إن ما يحدث بجنوب اليمن في جميع مدنها هي انتفاضة شعب تفتحت ذهنيته على الحرية والعلم والمعرفة وهو يرى العالم من حوله كيف يتغير ويتطور فلابد لهذا الشعب المفعم بحب الحياة ولكن في ظلال الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية أن يحدث التغيير إلى الأفضل. إنها انتفاضة الجنوبيين بجميع فئاتهم التي لم تستطع قوى الفساد التي تغلغلت منذ أكثر من عشرين عام أن تثنيها أو تفسدها بتلفيق جرائم السلب والنهب والفساد لتلصقها بهم وتشوه تلك الصورة الحضارية التي كان بها الإنسان الجنوبي . فوراء الأكمة ما وراءها بعد أن تكشف الكثير منها للعلن عندما صدرت الأوامر الخفية لحكومة شرعنة الاحتلال اليمني ومخلفات عفاش وأدواتها وشريكهاحزب الإخوانج بالتحريض الإعلامي الممنهج على قوات أمن عدن والحزام الأمني والنخبة بجميع فئاتها لتسود شريعة الخارجين على القانون . ومن اللافت لأنظار العالم ذلك الترحيب الشديد من ابناء الجنوب بالمجلس الانتقالي وبقوات الأمن في عدن والحزام والأمني وقوات النخبة بعد تحرير مناطق الجنوب من رجس الاحتلال اليمني ومليشيات الحوثي فان كان لهذا الموقف من دلالة من ثقة الشعب الجنوبي في جيشه فدلالته هي أن خفافيش الفساد التي عشعشت من سنين في مؤسسات عديدة بالبلد لم تصل اليه. وقد كانت لأبناء الجنوب مواقف حضارية عديدة لفتت أنظار العالم من ابرزها وقفة الشعب الجنوبي بمقاومته البطولية بوجه المليشيات الحوثية وعصابات الإرهاب والتطرف و المخربين وانتصار الشعب الجنوبي في الحرب التي خاضتها قوى الاحتلال بعباءة الحوثي وإيران وذلك تأكيدا لقمع ووأد تلك الانتفاضة السلمية الحضارية المطالبة بإستعادة الدولة الجنوبية والتي انطلقت منذ العام 1994م. لا تمر مرحلة من مراحل تاريخ الجنوب إلا ونجد دائما أحداثاً أو مواقفَ مهيبة تجسد قوة وجَسارَة الشعب الجنوبي في محاولاته الوصول إلى استرجاع حقوقه الوطنية ، (بالرغم من كل المؤامرات والدسائس)، ولا يتجاسر على تلك القوة إلا المنكر للحقائق والمتنكر لها، حيث تنطلق تلك المواقف والأحداث عبر مسيرة متعرجة تستحق كل التأييد والإعجاب، كما وأن لتلك الأحداث والمواقف تأثير قوي على العمق العربي، وفي الوقت نفسه تهز أعماق المحتل اليمني، كما وتثير اهتمام وأنظار العالم أجمع.. غدت صور انتفاضة الشعب الجنوبي السلميه الممتدة من العام 94 إلى 2015 لتنطلق الانتفاضة المسلحة التي استعاد بها الجنوبيين كافة أراضي الجنوب لتصل المقاومة الجنوبية إلى العمق الشمالي في أيّامنا هذه، أيقونة تجسّد مرحلة سياسيّة اجتماعيّة وطنيّة ماضية، لكنّها ما زالت تمثّل تطلّعات آنيّة نحوها؛ فهي انتفاضة شعبيّة عمّت كلّ مناطق الجنوب ، شملت النساء والرجال والشباب والشيوخ والأطفال، سلاحها الجسد الجنوبي وميّزتها اللحمة الوطنيّة والتنظيميّة الحقيقيّة من خلال الحامل السياسي للقضية الجنوبية الموحّد (المجلس الانتقالي الجنوبي )تحت راية واحدة فقط؛ الراية الجنوبية (علم الجنوب) وسقف استعادة الدولة والهوية ... فلقد قدم الشعب الجنوبي الالاف من الشهداء منذ انطلاق الانتفاضة الشعبية الجنوبية السلمية إلى يومنا هذا ولا زال يقدم التضحيات لأجل الهدف المنشود الذي استشهد لأجله الشهداء العظماء وهو التحرير والاستقلال ... وفي الختام لا نملك إلا أن نقدم تحية اكبار للإنسان الجنوبي وهو يناضل ليحمي ممتلكات وطنه ولم تذهله صرخات الجوع المطالبة بالحرية عن واجبه الوطني ....