نظم مركز دراسات الرأي العام والبحوث الاجتماعية ( مدار) صباح اليوم الاثنين بعدن ندوة سياسية بعنوان ((القضية الجنوبية .. الأبعاد وأفاق الحل )) بمشاركة عدد من نشطاء المجتمع المدني وقيادات أحزاب سياسية وصحفيين . وأدار الندوة أمين عام حزب رابطة أبناء اليمن رأي السيد محسن بن فريد الذي منح فرصة الحديث للقيادي بحزب الرابطة يحي محمد الرابطة الذي قدم مداخلة بعنوان "توصيف القضية الجنوبية وأبعادها".
وقال الجفري في مداخلته : ان حزب الرابطة هو أول حزب سياسي أشار إلى ان الحراك فصيل سياسي احدث متغيرا على مستوى الساحة السياسية مؤكدا ان القضية الجنوبية ليست قضية حقوق ومطالب بل قضية وطن موضحا ان الدولة عندما تجاهلت مطالب الجنوبيين تحولت المطالب من حقوقيه إلى سياسيه وأصبحت قضية ارتباط بالهوية الجنوبية للمجتمع والفرد .
وتحدث الجفري عماتعرضت له مؤسسات ومرافق الجنوب من خصخصة وتغيير لأسماء المرافق وتسريح الكوادر الجنوبية من وظائفهم وإحلال بديل عنهم منهم اقل كفاءة وخبره من الجنوبيين .
ومن ثم تحدث في الندوة الباحث الأكاديمي الأستاذ بجامعه عدن د_ حسين العاقل ( وقدم ورقه بعنوان الوحدة والنفط وقرار احتلال المحافظات الجنوبية ).
قال العاقل : ان الوحدة لم تكن سوى خديعة ومؤامرة كبرى هدفها الاستيلاء على ثروات الجنوب ودلل بالبراهين والحقائق عن كيفيه تم التأمر منذ زيارة بوش الأب وافتتاح مصفاة مأرب وكيف خططت شركة هنت لإشعال فتيل الحرب في ابريل 1989م لكي تحصل على حق الاستثمار لقطاع جنة الغازي الذي يعد اليوم رابع حقل غازي بالعالم .
وأكد ان شركة هنت مولت حرب 1994 الظالمة وبعد احتلال الجنوب تسارعت الشركات على تقاسم الجنوب فحصلت شركة هنت على قطاع جنة وعسيلان والعقلة ورملة السبعتين وقطاع أخرى في حضرموتوشبوة .
ومن ثم قدم السفير قاسم عسكر جبران ورقه بعنوان ( الهوية الجنوبي).
قال فيها : ان الحراك الجنوبي الحامل الشرعي للقضية الجنوبية .
مطالبا بضرورة وقف ما اسماه سلخ الهوية الجنوبية عبر محاولات يمننة الجنوب .
وأكد على دعوة الحراك المباشرة هي فك الارتباط مع الجمهورية العربية اليمنية واستعادة استقلال وسيادة دولة الجنوب على كامل أراضيها مشيرا إلى ان الحراك يضم جميع فئات أبناء الجنوب من مستقلين وحزبين موضحا ان عضوية الحراك مقتصرة على أبناء الجنوب فقط.
وقال عسكر : ان العودة إلى ماقبل 22مايو يؤسس لعلاقة مستقبلية أفضل بين الشعبين الشقيقين.
من ثم ألقيت الورقة الرابعة من قبل الناشط السياسي علي الأحمدي بعنوان علاقة الحراك السلمي بالقضية الجنوبية .
وقبل اختتام الندوة ألقيت عدد من المداخلات والتعليقات من قبل الحاضرين حيث استهلت المداخلات ، أسماء الحمزه –قالت- ان واقع الحال بالجنوب يتحدث عن نفسه وقالت ان من أوصل الجنوبيين لهذا الوضع هم الجنوبيين أنفسهم وعليهم تخليص الجنوبيين من الوضع القائم .
