• صور مخزية تلك التي تناقلتها وسائل الإعلام والفضائيات العربية والأجنبية الأسبوع الماضي لحادثة اقتحام السفارة الأمريكية في صنعاء ونهب وسلب محتوياتها، صور نخجل كمسلمين أن يرتكبها البعض تحت مبرر الغيرة على الدين الإسلامي.. فقد كان الأحرى أن نعبر عن موقفنا واعتراضنا على بث فيلم أمريكي يسيء للإسلام والرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم بأسلوب حضاري راقٍ ومتمدن بدلاً من أن نقوم بممارسات وأساليب تكرس الصورة النمطية السيئة التي يسعى الغرب إلى إلصاقها بالإسلام والمسلمين. • لا أحد ينكر بأن الغرب يشن حرباً “مقدسة” ضد الإسلام والمسلمين منذ قرون خلت ويقوم بمحاولات دؤوبة لتشويه الإسلام ووصمه بدين الإرهاب وما الفيلم الأخير إلا حلقة ضمن سلسلة طويلة من هذه المحاولات، إلا أننا للأسف نحن من نعطيهم الأسباب والمبررات لمواصلة هذه الحرب بمثل هذه التصرفات والسلوكيات التي تأتي على هوى الغرب وتتماشى مع ما يريد تحقيقه من أهداف وغايات، حيث يقوم باستثمارها لصالح إثبات صحة نظرته السلبية المتطرفة تجاه الإسلام والمسلمين ووصمهم بالإرهاب والهمجية والوحشية. • والطامة الكبرى أن من يقومون بهذه الأعمال يظنون أنهم يخدمون الدين وينتصرون له ويظهرونه بالطريقة التي تليق به أمام العالم، بينما في الحقيقة ليست أعمالهم هذه إلا تشويهاً للدين الحنيف الذي شرعه الله تعالى وتسيء إلى سمعتنا كمسلمين لدى الآخرين وتضعنا كخصم أمام العالم، وإلا بالله عليكم ما الذي سنجنيه كمسلمين من هكذا تصرفات وأعمال؟! للأسف لا شيء سوى أننا نعكس صورة سيئة عن الإسلام والمسلمين ونمنح الآخرين مبرراً لاتهامنا بالتخلف وإبراز الإسلام كدين وعقيدة همجية، فيقولون للعالم : “ انظروا إلى الإسلام هذه هي حقيقته وهذه هي سلوكيات المسلمين، إنهم أصل الإرهاب في العالم، ألسنا على حق في محاربتهم طالما وهذه هي سلوكياتهم؟!” • صحيح أنه لا أحد يقبل التعرض للإسلام بسوء وأنه لا بد من اتخاذ موقف قوي وحازم لمواجهة أية إساءة لديننا الحنيف ونبينا الكريم، وهناك أكثر من مائة طريقة وطريقة لإيصال أصواتنا والتعبير عن إدانتنا وتنديدنا بهذه الإساءة إلا أنه ليس من ضمنها التخريب والتدمير، فاقتحام السفارة ونهب الموجودات فيها ليس هو الأسلوب المناسب للتعبير عن رفضنا وإدانتنا بهذه الإساءات، فلماذا يصر البعض على وصمنا بأخلاقيات العصور الوسطى بهمجيتهم وتصرفاتهم العدوانية التي تتعارض مع ديننا الإسلامي الحنيف ومبادئه وتعاليمه السمحة وتتعارض أيضاً مع سلوكيات وأعراف أبناء مجتمعنا اليمني الذي عُرف عنهم مُنذ القدم بأنهم “ ألين قلوباً وأرق أفئدة” في بلد وصِف ب (بلد الإيمان والحكمة). • فأين هو الإيمان وأين هي الحكمة ونحن نرى البعض يقومون باقتحام السفارة الأمريكية ويعيثون فيها إحراقاً وتدميراً وينهبون محتوياتها؟! فهل هذه هي أخلاق وسلوكيات الدين الإسلامي الحنيف وهل ما قام به هؤلاء من الإسلام في شيء؟! بالتأكيد لا لأن ديننا الإسلامي الحنيف ينبذ العنف وكل عمل ينطوي على التدمير والتخريب ولا يجيز بأي حال من الأحوال استخدام هذه الأساليب البعيدة كل البعد عن تعاليمه ومبادئه السامية ويؤكد ضرورة التعامل بأسلوب حضاري مع كل من نختلف معه انطلاقاً من المبدأ القرآني : «وجادلهم بالتي هي أحسن». • إننا بهذه الأعمال إنما نلحق السمعة السيئة بالدين الإسلامي وندمر مستقبل شعوبنا، ونؤكد تلك النظرة السلبية تجاه الدين الإسلامي الذي يصفه بعض الذين لا يدركون جوهره الحقيقي بأنّه “ لا يعرف العفو والصفح والسماحة، وإنما جاء بالعنف والتطرف والسماجة”، فمهما كانت الأسباب والمبررات إلا أنها لا تعطينا الحق بممارسة هذه السلوكيات والأساليب الهمجية لأننا بذلك إنما نخدم أعداء الدين والأمة ونكون أكبر وأشد وأعظم من يسيء للإسلام والمسلمين. [email protected]