بقلم : د. صالح عامر العولقي نشاهد ونراقب ردات الفعل المختلفة عن الأحداث التي تشهدها شبوة اليوم.. دعوة جماهيرية مسيسة تغلفها قضايا حقوقية وخدماتية لكسب التعاطف الشعبي والضرب على وتر الخدمات بعد أن فشلت وثيقة الصلح واصبحت طي النسيان . جاهل أو متجاهل من يحاول أن يصف الهيئة الشعبية بأنها لأجل شبوة أولا وأنها حركة شعبية بحتة حقوقية وخدماتية لاتحمل في طياتها خبايا سياسية ومشروع سياسي خفي !!. لنرجع قليلا بالذاكرة ونقرأ الأحداث بعمق، وسنجد أن أي تحركات سياسية مناوئة لأهداف ثورات الشعوب وإراداتها وخصوصا في خضم وجود مشاريع سياسية متضاربة ومتصارعة في الساحة وتحمل مشروعا أقوى منها، فإن هذه المشاريع تلجأ إلى الاستتار بمشاريع خدماتية لتكسب التأييد والحصانة لتحركاتها القادمة، ولنتذكر ثورة الشباب في 11فبراير والتي ركب موجتها حزب الإصلاح، تلك الثورة التي تم إضفاء صفة المطالب الشعبية الحقوقية والخدماتية وتحولت بسرعة إلى مطالب بإسقاط النظام العفاشي الفاسد.. ولكنها انصدمت بوجود مخطط آخر يلعب نفس اللعبة وبأبجديات أقوى واستعداد أكبر، حيث جاء الحوثيون تحت حجة إسقاط الجرعة ليحركوا الشارع لإسقاط مؤسسات الدولة وعاصمتها والشروع في اجتياح بقية المحافظات وذهبت مطالب إسقاط الجرعة أدراج الرياح. إنهم رجال السياسة ياسادة، دائما يتسلقون على آهات الشعوب وآلامها لأهداف تخص مشاريعهم فقط.. لسنا ضد استعادة الحقوق لأبناء شبوة، ولكن الحقيقة أحق أن تقال..وأن مايزيد الأمر تناقضا هو أن بعض الوجوه التي تدعو إلى استعادة الحقوق المنهوبة، هم جزء لايتجزأ من ذراع الظالم الذي نهب حقوق أبناء شبوة وأفسد وسرق.. ولازالت أموال الشعب تصب في جيوبهم حتى اللحظة، فهم شركاء أساسيون في شركات عدة لازالت تنهب وتسرق ..لازالوا شركاء مع النظام الفاسد السارق وأموال الشعب تورد يوميا في حساباتهم في الخارج. فكيف تريد مني أن أصدق أن الشريك الذي لايزال حتى اللحظة.. شريكا في الفساد سيحارب الفساد وهو لازال يتغذى من أموال الشعب . ارحموا عقولنا ياسادة.. لاداعي لأن نجرب المجرب إلا من لم يتعظ.. لقد أحسنا الظن كثيرا في السابق حتى عضضنا على أصابعنا ندما.. فتغيروا قبل أن تطالبوا بالتغيير .. وأوقفوا عبث شركات أنتم شركاء فيها . إن المرحلة التي نمر بها، مرحلة صراع لمشاريع عديدة، وأي تحركات شعبية مصيرها أن تتحول إلى نظام سياسي قائم أو أن تختطف أو تسخر لخدمة نظام سياسي قائم أو مستحدث . فما يطالب به أبناء شبوة هي حقوق خدماتية، ترتبط ارتباطا وثيقا بالوجود السياسي لمشروع قادر على الايفاء بها وحمايتها.. فماهو المشروع المقبول لديكم وماهي قناعاتكم السياسية؟ . لاتأتني بأبجديات كتبت على ورق، فالدستور فيه من القوانين مايضمن حقوق الجميع ولكنه حبر على ورق لأنه افتقر إلى نظام سياسي عادل قادر على العمل بمقتضاه بل صاغته أيدي تحمل في خبايها نوايا احتلالية طبقتها على أرض الواقع والتفت على كل القوانين . هذه الحقوق لن تأتيكم عن طريق مشائخ أو أعيان بل ستحتاج إلى إدارة حكومية قادرة على تنفيذ ماستتمخض عنه ثورتكم المزعومة. . فهلا أوضحتم لنا اتجاهكم بعد تحريك الشارع وبلوغكم نقطة اللاعودة ؟ وماهو البديل للنظام الفاسد أم أنكم تريدون إصلاح الفساد ضمن منظومة دولة الوحدة القائمه تحت مسمى الشرعية. نحتاج منكم إلى وضوح أكثر بعيدا عن المزايدات والتلميع الإعلامي. . فلنتناقش بعقلية لأجل أن تكون شبوة أولا، قضى الاحتلال الشمالي فترات طويلة وهو يحاول توصيف ثورة الجنوب بأنها ثورة مظلومية وخدماتية بدرجة أولى مثلها مثل أي مطالبة شخصية أو جماعية كإسقاط الجرعة وغيرها ، محاولا تجاوز حقيقة القضية الجنوبية، وجوهرها ومبادئ وأهداف ثورة الجنوب المتمثلة في التحرير والاستقلال . إننا اليوم نرى أن مثل هذه التحركات سواء كانت بقصد أو بدون قصد هي تجسيد لهدف الاحتلال في تشويه وانتقاص لقضية الجنوب و أهداف وحقيقة ثورته، وتوصيفها بأنها مجرد ثورة حقوقية وخدماتية قابلة للحل في نطاق الدولة الموحدة، بينما الحقيقة هي أنها قضية دولة وسيادة وهوية تم مصادرتها تحت جنازير الدبابات ومدافع الاحتلال في صيف 1994م . لم تسقط دماء الشهداء لأجل مشاريع ناقصة أو خدماتية في ظل دولة الاحتلال، بل سقطت دماؤهم لاجل استعادة دولتهم بحدود ماقبل 22مايو 1990م. لتكن شبوة أولا كما ترددون، ولكي تكون شبوة أولا يجب أن نحذر عليها من أي انزلاقات بعيدا عن نسيجها الاجتماعي والوطني الجنوبي، وهذا لن يكون إلا بتحديد موقف واضح من قضية الجنوب وثورة شعبه التحررية. أما إذا كنتم تريدون الحصول على حقوق منهوبة، وترك الباب مفتوحا أمام مشاريع أخرى لتصبح شبوة مسرحا لصراعات سياسية قادمة قد يأست أن تجد لها موضع قدم في شبوة خلال الفترة الماضيه منذ انطلاق حرب 2015م فإن هذا هو الخطر بعينه. شبوة أولا نعم، ولكن لتكن شبوة في إطار نسيجها الاجتماعي والوطني الجنوبي وثورة شعب الجنوب التحررية، وليكن هذا هو محور ارتكاز لأي تحركات شعبية سواء حقوقية أو سياسية لنضمن بقاء وحدة الصف وتجاوز المرحلة التي تمر بها المنطقه بسلام.