عبدالهادي ناجي علي : أشاد بالتسامح والتصالح وقال على الجنوبيين تجسيد التسامح والتصالح الحقيقي وليس التسامح بجلسات القات ، وقال ان أول المتحدثين عن القضية الجنوبية هم الكتاب والصحفيين وفي مقدمتهم ابوبكر السقاف ومحمد علي السقاف واحمد عمر بن فريد.
سامي غالب رئيس تحرير النداء ، قال : ان الحراك حركة شعبية مبنية بركائزها الأساسية على عدالة القضية الجنوبية مؤكدا انه ليس من مصلحة الحراك التعامل مع أي ظاهرة بالعداوة بل يجب على الحراك ان يتعامل بروح ايجابية مع الثورة في عموم اليمن.
وأوضح غالب انه وثلة من الكتاب الشماليين وقفوا مع الحراك منذ انطلاقته ومن أول لحظه مذكرا ان المأسي والمجازر والإخفاء القسري حصلت في الشمال والجنوب ولم تكن المشاكل مقتصرة على الجنوب فقط .
وبعد حديث سامي غالب تحدثت الناشطة هدى العطاس والتي قالت:" إننا متضامنين مع ثورة الشباب باليمن موضحة ان سقوط النظام جزء من حل القضية الجنوبية وليس حلا كاملا وقالت إننا بالجنوب بحاجة إلى رؤية للمستقبل و عندما نطالب باستقلال الجنوب سيتم وضع سياسي يمنح المواطن عزته وكرامته .
وتحدث في الندوة الوزير السابق حسين عرب الذي قال علينا توحيد صفوفنا إذا أردنا اخذ حقنا بالجنوب.
وقال :"إننا بالجنوب قضية وطنية هي اكبر من الأحزاب واكبر من المصالح الشخصية وقال ان الجيل الجنوبي السابق لم يكن يقبل بالأخر وهو ما أوصلنا إلى الوضع الذي وصلنا إليه ."
وأضاف:" إذا اتحدنا سنأخذ حقنا ولن يستطيع احد تجاوزنا مهما كانت قوته و النظام دمرنا سياسيا واقتصاديا وعسكريا منذ 1994 .
وأضاف:" نحن الذي كنا بالسلطة كنا نلاحظ المؤامرة لتدميرنا ولكن أنهم لم يستطيعوا ان يدمروا إرادتنا اختتم حديثة بالقول:" أمامنا فرصة أخيره لأخذ حقنا بتوحيد صفنا .
كذلك تحدث في الندوة فضل الربيعي- د زين محسن -د قاسم المحبشي -عدنان الجنيد-توفيق الباهوت وفضل علي عبدالله.
إن القضية الجنوبية ليست مجرد قضية مطالب أو حقوق؛ وإن بدأت بها في العام 2007 ولكنها قضية سياسية بالدرجة الأولى أكد صفتها هذه إستهانة المنظومة السياسية بكاملها لها وبها، عدا بعض الإستثناءات، بما فيهم أشقائنا من الشمال، وتمادى في عدم المعالجة الفورية والسريعة للأسباب التي أدت إلى نشوء تلك المطالب والحقوق وزاد الأمر سوءا إطلاق البعض صفاتا ونعوتا ضد هذه المطالب وأصحابها أقل مايمكن القول عنها أنها لم تدركها وتعيها .. ولايفوتني هنا أن أشير - بإختصار- وبكل إعتزاز إلى أن الحزب الذي أتشرف بالإنتماء إليه حزب رابطة أبناء اليمن "رأي" قد تنبه إلى ذلك منذ أن تقدم في 15 سبتمبر 1997 بمشروع للقانون المحلي واسع الصلاحيات بهدف معالجة الإختلالات وسيطرة الفساد لغياب عناصر الحكم الرشيد القائمة على الأضلاع الثلاثة: المشاركة؛ والشفافية والمساءلة؛ وسيادة القانون؛ ثم في نوفمبر 2005م قدم مشروعه للإصلاحات الشاملة التي نص فيه بوضوح إلى الدولة المركبة بدلا عن الدولة البسيطة بمركزيتها الشديدة المعوقة وخالقة البيئة المناسبة لممارسة التمييز والتهميش؛ وفي 17 يناير 2008م قدم الحزب رؤيته للسياسات الداخلية والخارجية وتحدث فيها عن المواطنة السوية القائمة على اضلاع ثلاثة هي:
v العدالة في توزيع الثروة والسلطة. { عدالة } v الديمقراطية المحققة للتوازن. { الديمقراطية } v التنمية المستدامة . { التنمية }
واستطرد قائلاً : ومن هنا؛ فإنا نرى أن القضية الجنوبية قضيةً مركبة من عدة زوايا ونبين أهمها على الوجه الآتي :
الزاوية الأولى : الهوية الجنوبية ( مكونات الشخصية للمجتمع والفرد) والهوية الجنوبية التي نقصدها هنا تحديدا وفي مجال إشكالات " القضية الجنوبية " التي نحن بصدد الإجتهاد لوضع محدداتها هي بالنسبة للمجتع ككل { الذاتية والخصوصية ، وهي القيم والمثل والمباديء التي تشكل الأساس للمجتمع } وبالنسبة للفرد هي { عقيدته وموروثه الثقافي، وحضارته، وتاريخه }.
