قبل الدخول في صلب الموضوع سأوضح للقراء الأعزاء معنى ( أمدوس ) : هو مفرد أدواس وهي لعبة رياضية تمارس في بعض مناطق م/أبين وشبيهة إلى حد كبير بلعبة (( البولينج )) والتي أدواتها تسعة أجسام خشبية وكرة ترمى بها الأجسام، إلا أن لعبة ( أمدوس ) لها ( 14 ) دوس حجري يلعبها شخصان كل شخص معه سبعة أدواس وتبدأ اللعبة برمي احدهم أدواس الأخر ثلاث رميات متتالية من بعد عشرة أمتار، وكلما أصاب الهدف ازدادت له عدد الرميات وهكذا دواليك ، وفي حالة أخفق احد اللاعبين في التصويب يصيح بهم أحد المشجعين ( دق أمدوس من عند رأسه) بمعنى صوب على الهدف، وهذه اللعبة يلعبها الناشئين والشباب في أوقات القحط عندما يصيب مناطقهم الجفاف لسنوات ويصبحون عاطلين عن العمل لا رعي ولا زراعة فيقضون أوقاتهم في هذه اللعبة، ويتشاءم منها كبار السن بحجة أنها تجلب الفقر، حتى انه إذا أخبر احدهم الأخر خبرا مفجع أو سار يرد متلقي الخبر بعبارة ( سبعة أدواس ) ، ولندخل في صلب الموضوع: ونحن نعيش هذه الأيام أوقات مفجعة وغير سارة، ولا يختلف اثنان على أن نظام صنعاء انقلب على مشروع الوحدة عندما أعلن الحرب على الجنوب في 27 إبريل 1994م وتم اجتياح الجنوب في 7/7/1994م ( انظر كيف أن السبعة ورائنا ورائنا !! ) ضاربا عرض الحائط بقرارات الشرعية الدولية الصادرة من مجلس الأمن الدولي برقم ( 931-924 ) التي أكدت بأن لا شرعية للوحدة بالقوة ، وصار الوضع الذي يعيشه الجنوب منذ 7/7/1994م وضع احتلال وبحسب اعتراف على محسن الأحمر احد قادة الحرب على الجنوب وأحد ناهبي ثرواتها المنشق عن النظام مطلع 2011م. ومن خلال هذا الوضع عمل نظام الجمهورية العربية اليمنية على تدمير شامل وممنهج شمل كل مناحي الحياة في دولة الجنوب أرضا وإنسانا وقضى على مؤسسات دولة الجنوب من الاقتصاد والصناعة والنفط والمعادن والزراعة والثروة السمكية والتجارة والخدمات، وكان للمؤسسة العسكرية والأمنية النصيب الأكبر من التدمير بحيث لا تقوم لها قائمة في المستقبل كما تم القضاء على جيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية المدرب والمجرب ، حيث تعرضت ممتلكاته من أسلحة وآليات وألوية ووحدات للتفكيك والتدمير والمصادرة بحيث لا تقوم لها قائمة في المستقبل ، كما تم قسرا تسريح القيادات المؤهلة وتهميش من تبقى في الوحدات المفككة والغير مسلحة ( ديكور) وبهذا تم القضاء على جيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية حيث كان عدد منتسبي أجهزة الأمن والدفاع للقوى البشرية جنود وضباط وصف القوات المسلحة ( 82300 ) ومنتسبي الوزارة الداخلية ( 24000 ) ووزارة أمن الدولة ( 8000 ) بإجمالي عدد منتسبيها ( 114300 ) جندي وصف وضابط مؤهلين بالعلوم الأكاديمية العسكرية قبل حرب 94م. وكانوا موزعين على الألوية والوحدات التالية :- ( 22 ) لواء مشاة - أربعة ألوية ميكانيكية - لواء مظلات - ثلاثة ألوية دبابات ودروع _ أربعة ألوية مدفعية وصواريخ - خمسة ألوية طيران مقاتل- لواء أمداد جوي - أربعة ألوية صواريخ دفاع جوي - ثلاثة ألوية رادار واتصال - ستة ألوية بحرية - لوائين دفاع أرض /جو - أربعة ألوية خاصة لوحدة القيادة - لواء شرطة عسكرية - ( 14 ) كتيبة إمداد - ( 14 ) دائرة تابعة لوزارة الدفاع - الكلية العسكرية كلية القيادة والأركان - كلية الطيران والدفاع الجوي _ كلية الشرطة- المعهد الأمني - عدد من المدارس والمعاهد التخصصية لتدريب القوات البرية والبحرية والجوية - سلاح الإشارة - سلاح المهندسين المشاريع العسكرية - عدد من الوحدات الخاصة لقيادة المحاور الثلاثة - لواء تدريب العند - ست وحدات للتجنيد والاحتياط - خمس حاميات عسكرية _ أربع ورش مركزية - وعددا من الوحدات الفنية والخدمية والإمداد والتأمين الطبي بإجمالي يقدر ب ( 58 لواء ) و ( 14 كتيبة). قبل الهيكلة والذي تخص الجيش اثبتوا حسن النوايا تجاه الجنوب وقضيته العادلة و ( دقوا أمدوس من عند رأسه ) وأعيدوا ممتلكات الجيش الجنوبي كشرط أساسي لإنجاح الهيكلة وألا ستصبح الهيكلة هرجلة. وقفة: قبل وفاته وصف شاعر دثينة والشخصية الوطنية المعروفة ناصر عبدربه مكرش ( أبو حمحمة ) هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه شعب الجنوب الصابر في قصيدة قال فيها: بو حمحمة مآبي على تاريخنا / دي شلت الخبرة وخلتنا بلا تاريخ / شلت مخنا دي كان في مراريخنا / واليوم نتمشى ولا فكره ولا مراريخ / كنا ندق العدو بصواريخنا / واليوم لا مدفع ولا بندق ولا صواريخ / .. رحم الله أبو حمحمة رحمة الأبرار... * شاعر وناشط سياسي وإعلامي جنوبي.