قد يتفاجأ البعض من الناس بهذا العنوان الغريب وقد يرى فيه البعض الآخر مبالغ فيه ولكنها الحقيقة يا سادتي بل وعين الحقيقة , فالإرهاب في جنوبنا الحبيب وخصوصا في عاصمتنا عدن بات ينمو ويتطور وينتشر بصورة فاجعة وغريبة ... اعرف انكم ستتهموني بالكذب أو بأقل الأشياء بالمبالغة بكلامي حين اقول لكم ذلك , وستقولون بإن الأمن يحارب الإرهاب وان هناك تحسن كثير وأن الإرهاب يتراجع وينحسر ويتقهقر وأن وأن وأن ...الخ أعرف كل ما ستقولونه وتدعونه مسبقا , لكن الحقيقة التي نتغاضى عنها يا رفاق هي ان الإرهاب بات ينمو وينتشر يوما بعد يوم ... , نعم الأمن يحارب الإرهاب عسكرياً ولكن هذا لم ولن ينهي الإرهاب ولم ولن يوقفه حتى او يحد منه بل عكس ذلك فالفلتان الأمني في تزايد يوم بعد يوم وعمليات الإغتيال الشبه يوميه والمفخخات هي خير دليل وبرهان على كلامي هذا ... يا أبناء وطني الغالي إن محاربة الإرهاب عسكرياً لا تكفي لوحدها , فالرصاصة نعم قد تقتل إرهابي لكنها لا تقتل الإرهاب ولا تقضي على الإرهاب ...! الإرهاب فكر يا سادتي ولا ينهيه ويقطع دابره إلا الفكر .. إن نجاح مجابهة الإرهاب ومواجهته مقترن في المضي بخطين متوازيين خطاً عسكرياً وأمنياً , وخطاً فكرياً وثقافياً .. فإذا لم يتم محاربة الإرهاب فكرياً وثقافياً في المساجد عبر توفير خطباء يقومون بتوعية الناس وتحذيرهم من هؤلاء ذوي الأفكار الشيطانية التكفيرية , وايضاً في المدارس والجامعات بتوعية الطلاب , وايضاً عبر إقامة الندوات والفعاليات الشعبية لتوعية الناس وتثقيفهم من هذا الفكر ومن هذه الجماعات , وصدقوني دون ذلك لن تنفع كل أسلحة الدنيا في النيل من الإرهاب .... لقد أصبح الجميع في هذا العالم يعاني من الإرهاب العابر للحدود والأوطان وخاصة في منطقتنا هذه منطقة الشرق الأوسط حيث أضحى هذا الإرهاب في هذه المنطقة يمثل خطراً حقيقياً وتهديداً جدياً على حياة الشعوب وعلى امنها واستقرارها , وبات يشبه الورم السرطاني في سرعة انتشاره وتناميه ... ولعل الإرهاب في جنوبنا الحبيب وعاصمتنا الحبيبة عدن هو القلق الأكبر والتهديد الأكبر على شعبنا الجنوبي ذو الثقافة الحضارية والمدنية وذو الفكر التسامحي والمسالم ... إن الإرهاب في عاصمتنا عدن قد وجد ظروف سياسية واقتصادية ملائمة سمحت ببقائه وتناميه وتطوره , ولعل ابرز تلك الأسباب التي استغلها هذا التنظيم هي هذه الحرب العبثية المندلعة منذ اربع سنوات والتي بات هذا التنظيم يستغلها كثيراً ليعزز قوته وسلاحه واقتصاده فهو يتحرك في الجبهات على شكل أشخاص وخلايا ومجموعات وبات يجمع السلاح ويكتسب الخبرات ويقوى ويتطور يوما بعد يوم .... واما السبب الآخر فهي الصراعات السياسية الموجودة حالياً في الجنوب وخصوصاً في عدن بين أجندة وأدوات دول التحالف , وكذلك وجود الجماعات المسلحة والميليشيات المختلفة المتنازعة فيما بينها والتي لا تخضع لجهاز واحد وإدارة واحدة بل تتبع اجندة عديدة مختلفة المشاريع والأهداف , حتى أن هذه الأجندة الخارجية وعبر أياديها المحلية وجماعاتها باتت تستغل الإرهاب لتنفيذ مخططاتها ضد الطرف الآخر ... كل هذه الأسباب التي ذكرتها هي من أمنت لهذا التنظيم ملاذاً آمناً لتنقلاته وحركته وتواجده وكذلك لتطوره حيث انه يقدم على تنفذ عملياته بكل اريحية وحتى أن اغلب هذه العمليات باتت مصورة ولديهم قناة رسمية ومواقع عديدة على الإنترنت . اما فكرياً يا سادتي فلا حل للقضاء على هذا الإرهاب السرطاني الذي أسميته انا " طاعون العصر " إلا بالعمل على نشر تلك المدرسة الدينية الحضرمية ذات المذهب الشافعي , ذلك المذهب النقي الوسطي الذي ينبذ العنف والتطرف ذلك المذهب الذي يمثل أسس الإسلام الصحيحة المتمثلة بالسلام والمحبة والتعايش , ذلك المذهب بمفهومه الحضاري الوسطي تلك المدرسة التي تخرج منها آلاف العلماء والطلاب والتي بتسامحها واعتدالها ونهجها وأخلاقها النبيلة شكلت أنموذجاً حقيقياً للأخلاق والقيم الحميدة وتعاليم الإسلام الصحيحة وحيث أن علماء وتجار وطلاب هذه المدرسة الشافعية الرائدة قد قاموا بنشر الإسلام المحمدي إلى بلدان كثيرة في العالم لم تكن مسلمة من قبل وأضحت مسلمة بعد ذلك ولعل اندونيسيا وأغلب دول شرق آسيا هي خير شاهد وبرهان على شموخ وعلو هذه المدرسة الحضرمية ولعل ما حصل بالأسابيع الماضية من عملية استهداف ممنهجة لأحد أكبر رواد ورموز هذه المدرسة هو خير دليل على مدى الخطورة التي باتت تمثله هذه المدرسة على هذا الفكر الشيطاني القبيح .