لا أحد يستطيع أن ينكر أن عدن تعيش الآن فصل قاتم من تاريخها، ولكنها ليست المرة الأولى التي تشهد فيها مثل هذا البلاء والمعاناة، فقد صرنا نعرف أن خمسة حكام همج جلبوا لها معهم الكوارث عندما حكموها ودمروها، وكان أولهم كرب إل وتر (ملك سبأ) عندما مر بالمدينة وهو يهاجم مملكة أوسان، وهيمن على كل الأراضي في الجنوب والشمال وإلى أرض نجران. كما جاءت أخبار تلك الحملة في النقش الكبير(النصر) الموجود إلى الآن، وحسب كتاب البريبلوس (القرن الثالث الميلادي) التي تعود إليه أكثر معارفنا عن التجارة اليمنية قديما أن عدن توقفت عن العمل بعد أن دمرها إيل وتر لأكثر من مئة عام. ومن بعد فترة طويلة منه وفي حقبة زمنية متصلة دمرها الأتراك وسلطان لحج قبل مجيء الإنجليز، ثم الحزب الإشتراكي بعد الإستقلال "المزيف" بالتدليس، وتبعهم صالح ومعه الحراك الجنوبي بعد الوحدة. والأخير لم يزل جاثم على المدينة. وكل كرب (مكرب) منهم حول المدينة من ميناء تخرج من نواصيه تجارة عظيمة إلى خرابه. ويكفي الآن، وعلى أبناء عدن أن يتركوا ثقافة الصبر والفرجة، وينظموا أنفسهم، ويطالبوا بحقوقهم في إدارة مدينتهم. إلى أن يتحقق للقوى السياسية اليمنية ومعها الحراك الجنوبي وضوح سياسي وأخلاقي، ويقتنعوا أن عدن ليست ملكية خاصة بأحد منهم، ولم تكن يوما ما في التاريخ عاصمة للجنوب.