في تصوير جميل وصادق ,, وصف ( احمد الشلفي ) مسيرة الحراك الجنوبي السلمي التي سبقت بسنوات اندلاع ثورة أبناء الشمال ( الموؤدة ), فوصف وأحسن الوصف , واتى بجانب من الحقائق , وان كان قصر في بعضٍ منها فأنه لم يزيد فيها . لقد تحدث الرجل عن حقيقة سلمية الحراك الجنوبي السلمي , والتي حاول النظام السابق إنكارها – كما يحاولون هم اليوم ذلك - , وتحدث عن حجم الحشود التي ظلوا يقللون من عددها , وأوضح كيف تعامل النظام مع الحراك الجنوبي بوحشية شديدة من جهة , وخسة ونذالة من جهة أخرى , ولم ينسى ان يعرج على الطوق الذي ضربة النظام السابق( والذي كان الشلفي احد أدواته ) في محاولة للتعتيم على حراك أبناء الجنوب , وكيف كان هذا الطوق محكماً . لقد اعترف الرجل بالكثير من الأمور الحقيقية والصحيحة , ولكن حين لم يعد لهذا الاعتراف أدنى قيمة لدى أبناء الجنوب , اللهم الا لجهة اعتراف المقر والمذنب بذنبه . لقد جاء اعتراف الشلفي متأخراً جداً , كما انه يأتي في ذات السياق المعهود ' لجهة استغلال أبناء الجنوب والتربح من دمائهم و تحقيق المزيد من المصالح على حساب تضحياتهم . بهذه المناسبة فأني أضع ( بين عيني ) الشلفي –وغيره من المتحذلقين – السؤال الكبير , وهو أين كنتم حين انتظر أبناء الجنوب منكم كلمة حق ؟؟! ولماذا الان استفاقت ( ضمائركم ) ؟! ولماذا ظلت هذه الضمائر في سباتها العميق الذي لم تخرقه صيحات الجنوبيين التي ظلت تتوالى تترا . لقد كان ( الشلفي ) وللأسف الشديد احد أدوات قمع أبناء الجنوب واستباحة دمائهم وكرامتهم وأرضهم . لقد كان ( مراسل الجزيرة ) احد الأذرع الإعلامية التي ضربت أبناء الجنوب ضرباً مميتاً . بل لقد كانت سهام ( الشلفي ) أمضى من رصاص ( قيران , وقرر , ومقولة ) وغيرهم من أدوات النظام القمعية . لقد كان يخرج أبناء الجنوب في فعالياتهم فيُقتل منهم من يُقتل , ويُصاب منهم من يصاب , ليعود من سلم منهم مساء إلى بيوتهم , يبحثون عن عزاء لهم في تغطية إخبارية مهنية هم جديرين بها , ليجدوا ( الشلفي ) أما متشاغلاً عنهم بسفاسف الأمور , وأما يسخر من تضحياتهم , ويتلذذ بمصابهم , محرفاً للحقائق ومزوراً لها , وقالباً للأحداث رأساً على عقب , فيمسون وما أصابهم من ( الشلفي ) أقسى على أنفسهم من ما أصابهم من ( قيران ) . كانت ( لمراسل الجزيرة ) في مسيرة التعتيم على الجنوب والتشويه به أساليبه المبتكرة التي لا تمت للمهنة بصلة , فقد كان يبدأ بالتجاهل التام , وحين يصبح التجاهل مستحيلاً , ويخترق الصوت الجنوبي الفضاء من هنا او هناك , يعمد صاحبنا أما إلى التقليل من حجم الحشد , او إلى التلاعب بالجهة المنظمة له ونسبته لغير أهله , وأما إلى طريقة تعامل الاحتلال مع هذه الحشود . اذكر جيداً الصمت الرهيب الذين كان المراسل يبديه تجاه ثورة الجنوب , وكيف كان يقلل من حجم وأهمية فعالياتهم , وكذلك أتذكر كيف كان في أوقات ينسبها إلى ( اللقاء المشترك ) , وأتذكر كذلك مرات استعمل فيها المحتل كعادته كافة الأسلحة ( الخفيفة والمتوسطة ) لتفريق الحشود , ليأتي ( المراسل ) فيصف