الزاوية الثالثة : ممارسة سياسة التمييز والتمايز في معاملة أبناء الجنوب مقارنة بمعاملة أشقائهم من مواطني الشمال مما استدعى إلى ذاكرة ابناء الجنوب الفصل العنصري والتمييز العنصري الذي عانى منه ابناء جنوب افريقيا؛ لأن التمييز قد مسَّ كل أمر من الوظيفة العامة مرورا بفوارق المزايا المالية وصولا إلى التمثيل الدبلوماسي .. بل وبلغ حدا إلى التمييز والتمايز في المنح الدراسية فلا التفوق الدراسي كان المعيار لإختيار المستحق للمنحة الدراسية؛ ولا الخبرة أو الكفاءة العلمية كانت الأساس للوظيفة العامة .. بل ولا السجل الوظيفي المتميز أو الإحترافية المهنية شكلت أُس الإختيار لوظائف السلك الديلوماسي .
الزاوية الرابعة : الديمقراطية وتطبيقها غير السوي أفقد الديمقراطية أهم ركن فيها وهو تحقيق التوازن بين فئات المجتمع المختلفة ومناطق الدولة المتنوعة مماجعل الديمقراطية وكأنها تسلط الاغلبية العددية حتى ولو ادى ذلك الى التهميش والاقصاء، فولد الشعور لدى ابناء الجنوب بأنهم الاقلية داخل وطنهم وبمعنى اكثر دقة اصبحوا (كالايتام على موائد اللئام).
اذن القضية الجنوبية ليست قضية مطالب او حقوق وإن بدأت كذلك وإنما هي :
قضية سياسية : ( التميز والتمايز –الاقصاء والتهميش-الاستحواذ) . قضية اجتماعية : ( فقدان الالاف لوظائفهم –حالة الفقرالمدقع-حالة اللاأمل ) . قضية اقتصادية : ( عدم ايجاد بدائل لمن تم تسريحهم من وظائفهم- تدني مستوى دخل معيشة الفرد بسبب فقدان العملة الوطنية المستمر لقوته الشرائية الذي أوجد الفجوة بين الدخل الحقيقي للفرد وحاجته –فقدان مظلة امان حقيقية – التفريط بمؤسسات البلاد الإقتصادية ..إلخ) .
تلك هي القضية الجنوبية في تقديرنا، والذي فاقم الإحساس بها إنعدام والغياب التام للتعامل الجاد من قبل النظام الحاكم لمعالجة المطالب الحقوقية بُعَيْد خروج العسكريون في مسيرتهم يوم 7/7/2007م؛ وغياب تعاطف وتجاوب إبن المحافظات الشمالية مع هذه المطالب والحقوق ناهيك عن بعض تعبيرات الإستهزاء من بعض زملائهم – أي العسكريين - الشماليين، فانعدم احساس مواطن الجنوب ان شقيقه في الشمال يشعر بمعاناته ويستشعر مأساته هذه؛ فكان من الطبيعي أن يغضب إبن الجنوب وهو المظلوم - ومع إستمرار التجاهل له - أن يعلو جدار الكراهية بين المواطن واخيه .. وان يكفر المواطن في الجنوب بالوحدة التي سعى اليها وظل اعواما طويلة يحلم بيوم تحقيقها بعد أن فقد الأمل فيها وبها .. بعد أن ذابت أحلامه؛ وتلاشت طموحاته ؛ فتحطمت على صخرة اليأس آماله.
