أزمة جديدة تلوح في مجلس القيادة الرئاسي على خلفية تهديدات البحسني بقرارات أحادية في حضرموت    الأسعار في الجنوب ترتفع مجددًا رغم تحسن العملة وسط إجراءات حكومية لا تعكس واقع السوق    يمن شباب تدين لغة التحريض من سلطة تعز والنقابة تدعو لوقف الزج بالأجهزة الأمنية بقضايا نشر    النفط يتراجع للجلسة الثالثة.. ضغط أمريكي للسلام الروسي الأوكراني يهدد الإمدادات    الحياة تعود لميناء عدن: سفينة ثانية ترسو في ميناء المعلا    هائل سعيد والعليمي: سطو على نفط شبوة وصفقات مشبوهة وتسليمات غامضة(وثيقة)    الأصبحي: آلاف المرضى محرومون من العلاج بالخارج    نزهة نتنياهو في الجنوب السوري.. عارٌ جلبه الجولاني يطعن كرامة العرب    من يقتطع راتب الجندي الجائع لا يستحق شرف القيادة (وثيقة)    أحمد الواحدي.. شابٌ شبواني يطرده جشع الحرامية من عدن (صور)    شاخوف حضرموت: رجال الجنوب.. نارٌ لا تنطفئ وجبهةٌ لا تنكسر    بطولة كأس العرب 2025.. الموعد والمكان والمشاركين    اليونيفيل تسجل 10 آلاف انتهاك إسرائيلي جوي وبري في لبنان    جراح متعفّنة وغضب يجتاح مأرب وتعز بعد إهمال جرحى العدوان    كم سيربح؟.. مقابلة ترامب تعزز ثروة كريستيانو رونالدو    زيارة ولي العهد السعودي لأمريكا استنزاف الثروات وتبديد السيادة    "زيم" البحرية تسعى للعودة إلى الإبحار عبر باب المندب    ضبط قاتل بائع السمك في مدينة البيضاء    بخضر : استكملنا كافة التجهيزات لنصف ونهائي البطولة ونطالب الأندية والجماهيرية بتقديم لوحة فنية وجمالية استعراضية تنافسية في الملعب والمدرجات    الجاوي: رفع سلطة صنعاء للرسوم الجمركية إعلان استسلام للعقوبات والحصار    مينديش يعود لpsg الفرنسي    عن وزارة الاعلام والوزير التويتري وإرث وطن    إحباط عملية تهريب مخدّرات وإيقاف المتورطين في منفذ الوديعة    "وثيقة" تكشف عن تعويم حكومة صنعاء للدولار الجمركي مع سعر السوق الموازية    الاتحاد اليمني لكرة القدم يصدر تعميمًا تنظيميًا شاملًا يحدد ضوابط ومواعيد مسابقات الدوري بدرجاته الثلاث    قراءة تحليلية لنص "هروب وعودة" ل" أحمد سيف حاشد"    بثلاثية نظيفة.. المنتخب الأولمبي يفوز على "كسكادا المصري" استعدادا للمشاركة في كأس الخليج    الأحد المقبل .. تدشين مخيم للعيون في الزهرة بالحديدة    العراق يواجه الفائز بين بوليفيا وسورينام وإيطاليا مع إيرلندا الشمالية في الملحق    اللحم غير المطهو جيداً... مسبّب للسرطان؟    المؤسسة الوطنية لمكافحة للسرطان تحتفي بإنجازاتها وتكرم مجموعة هائل سعيد أنعم كداعم رئيسي للمؤسسة    ثورة في علاج السكري: توصيل الأنسولين عبر الجلد دون حقن    أوروبا في أزمة خطيرة بسبب أوكرانيا    أيهما أفضل: العمرة أم الصدقة؟    دراسة: سيجارتان يوميًا تضاعفان خطر فشل القلب والوفاة المبكرة    مصطفي حسان يطلق رواية أبناء الرماد.. تكشف خيبات الحرب وتعرّي الفساد    جرحى تعز يعلنون رفع الاعتصام من أمام الجوازات عقب اتفاق مع قيادة المحافظة    الصفقة السعودية ‐الأمريكية.. خطوة استراتيجية تعيد رسم موازين القوة    الإمارات تتخذ ميناء بوصاصو مركزا للمؤامرة على اليمن والمنطقة    تركيا تتاجر بآلام غزة وتناور بورقة نتنياهو... وكذبة اعتقال النتن ياهو    لوجه الله.. امنعوا الباصات وأعيدوا باصات النقل العامة    استعداد لمنع استيراد الملابس الجاهزة وتوفيرها محليا بجودة افضل    اختتام جمعية المنتجين ومركز سند دورة في تمكين المرأة اقتصاديًا    وزير الداخلية.. جابي ضرائب لا حامٍ للمواطن.. غرامة مالية متنقلة على ظهور الناس    الاتفاق بالحوطة يتغلب على البرق بتريم في البطولة التنشيطية الثانية للكرة الطائرة بوادي حضرموت    قراءة تحليلية لنص "عيد مشبع بالخيبة" ل"أحمد سيف حاشد"    (هي وهو) حين يتحرك النص بين لغتين ليستقر    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع شبكة تحويلات مالية وأربع منشآت صرافة    مدينة الوفاء والسلام المنكوبة    العلامة مفتاح يشيد بالمشاريع الكبيرة لهيئة الزكاة    مهرجان "إدفا" ينطلق من أمستردام بثلاثية احتجاجية تلامس جراح العالم    يا حكومة الفنادق: إما اضبطوا الأسعار أو أعيدوا الصرف إلى 750    الإعلان عن الفائزين بجوائز فلسطين للكتاب لعام 2025    فريق أثري بولندي يكتشف موقع أثري جديد في الكويت    إحصائية: الدفتيريا تنتشر في اليمن والوفيات تصل إلى 30 حالة    قطرات ندية في جوهرية مدارس الكوثر القرآنية    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوم لعلي عبدالله صالح.. في وداعية الجمهورية اليمنية
نشر في عدن الغد يوم 05 - 12 - 2018

