عند الساعة 11 صباحا اوقفت عجلة السيارة بجانب مستشفى عتق المركزي بعد ان تلقيت خبر صادم ومفاجئ..ان احد اقاربي قد سقط مغشي عليه فجأة وحاول الجميع اسعافه لكن روحه قد فاضت الى السماء .. وعند دخولي بوابة المستشفى وجدت الكثير من الاقارب والاصدقاء يعيشون حالة الصدمة .. لرجل لم يتعدى ال 50 من عمره عاش جل عمره مغتربا في السعودية وجاء ليبني له منزل في القرية بعد القرارات الاخيرة المجحفة .. رجل الخير والصلاح .. صاحب الابتسامة الساحرة التي ما ان يراه الشخص من اول نظرة حتى يدخل في نفسه السرور .. لست بصدد حكاية وفاة قريبي .. لكن وعند دهشة الجميع بمصابنا وفجعتنا وانشغال التفكير .. هناك تفاصيل اخرى يجب ان تحكى ..
داخل دهاليز المستشفى ..ذلك المستشفى الذي ذيع صيته في قديم الايام وقامت ببناءه دولة الكويت المعطاءة ..
والذي ضل على وضعه منذ الثمانينيات .. مستشفى بتلك الامكانيات لايليق بعاصمة النفط والغاز والثروات شبوة ..ذلك الاسم الذي لم يكن لها منه نصيب سوى الدخان والاقتتال على الفتات والنصيب الاكبر لحمران العيون ..
يا اللهي ماهذا الازدحام الغير طبيعي رغم اننا لازلنا في اجازة العيد .. الاطباء والممرضين في حالة ركض وعلى وجووههم علامات الألم والحزن ..
حاولت استكشف المكان لاجد اجابة لهذا الذهول وتلك العلامات على وجوههم .. وكانت الصدمة الاخرى . اطفال وشباب في مقتبل العمر وباعداد كبيرة قلما تجدها في ايام الذروة في المستشفى .. ماخطب هؤلاء .. فاجد الاجابة انه وباء حمى الضنك ..
يخبرني احد الممرضين ان المئات من الحالات التي سجلت بمرض حمى الضنك ووفاة اربعة منذ الاسبوعين الاخيرين ..
في دهاليز المستشفى وجدت ارواح قد صعدت الى بارئها واخرى تحتضر والبقية تنتظر ..
لقد استشعرت شبح الموت وهو يلوح باجنحته هناك بل لقد ترآيته ..كدت ان ارى تفاصيله المخيفة المرعبة ..
تلك الخرافة المسماة بالاشباح هاهي امامي الان في تلك اللحظة .. في شبوة .. كنت على موعد مع اللقاء به ..
ذهبت في لحظة تفكير عميقة .. وقلبي يشتعل نارا على مارأيته من تلك الاشباح التي تقطف شباب في سن الزهور ..
يقطع الصمت دخول احد الاداريين في المستشفى .. هو الاخر وجه لايسر .. اشرت بأيدي بتعجب نحو السرائر الممتلئة بالمرضى .. فاجابني اجابة قاتلة .. لا نملك مانقدمه لهم .. ولو نستطيع ان نصنع لهم من دمائنا امصال لعلاجهم لفعلنا ومابخلنا عليهم .. لكن كما ترى .. قدمنا استغاثات واستجدينا كل الجهات بحق هذه الارواح التي يزهقها هذا الوباء القاتل لكن لاحياة لمن تنادي ..
علامات الحيرة والتحسر قرأتها على تلك الوجوه .. والسلطة المحلية والجهات المختصة داخل وخارج المحافظة في نوم عميق .. وكان الامر لايعنيهم ..
الا ايتها الاشباح .. ايها البعوض الموبوء .. لعل فيكم من يسمع الدعاء .. من يلبي الاستجداء .. بالله كفى .. وان كان لابد فعليكم بكل من كان السبب ..