ولأول مرة في تاريخ الحكومة اليمنية يطل رئيس وزرائها أمام عدسات القنوات الفضائية ليعترف بعجز الحكومة الموقرة عن حل مضلة واحدة من المعضلات التي تجتاح البلاد بسبب محاولة اخفائها وعدم الاعتراف بوجود المرض والمشكلة خوفاً على المصالح الخاصة والحزبية والتصفيق للنجاحات الوهمية والهروب عن موطن الخلل وعدم السعي في البحث عن مخارج وحلول لاجتثاث المعضلة منذُ نشأتها وقبل استفحالها حتى تصبح معضلة مستعصية يصعب حلها كما هو واقع الحال مع كثير من القضايا التي اجتاحت البلاد وأوصلت الحال إلى ما هو عليه اليوم من واقع مزري تعيشه البلاد ويتجرع مرارته المواطن فقط دون غيره . في خطاب رئيس الوزراء أمام المؤتمر المنعقد في العاصمة المصرية القاهرة يلوح بوجود المعضلة وهي الأزمة الاقتصادية التي وصلت إليها البلاد وانهيار العملة الوطنية الريال ووصوله إلى الحضيض وما تبعه من تردي الحالة الاقتصادية وسوء الحالة المعيشية للمواطن ولكن كالعادة يتم القاء اللائمة على الاخرين والتنصل من كون الحكومة والسياسة الفاشلة التي تبنتها في إدارة اقتصاد البلاد هي من الاسباب التي أودت بالبلاد إلى الهاوية. ولا يخفى على احد أنَّ حرب الردة والانشقاق التي تبنتها جماعة الحوثي ربيبة ايران بتواطؤ من النظام واحتضانها لفترة من الزمن وتمهيد الظروف لنمائها هي من الاسباب التي أودت بالبلاد إلى هاوية من الاقتصاد المتهالك ناهيك عن عبث النظام وافساح الفرصة لكل عابث للعبث بمقدرات البلاد انتقاماً من ثورة الشعب التي قامت من أجل التغير ليتم اضعافها والنيل منها والعودة بدفة الحكم للرموز القائمة على رأس النظام. رئيس الحكومة في خطابة يعول على أن يأتيه الحل من خصومه ويستنجد بيمنيتهم وعروبتهم لوقف العبث بالمقدرات وترك سياسة ضرب العملة التي تمارسها جماعة الحوثي على حد تعبيره بمصادرة العملة الجديدة واستبدالها بالعملة المكدسة لديها وهي العملة القديمة وكل ذلك يدل على بساطة الخطاب إن لم نقل سذاجته فكيف يطلب من الخصم أن يترك منطقة التضيق ليفرج عليك وهو لا يبحث إلا عن محاصرتك في سبيل النيل منك واضعافك حتى تسلم وتعلن هزيمتك هذا من جانب ومن جانب اخر كيف يتخلى عن حلفائه الذين قد أخذوا عليه المواثيق والوعود وهم وجهان لعملة الواحدة وهي العقيدة التي يناضلون ويستميتون من أجلها لرفع راية فارس ترفرف فوق كل الأراضي التي كانت في يومٍ تخضع لسلطانها ونفوذها. وفي الخطاب يتضح غياب الرؤى المستقبلية وانعدام الاهداف التي تحملها الحكومة وهشاشة البرامج وعشوائية التخطيط وضعف الهمم في البحث عن مخارج وحلول للأزمات التي تعيشها البلاد وعدم الرغبة في الاستعانة بالأخرين والاستفادة من خبراتهم غير التطبيل وعرض المشكلة التي باتت معلومة وملموسة وواقع يعيشه الانسان دون الغوص في عمق المشكلة وتوضيح المسببات بشفافية والوقوف على الحل لها. الإنقلابيون يتحملون جرم كبير وجانب من المشكلة لكن لا ننتظر أن يأتي الحل من جهتهم فهم غارقون في غيهم بل ويستميتون لتدمير البلد , لهذا لا بد من بحث المخارج بعيداً عنهم ولا ننتظر انفراج المعضلات التي هم من اسبابها أن يكون من جانبهم . عصام عبدالله مسعد مريسي