بعد ذلك تحدث الدكتور حسين العاقل مقدماً شرحاً حول ماتم تدميره خلال العقدين الماضيين من البنيه التحتية للجزء الجنوبي بممارسات خاطئة وغيرها بعد ذلك فتح باب النقاش من قبل الحاضرين الذين اكدوا على ضرورة ان يتم ايلا القضية الجنوبية ماتستحقة من خلال تعزيز مبدء التصالح والتسامح بين ابناء الجنوب ووضعهم لاستراتيجية تنقل قضيتهم من مرحلة النقاش والتداولات الكتابية الى مرحلة تجسيدها على ارض الواقع واختتم الدكتور فضل الربيعي الجزء الاول من الندوة بتوجية الشكر والتقدير لكل من ساهم في انجاحها من خلال الحضور او تقديم اوجه الدعم المعنوي والمادي على ان تستمر يوم غد لمناقشة بقية محاورها .
ينشر "عدن الغد" نص الورقة المقدمة من د. حسين العاقل الاستاذ بكلية التربية جامعة عدن.
الوحدة والنفط وقرار احتلال واستباحة محافظات الجنوب. ورقة مقدمة إلى ندوة( القضية الجنوبية ..وأفاق الحل ) التي يقيمها مركز مدار لدراسات الرأي والبحوث الاجتماعية.. مقدمة من قبل الدكتور / حسين مثنى العاقل, أستاذ مساعد كلية التربية صبر جامعة عدن.. مقدمة: لقد باتت الحقائق واضحة لكل من عايش وتابع مجريات الأحداث السياسية والاقتصادية خلال عقود النصف الثاني من القرن (العشرين) الماضي، وما شهدته من تطورات وتحولات متسارعة على المستوى العالمي وعلى صعيد منطقة الشرق الأوسط بعامة والبلدان العربية على وجه الخصوص. ومجمل تلك الأحداث السياسية والاقتصادية فرضتها عوامل ومستجدات متعددة محليا وإقليميا ودوليا ليس بوسعنا استعراضها في هذه الورقة.. ولكن يمكننا القول بأن تلك العوامل قد عكست نفسها بصورة مباشرة على الأوضاع الداخلية للبلدان العربية ومنها المستعمرة البريطانية المعروفة حين ذاك بمحمية عدنAden Protectorate والمحميات الغربية Western Protectorate States أو (اتحاد الجنوب العربي Southein Arabia ) وبالمحميات الشرقية Eastern Protectorate State أيضا. فبريطانيا العظمى المحتلة لأرض الجنوب كانت تعلم بأن هذه الأرض تختزن في باطنها كنوزا ثمينة وثروات كبيرة من الخامات ورواسب مصادر الطاقة، فقد حاولت في عام 1938 بواسطة الشركة النفطية البريطانية العملاقة برتش بتروليم PB))British Petroleum للتنقيب عن خام النفط في منطقة ثمود شمال حضرموت، ثم تلتها بعد سنوات قليلة الشركة النفطية الأمريكية بان أمريكان، وبالرغم من النتائج المشجعة لتلك المحاولات في وجود كميات تجارية من خام النفط، إلا أن ظروف الإنتاج الفائض عن حاجة الأسواق المستهلكة للنفط من الحقول العربية في العراق والكويت والسعودية وليبيا وغيرها، ومن حقول إيران جعل الشركات الرأسمالية غير مهتمة بعمليات التنقيب والاستكشاف عن النفط في الجنوب، واكتفت بإنشاء أكبر مصفاة لتكرير النفط ومشتقاته في المستعمرة عدن عام 1954م.