في ذات اليوم الذي فُجع فيه اليمنيون في كل مدينة وقرية بمقتل الزعيم علي عبدالله صالح، وبعد 12 شهراً، رتبت الأمم المتحدة لطاولة تقول إنها للتفاوض بين اليمنيين ممثلي إيران وممثلي السعودية ليتعلموا كيف يصبحون جماعة واحدة تتقاسم السلطة في حكم اليمنيين آخذين “الحكمة ولو من السويد”.

اليوم 4 ديسمبر.. اذا، ويجدر القول أنه لم يخن علي عبدالله صالح، الا نفر جبنوا عن المواجهة.

الخيانة لم تتم لعلي عبدالله صالح.. فهو ذهب مدركا معركته ولم ينبيها على جهود أحد كان يتوقع تقدمه وتخلف..

كان يعرف الجميع.. ويعرف اللحظة وذهب لها كأنه ينفذ عملية استشهادية.

لكن الخيانة تمّت للحظة التي كانت ستختصر الطريق إلى معتوه مران.

مؤتمريون كُثر ارتبكوا في 2011، في مواجهة الطامعين ببلح الثورة بعدما التهموا عنب النظام..

وارتبك الجميع لحظة وقّع "علي عبدالله صالح" المبادرة الخليجية، وأصرت الدولة التي استلمها عبدربه منصور على إسقاط المبادرة، والاستمرار في استثمار الثورة والثوار..

لأكثر من عام كنتُ أزور الرجل يومياً في 2013 ولم يكن يزوره أحد إلا نادراً.. قضيتُ معه وقتاً كإنسان عادي بدأ يقلب في دفتر الماضي حتى إنه اتصل بأصحاب له انقطع منهم من الستينات والسبعينات.

وكلما انشغل ببيته وأشجاره وطيوره وأصحابه، زاد ضجيج الفاشلين يستحضرونه ليقولون إنه يفشلهم..

وهو كيمني، يشبهنا.. يتابع ما يقولون بشغف كأنه يشاهد مسرحية.

وفي 2014 ارتبك من بقي معه، فتمكن الحوثي من صنعاء، ويوم دخل الحوثي صنعاء قلت له: "الدور علينا". فقال: "قد مت في 68 والباقي للآن إلا زيادة".. وقد كتبت هذا يومها.

حاول جرّ يد الحوثي للبرلمان، وكان أول لقاء يعقد في بيته مع حوثيين، وبعد الاتفاق على الذهاب للبرلمان اختفى من اتفق معهم وظهر حوثيون جدد، وهكذا يفعلون حتى الآن، معهم وجوه للكذب باسم الاتفاق ووجوه للكذب باسم الحرب..

وفي يوليو 2016 ارتبك العالم كله، حتى إن الأمم المتحدة أعلنت، عبر ولد الشيخ، أن اتفاق إنشاء المجلس السياسي بين الموتمر والحوثي "انتهاك لقرار مجلس الأمن ويقوض العملية السياسية".