لنا الوسائل التي فرق بها الاحتلال الحشود , قائلاً بأنها كانت القنابل المسيلة للدموع , وبعضاً من رصاصات في الهواء . والان ليسمح لي القارئ الكريم ان اقتبس حرفياً بعضٍ من تحريفات وتأويلات الشلفي ( الجديدة ) : (( وكان النظام يزيف الحقائق ويقول أنهم كانوا مسلحين كما كان يقول عن ثورة فبراير 2011 . قتل النظام المتظاهرين بحجة أنهم يحملون أسلحة والحقيقة أنهم كانوا عزل وسلميين . شكل النظام بلاطجة من مناطق معينة وسلحهم ومنحهم أموالا لقتل المتظاهرين في المحافظات بحجة أنهم أنصار الوحدة . اعتقل النظام مئات بل آلاف من المتظاهرين والنشطاء )) . منذ خمس سنوات مضت .. من منا سمع هذا الكلام او حتى بعضٍ منه من ( الشلفي ) ؟!!!! لم يقل شيئاً من ذلك , وقلنا انه كان أما صامتاً وأما مزوراً للحقائق , ليتبين اليوم انه كان كذلك يدخر تلك ( الحقائق ) ليوم حاجته الذي يبدو انه قد حل ! وها هو اليوم يقولها ( همساً ) , وفي آذان الجنوبيين فقط , وهو الذي يملك صوتاً مسموعاً !! (( رأينا الأعلام الشطرية ترفرف كأحتجاج سلمي )) لاحظ !! رفع الأعلام الجنوبية ليس الهدف منه ( عند مراسل الجزيرة ) الا الاحتجاج , وكأنها الشارات الحمراء التي يضعها العمال المضربين على عضدهم للاحتجاج على زيادة ساعات العمل او نقص الرواتب . (( وبغض النظر عن مطالبها .. فأن من أهداف الثورات السلمية رفع سقف مطالبها للوصول إلى ما تريد )) ., هنا يعود الشلفي للمغالطة مجدداً مدعياً بأن أسمى أهداف الجنوبيين ومحل تضحياتهم ليس الا من باب رفع المطالب , للمناورة , وليست هي الأهداف النهائية والحقيقية التي يدفع ثمنها أبناء الجنوب دما . ((نجح النظام في تحويل صورة الثوار السلميين في الجنوب من الشكل السلمي إلى المسلح إذ سعى بطرقه إلى تسليح البعض من أعوانه )) . هنا يعود ( الشلفي ) إلى دوره في الالتزام بتشويه الحراك الجنوبي والنيل منه لمزاً كما هي عادته , و لاحظ معي هنا أيضا ان النظام نجح في تسليح الثورة في الجنوب فقط , أما في الشمال فقد حافظ الثوار على سلميتهم , وما يقع في الحصبة وأرحب وتعز والجوف وعموم صنعاء جميعها ليست سوى أعمال احتجاجية سلمية يوزع خلالها ( الحمر المتناحرون وحمود المخلافي والحنق وغيرهم الكثيرين من المتقطعين ومفجري خطوط النفط وأبراج الكهرباء ) الورود . أما في الجنوب فقد أصبح الحراك مسلحاً . هذا ما يقوله المراسل المحترم !!. (( ولطالما كنت استغرب من الصبر والقوة والإصرار لهذه الثورة التي استمرت كل هذه السنوات )) . لم يرى منك الجنوبيين طوال هذه السنوات المريرة وأنت في موقع يحتم عليك الالتزام بالأمانة المهنية , لم يروا منك الا التجاهل من جهة وتحريف الحقائق من جهة أخرى , لقد كان الجنوبيين ينتظرون منك بحكم مهنتك أكثر من مجرد الاستغراب والتعجب !!. (( أي حوار هذا الذي لا يحترم مشاعرهم ويلبي مطالبهم في إبعاد من كانوا سبباً في المهم طوال 22 عاماً من مناصبهم ومحاسبتهم ومحاكمتهم )) . هنا يدس ( مراسل الجزيرة ) السم في العسل , فيخلط عامداً بين مطالب ( لصوص الثورة والثروة ) في الشمال وبين مطالب أبناء الجنوب التي يعرفها القاصي والداني ولن يستطيع ( الشلفي ) ولا غيره التشويش عليها . (( من يطرح فكرة الحوار معهم مع استبعاد (( مطالبهم )) في محاسبة من كانوا السبب فأنه يتيح الفرصة لتأجيج نار الانفصال ولا يحل المشكلة وانما يؤججها )) . وهنا بكل بساطة يفوض ( الشلفي ) نفسه وكيلاً عن الجنوبيين , فيضع الحل الناجع والأكيد للقضية الجنوبية والذي سيجعل أبناء الجنوب يعودون أدراجهم , هذا الحل هو فقط ((استبعاد ومحاسبة بعضاً من الذين لا يروقون( للشلفي ) )) ليجلس بعدها الجنوبيين ( القرفصاء ) ليتلوا عليهم ( الشلفي ) حقوقهم التي سيعيدها لهم . جوهر مقال المراسل ( المهني ) كان عبارة عن محاولة لاستغلال معاناة الجنوبيين , وعدالة قضيتهم لأمرين : الأول التسلق على ظهورهم للنيل من أعدائه في الشمال رافعاً ( قميص ) القضية الجنوبية . والثاني محاولة التشويش على قضية الجنوب , مسيرتها وأهدافها , والتهيئة والتسويق لفرض حلول مستوردة لها من خارج الجنوب .
فلينصت الشلفي للرد الجنوبي , فسنعيده على مسامعه ومسامع غيره كل طلبوا ذلك :
·ان أعمار الشباب الجنوبي التي تطوى وهم في مقتبلها ليست الا لأجل هدفاً واحداً ووحيد وواضح وهو تحرير الأرض والإنسان , وتحقيق الاستقلال الناجز والتام , ولم يضحوا لأجل استبدال احمر بأحمر , ولا لأجل إعادة موظف إلى وظيفته .
·الجنوبيين متفقين تماماً على الهدف الأسمى وان تباينوا بالوسائل الموصلة إليه .
·ليست ثورة الجنوبيين ثورة مطالب ولا هي ثورة جياع , بل هي ثورة الحرية والكرامة والاستقلال الناجز والتام .
·لسنا اليوم بصدد فتح ملف الحساب لأياً كان , الوطن اولاً , ومن ثم يأتي يوم الحساب وحين يأتي ذلك اليوم فلن يكون ( المدلسين والمزورين والمسوقين والشلفي احدهم ) ببعيدين عن ساحات العدالة , فما اقترفوه ويقترفونه ليس هيناً , وماكان للقاتل ان يقتل ويتمادى في القتل لو لم يجد من يسوق لجريمته ويوفر لها الغطاء .
· حلوا مشاكلكم ( المزمنة والمستعصية ) بعيداً عنا , فنحن لم يعد يهمنا من يبقى من حكامكم في السلطة ومن يرحل , لأنهم جميعاً من مشكاة واحده , وما يهمنا هو ان يرحلوا عن أرضنا جميعاً .
· محاولة استثمار معاناة أبناء الجنوب واستغلالها لحل مشاكلكم في الشمال وتصفية الحسابات بينكم لم تعد ممكنة اليوم بعد ان غسل أبناء الجنوب أيديهم منكم جميعاً .
·بضاعة الكذب والنفاق والرياء لم يعد لها سوقاَ في الجنوب . للأسف الشديد تعوز الكثير من النخب في الشمال الشجاعة التي تجعلهم يعترفون بالقضية الجنوبية كما هي وكما يطرحها المكتوون بنارها بعيداً عن خلط المفاهيم واللعب بالألفاظ , وسيظل إنتاجهم بكافة أشكاله غير مرحباً به في الجنوب حتى يسلموا بأنهم ليس أوصياء على الجنوب , وبأن الجنوب لأهله , وحل قضيته لن يكون بذر الرماد في العيون , ولكن بما يحقق الوفاء لدماء الشهداء والجرحى , وبما يلبي طموح الجنوبيين . خاتمة القول ان جل ما قاله ( الشلفي ) هو كلمة حق أراد بها ( مراسل الجزيرة كعادته ) باطل . [email protected]