ومن أهم الحقائق حول عزوف الشركات الرأسمالية عن سعيها للحصول على عقود واتفاقيات لاستثمار النفط والمعادن الأخرى بعد نيل شعب الجنوب استقلاله الوطني في 30 نوفمبر 1967م، وقيام دولة الجنوب الحرة والمستقلة، هي أن الدولة الجديدة انتهجت نظاما سياسيا متشددا في معاداته للنظام الرأسمالي ومنحازا ومتحالفا مع التوجهات السياسية للدول الاشتراكية، فهذه التطورات كانت كما نعتقد أحد أهم الأسباب في عزلة النظام السياسي لدولة الجنوب !؟. ومع ذلك ظلت الدوائر الغربية وأطماعها الاستثمارية للثروات الجنوبية تراقب عن كثب وترصد بعناية مجمل التحولات الجديدة في المنطقة ليس لما فيها من خيرات وثروات فحسب، وإنما وهذا هو الأهم لموقعها الجيوسياسي والاقتصادي المطل والمشرف على أهم طرق التجارة العالمية في البحر العربي وخليج عدن وتحكمها بمدخل مضيق باب المندب البوابة الجنوبية للبحر الأحمر. لذلك فأننا لا نستبعد أن تكون الدول الرأسمالية الطامعة في ثروات وموقع الجنوب لها مساهماتها الظاهرة والخفية في تأجيج الصراعات السياسية والتناحرية على النظام الوطني بالجنوب ولها أدواتها ووسائلها التآمرية في السعي الحثيث لإسقاط دولة ونظام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية؟؟.
الوحدة والنفط. لربما نتهم بالمبالغة.. أن قلنا وأكدنا بأن الوحدة اليمنية وما شابها ورافقها من قفزات وشطحات وتجاوزات مثيرة وغير مقبولة !!. لم تكن سوى خديعة أو بالأصح (مؤامرة كبرى) أعدت خططها وسيناريوهاتها من قبل الدوائر العالمية، للتخلص من نظام اليمن الديمقراطي، والذي لم تستطع تحقيق هذا الهدف بواسطة الاختراقات الداخلية، رغم فضاعت النتائج المأساوية وأهوال الخسائر البشرية والمادية لتلك المؤامرات الاختراقية، لكنها استطاعت أن تجد ضالتها المناسبة بنظام سلطة الجمهورية العربية اليمنية وحلفائه في المنطقة العربية، حيث تبين لتلك الدوائر !؟. بأن الوصل إلى منابع النفط الجنوبي في جنوب الريع الخالي والمياه المغمورة للبحر العربي وخليج عدن وأرخبيل سوقطرة، يتمثل بإقناع رئيس النظام بصنعاء وزعماء مشايخ القبائل وعلماء الدين المنافقون بضرورة الاندفاع المباغت والتحرك المفاجأ لطرح مشروع الوحدة اليمنية (المؤامرة) على قيادة النظام السياسي في عدن.. خصوصا وأن تلك الدوائر العالمية والإقليمية كانت على بينة من أن هناك تعبئة ثقافية ودوافع نفسية لدى شعب الجنوب في تحقيق الوحدة اليمنية، وهذه الحقيقة تتجلى من خلال الاستجابة المستعجلة وغير المدروسة للقيادة الجنوبية بل واقتراحها أن تكون وحدة فورية واندماجية بدون أية ضمانات سياسية من قبل المجتمع الدولي.
قرار الاحتلال واجتياح محافظات الجنوب وتجاوزا للعديد من الوقائع والبراهين الدالة على صحة ومصداقية أن الوحدة اليمنية، لم تكن أبدا هدفا نبيلا وشروعا وطنيا نزيها لزعماء نظام السلطة في الجمهورية العربية اليمنية، كما كان هو الحال لدى قيادة الدولة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. يمكننا الاستدلال بما ترتب على مواثيق واتفاقيات الوحدة من نكث بالعهود ورفض وتنكر في تنفيذ بنود تلك الاتفاقيات، بالإضافة إلى الأزمات المفتعلة بين شريكي الوحدة، والتي ضمن الطرف المتآمر والمخادع بأن الفرصة مواتية لتنفيذ المخطط المدعوم له من الدوائر العالمية، وفي 27 ابريل 94 أعلن علي عبد الله صالح بإشعال سعير الحرب الأهلية واحتلال أرض الجنوب بتلك الطريقة الدموية والخيانية وسقوط عدن عاصمة الجنوب في 7-7-1994 تحت هيمنة النظام القبلي لنظام الجمهورية العربية اليمنية..