هذه المنظمة التي تحتشد اليوم للحوار مع الحوثي اعتبرت اتفاقاً سياسياً معه في صنعاء "جريمة".

وحين هبّت لحظة انهار فيها الحوثي في قلب دولته وتساقطت مناطقه كأنها تسلم عهدتها للدولة فعلاً بما كان سيقرر صدق أكاذيب أن الحوثي مجرد "رنج عفاشي".. وظهر عبدالملك الحوثي متعلثما يرجوا حكمة صالح، وصل الارتباك ذروته، هذا خاف، وهذا طمع، وهذا بدأ الاحتفال، ودار كل شيء..

هم إذا خانوا أنفسهم التي ستتمزق ألف مرة بعد ذلك.. وبلادهم التي تنهار..

أما صالح فقد واصل طريقه إلى الخلود، منقطعاً عن كل ما يعيق.

الفاتحة لروحك يا علي..

كان معكم في كل لحظات الانتصار، أما وقد اخترتم طريق الهزائم فقد ترجّل وقال لبلاده "وداعاً" مسجلاً كلمة مخلدة مع لعلعة الرصاص.

سمعتها منه بأذني: "سأقاتل أنا وعيالي".

كان يدرك تمام الإدراك ما هو ذاهب إليه.

وحين استنجد بالشعب لم يفعل ليسانده هو وعياله، ولا ليدافع عن بيوته..

أذكر أني قلت له، وهو ممسك بيد خالد الديني وأمامنا عارف الزوكا وبيننا علي معوضة "أين هي شخصيات المؤتمر.. وسميت له جلال الرويشان وأبوراس ويحيى الراعي"..

وتناقشنا قليلاً.. محاولاً أن يتصل بهم، لكن نظرته لمعوضة الذي يفترض أنه يتصل لم تكن تشجع على الاتصال وأعقبها بقوله: "ما أقول لهم تعالوا دافعوا عن بيتي".

قلت لكم.. كان يمنياً أصيلاً في كل شيء، صواباً وخطأً.. إقداماً وإحجاماً، كرماً وإمساكاً.. عقلاً ومجهالة حتى..

إنساناً طبيعياً، يمثلنا كشعب تربى في الشعوب والوديان..

يفعل ما يجعل رأسك يكبر به للسماء ثم ما يجعلك تتلفت غضبان أسِفَا تتمتم "عيب عليك يافلان"..

ولحظتها كان يرى نفسه عادياً لا يجب دعوة أحد للدفاع عن بيته.

بل كان يقول لجنوده، اللي يشتي يروح منكم يروح.. مسامحين..

وفي لحظة لن تنسى من وجع تفاصيل لا قيمة لذكرها الآن، قال لعمر أبو شوارب: "رح لك، قد نحن نقاتل"..

ولعمر هذا، قصة بطولة خرافية، هو الوحيد الذي قاتل من آل شوارب.. وهو الوحيد من معتقلي ديسمبر الذي هرب من بيت عبدربه بعد أشهر من الاعتقال فيه مع آخرين. وقصة هروبه تستحق أن تروى..

صالح، هذا الرجل الذي صال وجال في اليمن لو كان هتف للناس: يا غارتاه أنا محاصر، كان سيموت كمداً ولو هبت له الجموع، لهذا قال لا.. فاطمئن الناس أنه المنقذ.

هكذا اعتاد الناس عليه 49 سنة، منقذا.. وهكذا قدم نفسه.

اما استنجاد بالناس يوم خطابه فلقضية أخرى.. لعلهم يصدقون أنه لم يعد في عمره ما يساعده على تنفيذ أكاذيب شرعية الإخوان.. عن طمع استعادة السلطة ولا من أبنائه من هو قادر على وراثته.

لذا خرج يقول للناس: اخرجوا لأجل بلادكم ودولتكم، داعياً رجال الدولة كل يعود منصبه.. وقال "اما انا قد انتهيت".

توقعهم مدركين الفارق.. لم يصدق هذا الرجل السبتمبري أن سبتمبر ماتت بسبب هؤلاء الرجال الذين كبروا في عهده على ظهر الجمهورية، لكن في حقيقتهم هم لاشيء..

وهم اذا، تركوا الحوثي يفعل ما يشاء، واختار الله صالحاً للقائه، شهيداً مقبلاً بعد أن استنفد كل محاولاته.

تاركاً غثاء كثير من المرتبكين.. الذين حتى اليوم لم يحسموا أمرهم بإدراك أنها إما اليمن أو الحوثي.. وأن من قال انه قتل صالح كي يتوحد القرار بيده، لن يقاسم القرار غيره ابدا.

