مازال الناس يتضرعون لله بالانتقام لهم ، وبأن يوقع أشد غضبه على كل من يتحمل مسؤولية إنقطاع الكهرباء خمس مرات في اليوم . ومع كل مرة يتم فيها القطع يدعون على الرئيس المخلوع ، وهادي ، وباسندوة ، ووحيد رشيد ، وصنعاء ، وال الاحمر والوحدة ، والمبادرة الخليجية . وأحيانا على البيض ! و تمضي الايام وتشتد حرارة الجو، وتزداد المدينة قذارة وفوضى ، ومعها تزداد في هذا الشهر المبارك دعاوي الناس ، كلما توقفت مراوح بيوتهم عن الدوران . وعد باسندوة بحل مشكلة الكهرباء قبل حلول شهر رمضان وهاهو رمضان شارف على الانقضاء ولم يحل حتى نصف المشكلة ، ومع هذا ماتزال مقلتيه مليئة بالدموع . والمحافظ الابن الاصيل لهذه المدينة ، الذي هدد ذات مرة بتكسير رؤوس كل من يثير الشغب ، لم ينجح حتى بتنظيف مدينته من القمامة . وللخروج من هذا المازق لجأ الناس الى حل لايقل ضررا عن تفسخ القمامة وهو إحراقها ! أعصاب الناس – عدا من لديهم المولدات المحترمة طبعا - تنهار كل يوم ، كبيرهم وصغيرهم ، بسبب هذه الكهرباء التي تنقطع أكثر من مرة أثناء صحوهم ونومهم . وهم عاجزون أيضا أمام أكوام القمامة التي تحولت إلى مصانع لانتاج أطنان من الذباب . والحمدلله أن جعل الله سبحانه وتعالى عمر الذباب قصيرا ! هذه الحكومة – وهذا مايعتقده كثيرون - تنتقم منهم بضراوة . أو انها عاجزة إلى الحد الذي لاتستطيع فيه الايفاء بوعودها . ولكن لماذا تنتقم ؟ هل لان الكثير منهم يحلم بالعودة الى أيام زمان حيث كانت قبضة الاشتراكي البوليسية تحفظ لهم حدا معقولا من كرامتهم وراحة بالهم ؟ المنطق يقول أنه يفترض أن يتم ترغيبهم بهذا العهد الجديد الذي تسانده كل دول العالم تقريبا ! وتخفيف المعاناة عنهم . و الحرص على عدم تعريضهم لانهيار الاعصاب كما يحدث منذ اكثر من خمسة أشهر حينما بدأت إنقطاعات الكهرباء في الازدياد ، وأصبحت رائحة المدينة تبعث على الغثيان . هذه الدولة عاجزة ، حتى ولو نجحت غدا بحل مشكلة الكهرباء . وكل الاسماء الكبيرة والتي يفترض أن تكون فاعلة ، بينت عن عجز فاضح . الرئيس نائب المخلوع عاجز . رئيس الحكومة التوافقية العرجاء عاجز . المحافظ الاصلاحي العنيد ، عاجز أيضا . تخيل نفسك مواطن في دولة لايستطيع فيها الرئيس ولا رئيس الوزراء ولا محافظ مدينتك أن يحل مشاكلك الاساسية . وعندما يأتي الحل يأتي متأخرا جدا بعد إحتراق الاعصاب ! ولكن الناس أيضا أظهروا عجزا غير مبرر في الاستسلام للامر الواقع والركون الى اللعنات ، والاكتفاء بالدعاء على المسؤولين ! . وهم ذاتهم من ساهم في تضخيم جبال القمامة ورميها كيفما أتفق . وبث الفوضى بالطرقات . وإزعاج الاخرين بالالعاب النارية والرصاص كلما أحتفلوا بعرس أو رزقوا بمولود جديد قد ينظم لاحقا إلى قافلة البؤساء. لم نرى مثلا طيلة أشهر المعاناة من إنقطاعات الكهرباء . إعتصاما عاما لسكان المدينة يضم كل قادر على الاعتصام . كثيرون يفضلون مراقبة مايجري والتعليق عليه كما يفعل اولئك المحللين الذين يبيعون الكلام . بينما في مدن كثيرة حول العالم تصاب الحياة بالشلل ليس لانقطاع الكهرباء أو إمتلاء الشوارع بالقمامة بل لارتفاع طفيف في ثمن الخبز مثلا ! وطالما ذكرنا الخبز هنا ، لماذا لم نرى في هذه المدينة حشدا من أولئك الذين يعانون الامرين من الغلاء - وهم الاكثرية الساحقة – معتصمين باستمرار ضد الغلاء ؟ فقط يرددون الشتائم ذاتها ويواصون الدعاوي على من كان السبب ! غدا أو بعد غد قد يتم حل مشكلة الكهرباء جزئيا أو بصورة نهائية . وقد يتم جمع القمامة من شوارع المدينة ، وتنتهي تلك الروائح العفنة ومعها يتوقف الذباب عن التوالد . ولكن السؤال الاهم كيف سيتصرف الناس لو ظهرت لهم أزمة أخرى ، ووعدت الحكومة بحلها ؟! [email protected] * خاص عدن الغد