وبعد أن اكتملت حلقات الخديعة ومخططات المؤامرة، سارعت الشركات النفطية من كل حدب وصوب للحصول على حصتها من الغنيمة الجنوبية، حيث أقدم نظام سلطة صنعاء بتقسيم مساحة جمهورية اليمن الديمقراطية البالغة حوالي 338,000 كيلو متر مربع، إلى 92 قطاعا نفطيا شملت أرض اليابسة القارية والمياه الإقليمية المغمورة لمحافظات الجنوب (النظر الخريطة المرفقة)!؟. وبموجب نظام البسط والاستيلاء بالقوة وشرائع الفيد السبئي المتخلف، منح الرئيس (علي عبد الله صالح) أفراد عائلته وقبيلته والمقربين والموالين قطاعات نفطية وغازية وأصدر مراسيم عقود إبرامها بقرارات جمهورية غير شرعية وغير قانونية، وصلت حتى عام 2002 إلى حوالي 48 قرارا جمهوريا (انظر نصوصها في النموذج المرفق). حيث تمكن المحتلون والمحظوظون بمكرمة الرئيس من استجلاب أكثر من 46 شركة نفطية معظمها عبارة عن شركات وهمية تحمل تسميات مزيفة لشركات عالمية معروفة، كما استنسخت أيضا مابين 58 – 80 شركة خدماتية محلية جميعها تتبع متنفذين من كبار الفاسدين وناهبي الثروات في السلطة.
وبحسب المعطيات المتاحة والتي أمكن لنا جمع المعلومات حول بعض القطاعات النفطية المنتجة للنفط والقطاعات الاستكشافية والقطاعات المفتوحة حتى عام 2007م، في كل من محافظات الجنوبالمحتلة ومحافظات الشمال فيمكن مقارنة عدد القطاعات المنتجة للنفط والقطاعات الاستكشافية والقطاعات المفتوحة، ومساحة كل منها حسب الجدول رقم (1)الآتي:-
جدول رقم (1) يوضح بالمقارنة بين أنواع القطاعات النفطية وعددها ومساحة كل منها في محافظات الشمال ومحافظات الجنوب حتى عام 2007م. نوع القطاعات النفطية المحافظات الجنوبية المحافظات الشمالية
عددها مساحتها (كم2) عدد القطاعات مساحتها (كم2) قطاعات منتجة للنفط 13 18,367 1 مأرب/ الجوف 18 (استنزف عام 2005) 8,424 قطاعات استكشافية 37 163,342 7 66,522 قطاعات مفتوحة 42 266,951 ..... .... الإجمالي 92 448,660 8 74,946 المصدر: - الجمهورية اليمنية، وزارة النفط والمعادن، مجلة الاستكشاف، العدد السادس 2006، (عدة صفحات)، وأيضا انظر مواقع:اكتشاف النفط في محافظة شبوة، بالإضافة إلى موقع: قطاعات النفط المنتجة في حضرموت واحتياطياتها المتوقعة. وفيما يتعلق بالقطاعات المنتجة للنفط الخام في المحافظات الجنوبية والبالغ عددها حوالي 13 قطاعا نفطيا، فقد تبين أن كمية الإنتاج يصل حسب البيانات المسربة !!؟؟ إلى حوالي 848,000 برميل يوميا، وذلك حسب الجدول رقم (2).
