علينا ان ندرك ان الغرب بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية تقوم بتصعيد الكراهية وحملات إستفزاز المشاعر الدينية للمسلمين منذ أعوام من خلال خطة وضيعة, ذلك لضمان تحقيق اهداف معينة منها خلق أسباب تستدعي ردات فعل " همجية " من قبل المسلمين تخدم التشدد وجماعاته . الغرب يريد منا ردات فعل تشوه الصورة الحضارية للإسلام امام العالم من جهة, وصناعة وعاء إعلامي يسهل حجة الحرب على الإسلام من جهة اخرى. الغرب ايضا لا يريد سمعة طيبة للإسلام او مساحة معرفية تحمل وجهه الحسن بين عقول ابناء العالم المسيحي .حتى تظل الصورة النمطية للإسلام مترسبة في عقول الغرب ومستمرة في اتساعها عبر ساحات الإعلام والفكر .. وبرابرتنا لم يقصروا في ذلك, فقد اعطوهم كل الحجج والدلائل و منحوهم الفرص للاستفادة من ردات العفل "الهمجية" في ظل سوء ترشيد الغضبة واسلوبها .
من المؤسف ان حادثة إقتحام السفارة الأمريكية في اليمن و " سحل " السفير الامريكي في ليبيا, و مظاهرات الشغب في مصر وبقية البلدان الاسلامية تُعد من وجهة نظري فلم مسئ للإسلام و النبي محمد اكثر من الفلم الغربي "سئ الذكر" ذاته. وهذا ما يذركني بقول الدكتور مصطفى السباعي : " قد يضر بعض المتدينين الإسلام بعصبيتهم وحماقاتهم , أكثر مما يضره أعدائه بمكرهم وخداعهم "
فهؤلاء الذين تربوا على ثقافات العنف والتخريب والترهيب, يعتقدون انهم يحسنون صنعاً وبشجاعة, حين يقتحمون سفارة, ينهبون قطعة, يسلبون حق .. بينما لا حُسن ولا صنيعة في افعالهم, هم في الحقيقة لا يدركون انهم لا يجسدون اي إحترام لمبادئ الإسلام وإنسانياته واخلاقه, بل يسيئون اليه ايما اساءة .. فمنذ متى كان الانتقام للحق ( بالنهب والسلب والسحل ) ؟
فكل المشاهد السيئة التي تحدث عنها الفلم الغربي المسئ تكررت فعليا امام السفارات الامريكية في العواصم العربية كحالة اثبات للعالم على مصداقية الفلم وافكاره التي عبرت عن همجية المسلمين وتطرفهم .
ما يمكن ان نستنتجه كمسلمين عن نتائج هذه التصرفات البربرية انها لابد ان تصطدم مع انسانيات الإسلام واخلاقياته, وتتعارض مع مقاصده الشرعية التي سعى الإسلام ان يزرعها في صدرو ابنائه. فلا الإسلام يحرض على القتل والسحل, ولا الإسلام يأمر بالغضب والهمجية, بل يحث على العقلانية والحكمة والرشد في كل الأحوال .
ما يمكن قوله في الوقت الراهن ان من يريد ان ينتصر لرسول الله فعليه بشيئين : اولهما : التمسك بكتاب الله وسنة رسوله واخلاقيات الإسلام وإنسانياته . وثانيهما : تقديس العلم لبناء ورفعة الامة الإسلامية .
اما عن حكاية المظاهرات ونهب محتويات السفارات الأمريكية تحت مسمى الإنتصار او الإنتقام "المزعوم" للدين الإسلامي ونبيه المصطفى, فهو امر منبوذ ومدعاه للسخرية والخجل امام العالم, ودلالة كاملة على مدى إنحطاط الأمة أخلاقياً, ومعيار على عدم مفهوميتها لمقاصد الدين الإسلامي واهمية مُثل واخلاقيات وإنسانيات هذا الدين .
من جهة اخرى نقول ان ما يتوجب على الإدارة الامريكية يتمثل في وقف سيطرة جماعات يهودية موالية لاسرائيل على مخرجات السياسات الخارجية الأمريكية وترك سياسة الاستعلاء والغطرسة, وإستبدالها بسياسة أمريكية جديدة متزنة ومنصفة, مالم فذلك كفيل بتصعيد مستوى الكراهية للإدارة الامريكية لدى مليار ونصف المليار مسلم في العالم .