربة الدولة في الشمال والذهاب الى الوحدة ، كلها صراعات مفتعلة وخلط للأوراق موجهة لإسكات صوت حضرموت ، على الرغم من وجود قيادات حضرمية على هرم السلطة في تلك المراحل إلا انها أشبه بالقيادات الحضرمية التي تتحكم فيها نفس الفئة في المجلس الانتقالي اليوم. ان الوطن الكبير الذي جمع شعب حضرموتوجنوباليمن يوما ما وكان يأمل الكثير من القادة في إعادة النهوض بهما مجددا في دولة واحدة تكون حاضنة لهم جميعا بعد مراحل الخراب الشتات التي أصابتهم ، هذا الوطن الكبير لم يعد له من وجود في الواقع وفي نفوس الناس أيضا بعد احتكار قادة المجلس الانتقالي الفعليين رسم ملامح الوطن القادم وفقا لمزاج يوحي بمشروع هيمنة ودكتاتورية مطلقة لمنطقة وفئة معينة ، في صورة أخرى مغايرة تماما لما يرجوه كل من الشعبين على مساحة كانوا يأملون ان تجمعهم تحت سقف وطن واحد. رغم التوجس الذي كان ينتاب شعب حضرموت من كل المشاريع السياسية التي تم تطبيقها على حساب مشروع قيام دولتهم التي تم إقحامهم فيها كمشروع جنوباليمن ومشروع الوحدة ، إلا أنهم مازالوا ينتظرون الظروف الملائمة للفكاك من حكم تلك الفئة. إن المرحلة الأخيرة هي من أكثر المراحل وضوحا وأصبحت الجماهير أكثر وعيا وقادرة على السير في الاتجاه الصحيح وأصبحت على يقين ان ذاك الوطن مجرد وهم ، وانه لم يعد له من وجود حتى في عقيدة قادة المجلس الثورية ، وان تلك الفئة وشعاراتهم المتقلبة لم تعد عقبة صعبة في الوقت الحاضر في طريق حلمهم في قيام دولتهم ومن الممكن تجاوزها بيسر. ان الاعتقاد بامتلاك ورقة التمثيل المطلق لإرادة الجماهير ، والاعتقاد بامتلاك الحق في احتكار الوطنية لهوا سلوك شاذ يوصل في المحصلة النهائية له الى محطة ملغومة بالعنف والفوضى خلافا لما يتم الإعلان عنه من مبادئ ومثل ، وهي بالفعل نزعة قد عكست سلوك فئة أصبح أكثر دكتاتورية وعنصرية من تلك الجهات الموجه ضدها تلك الشعارات الثورية . قادة المجلس الانتقالي الفعليين يؤكدون مرارا وتكرارا أنهم الممثل الوحيد لشعب الجنوبوحضرموت وإنهم يمتلكون الحرية بتفسير مبادئ وأهداف الثورة في اي شكل يناسب مزاجهم وإنهم يمتلكون الحق في الخروج عن الثوابت والحق في الوقوف ضد أحلام شعب حضرموت في قيام دولتهم التاريخية ، وضد مشروع اليمن الاتحادي الذي تم إعداده في الأصل لإخراج حضرموت من هيمنة تلك الفئة التي دامت عقود ، كل ذلك باسم شعار الثورة الذي تم استبداله بشعار الوفاء للدرهم. لذلك كان مفاجئ وشكلت صدمة لفئة المجلس الانتقالي الدعوات المحلية والإقليمية لإخراج حضرموت من هيمنة تلك الفئة بقيام مشروع اليمن الاتحادي ، فكانت ردة الفعل هو التوسل لدى القيادات الحضرمية المؤثرة وهو ما ظهر في اللقاءات الأخيرة اليائسة التي يراد منها ان تكون حجر عثرة إمام قيام دولة حضرموت ،لان قيامتها يعني انتهى مرحلة طويلة من الهيمنة لفئة صغيرة عبثت بجنوباليمنوحضرموت. في الآونة الأخيرة لم يعد لقادة المجلس الانتقالي من قضية غير قضية شعار ألوفا للدراهم. لأنهم وصلوا إلى يقين هو ان الغالبية المسحوقة من الجماهير التي تسلقوا على ظهورها لن تضل منحنية ، بل ان الجنوب الذي كان سوقهم الرائج في موسم طواف القبائل العربية مؤخرا أصبح غير مقدس هكذا كسدت تجارة ابو سفيان حول الكعبة بعد ظهور الدين الحق. وفي قادم الأيام قد لا يحتاج قادة المجلس الانتقالي التمسك بورقة حق تقرير المصير لان عدن وما جاورها قد لا يشملها الشكل الجديد للدولة القادمة التي سيطلق عليها دولة حضرموت ، لذلك سيرمون كل تلك الشعارات في اقرب صندوق على طريق المطار عند توجههم الى دبي ، لان الحكاية ستكون قد انتهت بحسابات بنكية كبيرة ، وأما البسطاء فعليهم ان يكافحوا للحصول على كسرة خبز.