بعد فشل مبادرة المبعوث الأممي لحل الأزمة اليمنية في سبتمبر الماضي بين أطراف الصراع منذ مطلع مارس 2015م ، فرضت دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدةوالولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا سلسلة من العقوبات الاقتصادية الغير معلنه لكبح جماح أطراف الصراع واستنزاف المخزون الاحتياطي والدعم الإيراني للحوثيين ،لتكون لتلك العقوبات تداعيات جسيمة على الجانب الاقتصادي منها: تدهور العملة الريال إلى أدنى مستوياته مقابل العملات العالمية الدولار والسعودي، وإرتفاع الأسعار الغدائية الأساسية والمشتقات إلى أعلى مستوياته ويستمر أزمة المواطنين إذا ما أقدمت المفاوضات لإنهاء الأزمة اليمنية ووقف الحرب قبل إنتهاء العام الجاري وبالتأكيد إنخفاض العملة أدى إلى مشاكل كثيرة في الإقتصاد و اثقل كاهل المواطنين. من فرضيات و تداعيات سياسة إنهيار العملة المحلية الاقتصادية :
الفرضية الأولى: الضغط على الحوثيين المدعومين من إيران من أجل الدخول في عملية تفاوض شاملة برعاية الأممالمتحدة والتخلي عن سياسة العداء الأمني والإيديولوجي مع السعودية.
سياسة إنهيار العملة المحلية إتجاه الأزمة اليمنية المراد منها الضغط على أطراف الصراع للقبول بمفاوضات شاملة تنهي أزمة الصراع الدائر في اليمن بين أطراف الصراع ويقابلها التفاوض مع إيران على مسائل تمس أمن الخليج تتراجع عنها إيران ، وتدخل ضمن ذلك تراجع طهران عن نفوذها في بعض الدول العربية الذي حققته منذ حرب الخليج الثانية، وتعزز بعد سقوط نظامي طالبان في عام 2001 وصدام حسين في عام 2003. وتشكل سياسة إنهيار العملة المحلية هدف مباشر أتخذته أمريكا لتحقق نفوذا جديدة لصالح معسكرها في الشرق الأوسط خاصة في ظل النزعة العدائية بينهما وبين إيران منذ إنتصار ثورتها الإسلامية في عام 1979. وجزء أساسي من الأزمة اليمنية هي بين المملكة العربية السعودية وإيران و وكلائهم في اليمن الحوثيين ، وهذا ما صرح به كبار القادة السعوديين وأكده أيضا كبار القادة الأمريكيين من خلال دعوة طهران بالكف عن أعمالها العدائية إتجاه المملكة العربية السعودية في إشارة إلى دعمها المالي والعسكري للمليشيات الحوثية في اليمن لمواجهة التحالف العربي وانقلاب على شرعية الرئيس هادي المعترف بها دولياً، وبات قلق واشنطن وبريطانيا من الحوثيين واضحا في اليمن منذ تدخلها المباشر في مساندة التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن وتأمين الممر المائي الأهم في العالم باب المندب بعد محاولة الحوثيين في السيطرة على ميناء عدن في مطلع مارس 2015 الماضي ونشر الغام بحرية تهدد السفن التجارية الدولية واستهداف الأراضي السعودية بصواريخ بالستية، من هنا تحاول السعودية بنهج سياسة الضغط على واشنطن لمنع الإيرانيين من التقارب مع الحوثيين وتزويدهم بالصواريخ الباليستيّة التي استخدمت في قصف المدن السعودية، وطالما أستمرت إيران بسياستها العداء إتجاه السعودية. وعليه، فإن إنهيار الريال المحلي الحاصل حاليًا قد ساهم في تقليل النفقات العسكرية للحوثيين وتهريب الصواريخ الباليستية عبر ميناء الحديدة والحشد العسكرية على الحدود السعودية مع اليمن، ومن شأن ذلك ينطبق مع العقوبات الأميركية الإقتصادية التي فرضت على إيران لوقف دعم إيران للحوثيين في اليمن، فإيران هي جزء من المحور الروسي الصيني الصاعد سياسيا وإقصاديا في قبال المحور الأمريكي البريطاني، الخصومة الخليجية (السعودية، الإماراتية، البحرينية) حلفاء الولاياتالمتحدة، فصعود إيران إقليمياً يقابله تراجع وإضطراب الدول الخليجية يمثل صعودا للمحور الروسي والصيني في الشرق الأوسط، في المنطقة العربية الغنية بالنفط ويقابله تراجع المحور الأمريكي والبريطاني والفرنسي، ومن هنا فرضت العقوبات الاقتصادية على إيران من قبل واشنطن من أجل تحقيق توازن جديد بعد صعود إيران على حساب دول الخليج. فأستمرار الخصومة بين دول الخليج بقيادة السعودية من جهة، وإيران من جهة أخرى تعود لصالح واشنطن، يقابل ذلك إرسال واشنطن بين الحين والآخر لحلفائها الخليجيين رسائلها السياسية والاقتصادية في محاربة دور إيران المتصاعد في دول عديدة من الشرق الأوسط، ومن ضمن تلك الرسائل العقوبات الاقتصادية ضد إيران.
الفرضية الثانية : إنهيار العملة المحلية تشكل حافز شعبي .
يشكل إنهيار العملة المحلية في اليمن في نظر المواطنين ( كابوس) يهدد التأمين المعيشي والصحي والأمني للشعب ،ويشكل إنهيار العملة المحلية في نظر النخب السياسية التي أخرجت هذا السيناريو هو عامل محفز لشعب لضغط على مرؤوسيهم في وقف تصعيد أزمة الصراع والقبول بحلول تضمن استقرار العملة والاقتصاد وتوفير المشتقات النفطية والغدائية تناسب دخل الأسر الفقيرة .
الفرضية الثالثة : إعادة برمجة الشارع الجنوبي بشأن قضية الجنوب ومطالب شعب الجنوب في تقرير مصيره.
تشكل سياسة إنهيار العملة المحلية أداة لكبح جماح الجنوبيين في تحقيق تطلعات شعب الجنوب في تقرير مصيرة بإستعادة الدولة الجنوبية المعترف بها دولياً باسم ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ) عاصمتها عدن ودخلت في الوحدة عام 1990 مع ( الجمهورية العربية اليمنية ) وعاصمتها صنعاء، وإنتهت بانقلاب وحرب شنها الرئيس علي عبدالله صالح عام 1994حينها كان رئيس ( للجمهورية العربية اليمنية ) وسيطرة القوات اليمنية على العاصمة عدن . وتشكل القضية الجنوبية أزمة قابلة للانفجار بأي لحظة اذا شعر فيها الجنوبيين بالالتفاف على قضيتهم وفرض عليهم البقاء تحت سلطة الجمهورية اليمنية وتجاهل مطالبهم المشروعة.