المرة الأولى التي شهدت فيها عدن عدوانا عليها وحربا ضروس طاحنة مهلكة هي عندما مر بها كرب إل وتر (ملك سبأ) وهو يهاجم مملكة أوسان , كما جاءت أخبار حملته في النقش الكبير "النصر" الموجود إلى الآن في مأرب. وحسب كتاب البريبلوس (القرن الثالث الميلادي) التي تعود إليه أكثر معارفنا عن التجارة والموانئ اليمنية قديما أنه بعدها توقفت عدن عن العمل لأكثر من مئة عام. ثم مرت فترة طويلة جدا يحكمها أبناؤها ترسخت ثقافة السلم, والإزدهار والعيش الرغيد, وإحترام التعددية بأنواعها كافة, إلى أن غادرت بريطانياالمدينة بعد أن وضعت السيطرة عليها بالتدليس في أيدي الجبهة القومية (الحزب الإشتراكي) دون رضا أبناء عدن أصحاب الأرض الحقيقيين ولم تعامل بريطانيا ممتلكات المدينة معاملة الأملاك الخاصة بأبناء عدن, مع أن العدانية كانوا مالكي الأرض. وفي إثره وعقبه, تعرضت الحياة الحضارية في عدن للإغتيال, فقد جاءت عدن بعد عام 1967م من باطن الحزب الإشتراكي أقوام من عشائر وقبائل الجنوب. لم يكن معها والحزب قضية حقيقية أو مشروع, ولا تراث تاريخي أو خلفية علمية في الإدارة والتجارة والتنمية, أو صفات آو خبرة في العمل السياسي والإجتماعي والنشاط الإنساني المتمدن تمكنهم من إدارة مدينة بعظمة عدن. وعليه أنقلب حال عدن وحلت بها الشدة والبلية والمصائب. فقد أتضح أن الحزب الإشتراكي وعشائره أشد بطشا وإستبدادا من قرينهم الخمير الحمر سيء الصيت في كمبوديا. في البداية طُردت المئات من كوادر أبناء عدن من الوظيفة العامة بقرارات وزارية. وقامت أجهزته الأمنية بمضايقتهم وتشريدهم, ومارست حتى تعذيبهم وقتلهم في مراكز الإعتقال وعلى مدى سنوات حكمهم لم قبائل الحزب وعشائرها إستيعاب بعضهم بعض قبليا ومناطقيا فلجأت لحل خلافاتها وعصبيتها إلى العنف, فنشبت بينها العديد من الحروب الأهلية الغامضة, لم يكن لعدن مغنم أو مغرم فيها, راح ضحيتها آلاف القتلى والثكالى والأيتام. وفي أثناء توليهم وزارة الإسكان والأراضي ( 1990م -1994م) نُهبت الممتلكات وأراضي المدينة في داخلها وفي حرمها وفي محيطها. وانتُشرت العشوائيات في داخل الشواطئ وعلى الجبال والضواحي. وأزدحمت بهم الشوارع و المدارس والمسشفيات والمواصلات, وأصبحت إمدادات الكهرباء والمياه لاتكفي. فضلا عن إنتشار الجريمة والمخدرات. ليس لأبناء عدن مكانا آخر يذهبون إليه. ومن الواضح أن المشكلات التي تحدق بهم هي مشكلات عميقة, وأن كل القوى السياسية القائمة تآمرت معا وأوقعت عدن والبلاد كلها في هذا الشرك الكريه. ويشعر الآن أبناء عدن بالإرهاق والقهر والتشكيك بمنطق الإستمرار في هذا الوضع القبيح والفوضى العارمة. ولم يعد مرحبا بعودة تلك القوى السياسية البائسة بكافة اشكالها ا إلى السلطة مرة أخرى. والجواب الأخلاقي أو الخطوة التالية لتحقيق العدالة لمدينة عدن تقضي بإعطاء أبناء ها الأصليين (العدانية) القدرة في إدارة كافة شئونهم بالإنتخاب بحرية وبطريقة ديمقراطية, وتحت مسئولياتهم ولصالحهم. دون ضغوطات خارجية عليهم مباشرة أو غير مباشرة. في إطار الوحدة القانونية والسياسية للدولة.