هناك قصة يُقال انها حدثت في زمن اجدادنا الأولين , الزمن الغابر زمن القحط والجوع والعوز , ولأنها قصة جميلة ومحصورة التداول بلهجتنا البدوية المحلية أجدني مضطرا لإعادة روايتها لكم بلغة عربية رصينة حتى يفهمها الجميع , القصة تتحدث عن اتفاق خمسة نفر من خمس قبائل بدوية مختلفة واجماعهم, بعد ان أعياهم الجوع وأعيتهم فكرة البحث عن طعام لم يجدوه , على ذبح حمار وطبخه وأكله.. هنا بالضبط بدأت القصة عندما عقد الخمسة أمرهم وأقدموا على ذبح حمارهم المسكين الرمادي اللون ..بعد ان سلخوه وقطعوه ووضعوا لحمه على النار.. طلب نفر منهم كانت نفسه تصد عن الأكل كلما أرتسمت في مخيلته صورة الحمار المسكين بلونه الرمادي , لذا طلب من رفاقه الأربعة أن يعينوه على تجاوز هذا الحاجز النفسي ..خصوصا وانه يشعر بالجوع الشديد .. ولكي يشاركهم الوليمة بحماسة وبشهية مفتوحة أقترح عليهم أن يذهب هو إلى أعلى تلك التلة المطلة عليهم وعلى حلقتهم المتشكلة حول النار ..فيناديهم بصوتٍ علي ويقول : ياقوم.. ماذا معكم؟!.. فيقولون له :- تعال ..أقبل.. معنا غزال موضوع على النار!. فيأتي هو.. وبشهية مفتوحة يشاركهم الأكل!. بعد ان أملى الرجل اقتراحه البائس على رفاقه الأربعة , الاقتراح الذي يحاول به ان يُلهب حماس شهيته للأكل... وما ان تركوه يمضي إلى أعلى التلة تلك وينادي :- ياقوم... ماذا معكم؟! حتى جائهُ الرد الجماعي الصاعق كإجماعهم على ذبح الحمار :- تعال..أقبل ..معنا الحمار الرمادي اللون الذي ذبحناه قبل قليل!. فما كان من هذا المسكين الذي كلف نفسه عناء الصعود على التلة باحثا عن كذبة بيضاء يغالط بها نفسه التي تحاول ان تعف عن أكل الحمار وهي في شدة الجوع والفاقة ألا ان يذعن لجبروت رفاقه الوحوش الأربعة وبخلهم في تمرير كذبته البيضاء في يومهم الأسود وحمارهم الرمادي.. فأكل معهم وتشارك معهم الوليمة مجبرٌ أخاك لا بطل.. أو لنقل مجبرٌ أخاك أن أكل الحمار الرمادي اللون..ذي قُبيل!.