جدول رقم (2) يبين عدد القطاعات ومساحتها وعدد الحقول والآبار وكمية إنتاجها اليومي من النفط الخام والشركة العاملة. القطاع ورقمه المحافظة المساحة (كم2) عدد الحقول عدد الآبار عام الإنتاج الإنتاج (برميل يومياً) الشركة العاملة المسيلة - 14 حضرموت 1257 26 568 1993 230,000 كنيديان نكسن حوايرم - 32 حضرموت 592 2 1 2000 89,000 DNO شرق سار - 53 حضرموت 473 4 20 2001 25,000 دوف شرق الحجر - 51 حضرموت 2004 3 41 2004 31,000 كنيديان نكسن جنوب حوايرم- 43 حضرموت 2026 1 17 2005 50,000 DNO مالك - 9 حضرموت 3530 4 32 2005 8,000 كالغالي شرق شبوة- 10(•) حضرموت 964 4 45 1997 150,000 توتال جنة - 5 شبوة 280 5 80 1996 50,000 هنت غرب عياد - 4 شبوة 1998 3 91 2007 2.000 Konc دامس - S1 شبوة 1159 2 35 2003 11,000 Occidental جردان -3 شبوة 2950 4 20
150,000 هنت العقلة - S2 شبوة 904 3 10 2006 32,000 OMV الإجمالي 13 18,467 67 974 2007 848,000 ----- المصدر:- 1) الجمهورية اليمنية، وزارة النفط والمعادن،اكتشاف النفط في محافظة شبوة، بالإضافة إلى موقع: قطاعات النفط المنتجة في حضرموت واحتياطياتها المتوقعة. 2) شبوة: تعتزم شركة "أو إم في" النمساوية النفطية باليمن رفع حجم إنتاجها من ... بئر استكشافية للنفط في منطقة (معبر) بالمحافظة التابعة للقطاع النفطي رقم (2). (•) بعض المراجع تضع قطاع شرق شبوة 10 ضمن القطاعات المنتجة للنفط في محافظة شبوة، بينما القطاع يقع في محافظة حضرموت.
الغاز الطبيعي المسال وفضيحة بيعه ونهبه. لم تكن الاستثمارات الوهمية للغاز الطبيعي بأحسن حال من الاستثمارات العائلية لخامات النفط الجنوبي من حيث الجرائم والفضائح المذلة والمخجلة في عمليات نهبه، وفق اتفاقيات مجحفة لا يمكن لأي إنسان مهما بلغت به الخيانة وأعمته نوازع الحقد والاستهتار، أو تجرد من القيم الوطنية والأخلاقية، أن يقبل بمثل تلك الاتفاقيات التي وقعها النظام الحاكم وسماسرة الفساد اليمني مع شركات توتال الفرنسية وكوجاز وسي سي كي الكوريتين وذلك باستثمار حوالي 33 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي لمدة 20 سنة بسعر ثابت لا يتغير بواقع 3.2 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بينما سعرها العالمي يتراوح ما بين 12 – 15 دولارا لكل مليون وحدة حرارية. فهل هناك جريمة افضع وأقبح من هذه الجريمة .. مع العلم أن هذا المخزون يوجد بحقول قطاع 5 وادي جنة بمحافظة شبوة ويعد حسب بعض المعلومات الرسمية بأنه رابع حقل غازي في العالم. وهناك معلومات أخرى تؤكد أن حقول قطاع وادي جنة قد ربط بشبكة من الأنابيب الضخمة إلى حقل صافر بمأرب، حيث يتم فيه معالجة الغاز ومن ثم تصديره إلى الأسواق العالمية، عبر ميناء بلحاف بشبوة وميناء رأس عيسى بالبحر الأحمر. ويمكن ملاحظة هذه الجريمة من خلال الخريطة المرفقة:-
الخلاصة:- أن هذا العرض الموجز لا يعطي سوى بعض الحقائق لعمليات النهب والتخريب ومظاهر التفريط بالسيادة الوطنية، والعبث المنظم والمتواصل بثروات أبناء الجنوب، وعليه فأنه من الواجب علينا جميعا في هذه الندوة ومن خلال هذا المركز الثقافي (مدار)، أن نوجه الدعوة الصادقة والصريحة إلى كل الشرفاء والغيورين على ثروات وطنهم التحرك العاجل بكل الطرق والوسائل المتاحة لإنقاذ ثروات الجنوب من عمليات النهب والإهدار غير المسئول من قبل لصوص خيرات الأرض لنظام الاحتلال اليمني.