عدن من أهم الموانئ التاريخية القديمة وبيئة حضارية متمدنة للغاية. وأشتهرت كمهد للتجارة الخارجية، وتوجد شواهد تاريخية على انتشار التوحيد فيها قبل الميلاد بمئتين عام في زمن كان محيطها من الممالك والقبائل وثني يعبد القمر. عاشت وصارت ذا حياة كريمة ورغدة وذا نماء وقدرة على الرقي والتطور طوال عمرها. والحالة أو الوضع الراهن القبيح التي تعيشه عدن وأنزل فيها الخراب والدمار كانت قد بدأت أصوله وأولوياته مع قدوم الحزب الإشتراكي بعد خروج الإنجليز من المدينة. ولم يكن، ولم يزل لا يوجد له أي مبرر أو أساس تاريخي أو أخلاقي أو قانوني. وإنما يكشف التدني والإنحدار القيمي والسلوك البدائي لمن قام ويقوم به. صحيح أن أبناء عدن لم يبذلوا جهدا لمواجهة مشكلاتهم، ولكن يشعر الكثير منهم الآن بالإرهاق والقهر والتشكيك بمنطق الإستمرار في وضعهم الحالي الذي يهددهم ويهدد مستقبل أولادهم بالضياع لأجيال قادمة عديدة. ونحن الآن في خضم نقطة تحول كبرى في تاريخ السلطة في المنطقة كلها، وليس عدلا أن تستمر عدن منجما للصراعات الدموية القبلية والمناطقية، ومرتعا لتخريبها ونهب أراضيها وممتلكاتها، وغياب كامل لأي تنمية مستدامه فيها. والأمل الحقيقي لخروج المدينة من نكبتها الحالية التي أوقعتها تلك الصراعات المرعبة في هذه الفوضى العارمة، وإعادة ترتيب الأمور فيها بطرق أكثر ملائمة، وجعل الأمور تسير كما يجب هو في تأسيس تنظيم سياسي يضم أبناء عدن. وهو وحده الوسيلة التي تسمح أن يصير من أهم مؤسسات المجتمع المدني وتسمح لهم بالفعل إلى رفض المحاصصة السياسية، وإزالة إحتكار الحقيقة وإحتكار المشروعية وإحتكار الوطنية من الأحزاب والقوى السياسية اليمنية القائمة بعد أن افسدت السلطة أحكام ضمائرهم وأحكام العقل عند قادتها. ويعطي أبناء عدن القدرة على وضع رؤية جديدة لمستقبلهم، وهُن وهُم من النخبة المثقفة من أبناء عدن قادرون على إنشائه وحدهم، فهم مكون أصيل تمتد حضارته عبر التاريخ، وعلى مداه كان لهم نفوذهم الواسع والتأثير الكبير والسيطرة المباشرة على مدينتهم. يشهد لهم بذلك كتب الرحالة المشهورين والموسوعات والمراجع العالمية بما فيها كتاب البريبلوس اليوناني أقدم المراجع التاريخية لموانئ اليمن والعالم. ومن حق عدن الأن وخليق بها وجديرة من الوجهتين السياسية والإنسانية بأن تقف وحدها. وإيجاد صيغة قانونية لمفهوم سياسي يتضمن منحها وضع خاص كمجتمع حضري. مدينة ذو حالة خاصة، غير متنازع عليها، في إطار الوحدة القانونية والسياسية للدولة. يمنح أبناءها القدرة على تدبير شؤونها كلها بما في ذلك إنتخاب مجالسها المحلية وممثليها في المجالس النيابية وغيرها، في إطار عملية ديمقراطية يكون حق التصويت فيها لأبناء عدن الأصليين وحدهم، من دون ضغوطات مباشرة أو غير مباشرة أو مشاركة أية أفراد أو جماعة من خارج المدينة. وما يفعله أبناء عدن اليوم ستروى قصتهم لاحقا.