ومن عظمة الرجل أنه بعد عام من شهادته، لا يزال خصومه يشتمونه، لأنه يصحح التاريخ بدمه، فلم يزد موته خصومه إلا فشلاً، بدون أكذوبة يعلقون بها الفشل عليه.

فالحقيقة الماثلة انه في ديسمبر 2017 صمتت كل الجبهات وتوقفت كل الحروب، منتظرة جبهة صنعاء، فإن انتصرت ستبدأ الحرب ضد "صالح" الذي يريد العودة للحكم.

قال محمد بن ناجي الشايف للرئيس هادي: لاتخذلوا صالح، فقال هادي: "مالنا في معارك صنعاء".

وقال قادة الجيش الوطني للسعودية: "مافيش معنا سلاح كفاية نتدخل".'

وكانت الامارات واثقة من وهم عنوانه "الحرس الجمهوري ضاربا في صنعاء وهو الحاكم الفعلي".

وبعد انهيار الحوثي.. بقيت الدولة يوما بدون قيادة، فصالح لم يكن مخططا العودة لها.. لذا دعى اليمنيين الى دولتهم، ودعى قيادات هزيلة كانت ترتعد فرائصها في الاباعد.. فانتبه الحوثي للحكاية واستجمع انفاسه وعاد مبدئا باليمن اليوم..

صبيحة الرابع من ديسمبر قرر صالح الانتقال الى حصنه في سنحان، لكن الاحداث تداعت بقدرية نهاية الجمهورية اليمنية، وانتصر اللصوص الذين بدأت حربهم في صنعاء على معارك صغيرة، اللجان الشعبية تصارع على ميزانية وزارة الداخلية والامن القومي يصارع على الشركة الأمنية ومحمد علي الحوثي يدور مخازن “عطان”.. وبقية الهلافيت لصوصا يأملون الحصول على غنائم من الستين مليار التي كذبوا معا عنها. ثم قلقا من تصاعد تواصلات طارق ومحمد مع قيادات سابقة للجيش..

كل ذلك جمع “اللصوص القتلة” في مشروع واحد.. تجمعت لحظتهم في محيط الثنية وشارع الجزائر.

يوما قال عارف الزوكا لصالح الصماد: اليوم أو غدا ستسلم نفسك لأقرب قسم شرطة.. أو لأول رصاصة، فلاحقوا عارف الزوكا حقدا وضربوه ببازوكا هشمت رجله.. ثم نقلوه حيا الى المستشفى وهناك قتلوه. ولم يطيل عمر الصماد كثيرا، ورآه العالم بكله يجري مثل الجرذ مع حراسه قبل أن تشرب دمهم أرض تهامة التي ساعدناه في التمكن منها للأسف الشديد..

يريد الناس اجابات ماذا حدث وكيف.. وفي الحقيقة أن الانشغال بالتفاصيل هذه الان، هو موصلة للخذلان.. يريد الناس أن يختمون سيرتهم مع صالح الذي اعتادوا على رؤيته وسماعه.. يريدون ان نروي لهم اللحظات الأخيرة في حياته، وهذا خذلان مسيئ.. فالمعركة لاتزال ممتدة.

ولاتزال واجباتنا أن نعيد اليمن لليمنيين.

تكفيرا عن خطأ تقديرنا في أن نبقي اليمن محشورة بيد الحوثي الذي يتمكن من عاصمتها، فيما نحشد الناس نحن في صف يتحدث عن العدوان السعودي ونحن نرى أن الحوثي يرفض منا أقل مايمكن قبوله من أى شريك..

لنا الحرب.. التي انتقل غالب رجال ديسمبر الى ميدانها اليوم في الحديدة..

ولنترك المراهنون على “سلام” قد جربناه مع الحوثي، مدركين أن كل ماتريده الامم المتحدة اليوم هو اخراج الميناء من بين الغام الحوثي المنهار، الذي لم يعد قادرا حتى على معالجة جرحاه.

وفي يوم استشهاد صالح نقول للمتحدثين بتبشيرية عن السلام وعن اوجاع اليمنيين وكل ذلك الكلام المعسول.. وبلغة علي عبدالله صالح نقول لهم "ها.. وهو مو ما كان يزرع بصل".. لماذا، إذاً، أدنتموه ولم تؤيدوا تحالفه مع الحوثي كطريق نحول السلام.

أما الحوثي فقد كان صادقاً مع أمراضه، وكل ما حاول "صالح" معالجة صورتهم منه ثبتوه وقالوا: ليس اليمن إلا الولاية وكل من يرفضها فدمه مهدور..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.