من الواضح أن المشكلات التي تحدق بنا هي مشكلات عميقة وباتت تتحول إلى كوراث وطنية, وصارت أحوالنا ومدننا مدمرة خَرِب شديدة التلوث ممسوخة ومتخلفة. ويشكل مطلع هذا العام محطة مناسبة للنظر في طبيعة السلطة وصاحب السلطة في البلد. حيث من المتوقع عندما تبدا الأمور في التحسن ان يجرى تنظيمها من جديد وبطرق كثيرة من خلال ما يسمى بصعود الباقيين. وهناك أملا حقيقيا في سيناريوهات سياسية تسعى إلى صعود القوى الوطنية الشابة المتحضرة والمتمدنة والمتنورة والمثقفة, وتصحيح إرث المبادرة الخليجية, وتجاوز مخرجات مؤتمر الحوار فيما يخص تقسيم اليمن إلى أقاليم مزيفة, وإلغاء المحاصصة السياسية بين الأحزاب والقوى السياسية اليمنية بعد ان أفسدت احكام العقل عندهم وحولتهم إلى مجرمي حرب ومرتكبي فضائع ضد الإنسانية. إن عبادة السلطة لأجل السلطة خطئية ومعوقة ومدمرة. ومن غير ريب ليس عدلا أن نعيد في الجنوب إنتاج دولة الحزب الإشتراكي البوليسية الوقحة صنيعة بريطانيا التي لم يكن لها وجود في التاريخ, أو أن نكرَّسَ في الشمال نظام صالح المتخلف الفاسد. كما أن تقسيم البلد إلى اقاليم سيحوله حتما إلى منجم حروب اهلية ويدمره بكامله. صحيح إن إنشاء نظام جديد هو من الأمور الصعبة على التنفيذ والأكثر إثارة للريبة بشان إحتمالات نجاحه, لكن الآن الناس كافة مهددين بالإختفاء, وباتت هناك ضرورة ملحة أن يتغير وجه السلطة وإعادة ترتيب الأمور بطرق أكثر ملائمة, وماتفعله النخب الخِيرَة الشابة الوطنية اليوم سوف يحدد كيف ستروى قصتهم لاحقا. وقد تعلم الناس أن الوعي الجمعي الذي تغلب عليه البداوة عند معظم مناطق ومكونات وقبائل اليمن وقادة أحزاب اللقاء المشترك سئية الصيت هو سبب الإفتقار إلى التنمية والديمقراطية والحريات العامة والعديد من المشاكل والأزمات والحروب الأهلية التي شهدناها في الجنوب والشمال قبل وبعد الوحدة. وحقيقة واقعية هي أن كل الصراعات الدموية السبعة المتوالية التي دارت في عدن خلال العقود الماضية نفذها جيران عدن , الذين لاتربطهم صلة بالمدينة وبدونها ليست لهم أية قيمة, أصحاب تلك الثقافة المناطقية المبهمة والمتخلفة. لذا يجب التعامل مع تلك الأحزاب والقوى في عموم اليمن بنظام عدالة صارم وبالطريقة التي عومل بها مجرموا منظمة الخمير الحمر في كمبوديا ومجرموا الحرب النازية في المانيا. ويجب ان يعلموا أنهم سيلاحقون طوال عمرهم. وتبرز هنا أهمية قيام منظمات المجتمع المدني بتحديد وتوثيق الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي أرتكبوها وملاحقة الأحزاب وبقية القوى السياسية على ما أرتكبوه. وما من شك أن النظام الإنتخابي في اليمن غير شفاف وينتهي غالبا بالمحاصصة السياسية المدمرة بين أحزاب اللقاء المشترك البائسة, وأصبح معيقا للإستقرار والتطور ونتج عنه مشاكل سياسية وإجتماعية كبيرة وحروب أهلية. واليوم نحن بحاجة إلى نظام إنتخابي أكثرقوة وقدرة يسمح لفترة إنتقالية تسمح بتخفيض الوزن النوعي لمناطق البادية والسُهُب في محصلة الإنتخابات, وقادر على تمثيل فئات المجتمع الشابة المستنيره في الحضر وخاصة عدن وصنعاء وسئيون والمكلا والحديدة وتعز, وتمكين ابناءها الأصليين من إنتخاب وبشفافية ممثليهم في المجالس النيابية والسلطات التنفيذية المحلية. لكي يصل إليها عدد اكبر من ممثليهم للتأثير على السياسات العامة, وأن يديروا بأنفسهم مدنهم والسلطة السياسية والجيش والأمن في البلاد كلها, وإتخاذ القرارات ذات الصلة بها. لكي يصنعوا التغيير المطلوب ويمهدون لقيام دولة مدنية ديمقراطية تطبق القانون وتطلق الحريات العامة وتقوم على التنمية والعدالة الإجتماعية والسلام والمساواة بين المواطنين بغض النظر عن إنتماءاتهم الفكرية أو المذهبية او القبلية أو المناطقية.