الرأي الغالب في الشارع الجنوبي يعتبر الوحدة أملاً تحوّل إلى كابوساً مخيفاً ومدمراً صار شعوراً عاماً في نفوس عامة الجنوبيين داخل الجنوب وفي الشتات ، ويعبّرون عن استعدادهم بعدم السماح لامتداد ضرره للأجيال القادمة ... ولكن كيف ؟؟ الشارع الجنوبي خاض نضالاً سلمياً عنيداً لم تحدّ منه كل إجراءات القمع بما فيها الرصاص الحي الذي وجه لصدور الشباب في مسيراتهم وإعتصاماتهم السلمية ، في ظل حماية وترقيات ومكافآت للقتلة من أجهزة النظام ... هذا النضال السلمي نال إعجاب العالم وتعاطفه وإقراره بأن هذه التضحيات الجسيمة وراءها قضية عادلة .. وفُرض على نظام صنعاء وبقية القوى السياسية على الساحة المحلية الاعتراف بقضية فشلوا في وأدها ، وهنا انتقل الدور من الشارع الجنوبي إلى القوى السياسية الجنوبية وفي مقدمتها قيادات الحراك السلمي الجنوبي ، وقد أدى فشل النظام في إخماد ثورة الجنوب السلمية الى ظهور خلافات في قلب منظومة الحكم وحروب الحوثي في صعده والثورة الشبابية السلمية الرائعة في المحافظات الشمالية التي استطاعت قوى النفوذ تحويلها إلى أزمة سياسية من خلال تهديد الداخل والخارج بحرب أهلية مدمرة .. ما دفع الإقليم والعالم للتدخل وتدويل الأزمة و الضغط باتجاه حلولاً سلمية لإزمة النظام وحروب الحوثي وثورة الشباب في المحافظات الشمالية وكذلك القضية الجنوبية .. عبر ما سمي ( الحوار الوطني ) هذا الحوار المستند للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية للجنوبيين تحفظات تجاه الدخول فيه ، ويعزز من تخوفاتهم ما تقوم به القوى المتنفذة لنظام صنعاء من خلط للأوراق على الساحة الجنوبية منها توجيه مجاميع قاعدة صنعاء للانتشار في مناطق الجنوب استعدادا لإي طارئ أو لفشل الحوار الوطني القادم هذا إلى جانب دعم ظهور مكونات وعناصر جنوبية (مادياً وإعلامياً ) للدخول في حوار بأسم الجنوب والتعاطي مع القضية الجنوبية كقضية حقوقية وهو أمر إذا قبلت بتمريره لجنة الحوار ورعاة المبادرة وممثل الأممالمتحدة سيُفسر من قبل قوى الحراك السلمي الجنوبي وبقية القوى السياسية الجنوبية المنحازة لقضية الشعب الجنوبي بمثابة إغلاق لباب الحل السلمي للقضية الجنوبية وبداية لفتح باب المصير المجهول الذي قد يكون أهونه التدخل العسكري للإقليم والعالم ( رعاة المبادرة وعلى رأسها الولاياتالمتحدة ) حفاظاً على مصالحهم في المنطقة .. اليمنيون يعلمون ورعاة المبادرة يدركون أيضاً التاريخ الانقسامي الموغل في القدم للقطرين الداخلين في وحدة مايو 90م وما يترتب على هذا التاريخ الانقسامي من فوارق شملت كل جوانب حياة الشعبين ، وتجاهلها يمثّل تعسّف للتاريخ وتجاهلاً غير مبرر لحياة وتطلعات الإنسان الجنوبي .. لقد فشلت وحدة مايو 90م بتجاهلها لهذه الفوارق ، فهل يتكرر نفس الخطأ بشراكة الإقليم والعالم ؟؟؟ فشل الحل العادل لقضية شعب الجنوب لن ينحصر ضرره على الجنوب فقط بل سيشمل الشريك ودول المبادرة والراعية لها في دفع الثمن بشكل أو بآخر ... ولا شك أن كل الإطراف سترجح الحل السلمي انطلاقا من حساب الفائدة والخسارة .. ولأن الأزمة اليمنية قد جرى تدويلها بسبب مصالح الإقليم والعالم في هذه المنطقة فإن الحلول التي تضمن الأمن والاستقرار شمالاً وجنوباً ستعتمد على موقف دول المبادرة والدول الراعية لها بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية من خلال فرض حلولاً عادلة لمشاكل الشمال من ناحية ومشكلة الجنوب من ناحية أخرى ... وما نعتقده حلاً يضمن الأمن والاستقرار ويغلق أبواب الصراع الداخلي ويفتح الباب للتنمية ورفع مستوى المعيشة ويؤمن تبادل المصالح مع الآخرين هو :- - اعتماد فيدرالية الأقاليم في كلا من الشمال والجنوب – كلاُ في إطاره . - اعتماد النظام الكونفيدرالي بين الجنوب والشمال لفترة انتقالية مزمّنة يتم في نهايتها استفتاء لشعب الجنوب لتقرير خياره السياسي أما ببقاء النظام الكونفيدرالي أو إقامة دولته المستقلة .. ومن قراءتنا لمؤشرات الواقع الجنوبي نعتقد أن ما يقوم به متنفذوا صنعاء ( بشراء من يحدد مصير الجنوب بخيارات أخرى ) على المستوى المحلي والدولي لن يجلب الاستقرار والسكينة بل يعجّل من انفجار البركان الجنوبي ونحذّر من تستهويهم هذه اللعبة لتحقيق أطماعهم التوسّعية عبر من لا يترددون في بيع أوطانهم وشعوبهم أنهم كمن يشعل الفتيل في خزان من النفط .... وليعلم هذا جمال بن عمر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة وسفير الولاياتالمتحدةبصنعاء وبقية سفراء الاتحاد الأوربي ودول الجزيرة والخليج ... اللهم إني بلغت - اللهم فأشهد .