ما حدث في سوق المال لايمكن أن نسميه تعافي الريال اليمني مثل ما يحلو للبعض أن يسميه بل إنني أستطيع الجزم بان الريال اليمني مازال في العناية المركزة . لأن ما حدث ليس إلا إجراءات وسياسات لم تبلغ مستوى يجعلنا في وضع تفائلي فالبنك المركزي قام باستخدام سياسات مالية كسياسة السوق المفتوحة وذلك بدخوله كبائع للعملات الصعبة بغرض ضخ وزيادة المعروض منها وكذا قيامة برفع سعر الفائدة على الودائع من 15% الى 27% وهذا بدوره ادى الى تحفيز الادخار من ناحية ومن ناحية أخرى أدى إلى امتصاص العملة المحلية الرائجة في السوق أي التقليل من عرض العملة وزيادة الطلب عليها بغرض ايداعها في البنوك ، كما وساند ذلك إجراءات حكومية أخرى كان من بينها منع الاستيراد من الخارج لأي من السلع عداء السلع الضرورية والأساسية وكذا قيام البنك المركزي بمنع البنوك التجارية من فتح أي اعتمادات مستندية وأكد على ضرورة استخراج موافقة منه على أي اعتمادات مستندية تقوم بها البنوك التجارية واشترط أن لا تزيد عن العشرة الف دولار وكذا قيام البنك المركزي بإلغاء وبشكل ضمني القرار الجمهوري القاضي بتعويم الريال وذلك من خلال تدخله بين وقت وآخر بغرض التأثير على سعر الصرف من خلال محاولة فرض أسعار صرف رئيسية يعلن عنها على استحياء ومن بين الإجراءات الحكومية إغلاق الكثير من دكاكين الصرافة الغير مرخصة كما ورافق ذلك حملة إعلامية هادفه تسير في تناغم مع الإجراءات سالفة الذكر خلقت نوع من لذعر لدى من يدخرون العملات الصعبة لأمر الذي دفع باؤلائك المدخرين قليلي المعرفة إلى الإسراع في استبدال ما لديهم من عملات صعبة بالريال اليمني اما بهدف الاستفادة من السعر الحالي قبل ان ينخفض الى215 ريال للدولار بحسب الحملة الاعلامية كل هذا أدى بدوره إلى ارتفاع عرض العملة الصعبة في سوق الصرف مع خفض الطلب عليها. نستطيع القول أن ماقامت به الحكومة في هذا المضمار من سياسات وإجراءات تعد صحيحة حيث تمكنت من رفع قيمة الريال أمام العملات الاخرى ولكن الاسئلة المحيرة هل يمكنها هذا من إنعاش الاقتصاد ولو إلى أدنى طموح ؟ وهل ستأتي اللقمة أكلها ؟ وهل بإمكانها عمل وصفة السحر لإصلاح ما أعطيه الدهر؟ ...الجواب نعم إذا ما تبعت ذلك بإجراءات جادة تعزز إجراءاتها انفة الذكر ويمكن إيجاز أهمها بالتالي : 1- تقليل الإنفاق الحكومي في كل نواحيه بما فيه اعادة النظر في هيكل رواتب الوظائف الحكومية العلياء (من يستلمون رواتبهم بالدولار كالوزراء ونواب الوزراء والوكلاء ...إلخ ) حيث تتراوح رواتبهم بين 5000$إلى 7000 ناهيك عما يحصلون عليه من بدلات وووالخ تحت يافطة قرار جمهوري وهم في الحقيقة في حكم البطالة المقنعة كون معظمهم خارج البلاد ،بعبارة أخرى إرساء مقاربة بين العشير الأعلى والعشير الأدنى . كما أنه ولأجل تقليل الإنفاق الحكومي بإمكان صانع القرار التقليل من الحقب الوزارية فالبلاد في حالة حرب فلسنا بحاجة لوزارة السياحة على سبيل المثال لا الحصر ولسنا بحاجة لوزراء الدولة لشؤون كذا وكذا ووو الخ من الوزارات التي تنشأ عبثا وخصيصا لكسب الولاءات المناطقية والحزبية المقيتة أو لتعيين المحابيب والمحاسيب . 2 - استرجاع ولو جزء ضئيل مما كانت تحتويه سلة صادراتنا كأهم رافد للخزينة العامة للدولة من العملات الصعبة لاسيما المشتقات النفطية وإعادة تأهيل الموانئ 3 -تنشيط الأوعية الضريبية بأليات حديثة تمكن الحكومة من زيادة مداخيلها وبالتالي تمكنها من الإنفاق على مختلف القطاعات واحيائها. 4 - عمل كل ما من شانه تجفيف منابع الفساد بارساء منظومة قانونية صارمة . 5 - إعادة تأهيل البنى التحتية الأساسية 6 - ترميم النظام التعليمي المهترئ 7 - ارساء قواعد من شأنها أن تسمح لمعيار الكفاءة ان يكون هو الاساس في شغل الوظائف الحكومية . 8 - أن تسعى الحكومة في أن تكون المبادر في إيجاد الحلول السياسية للتوفيق بين مختلف الأطراف السياسية لما فيه مصلحة البلاد في الحفاظ على ما ابقته الحرب العبثية وتنقية الأجواء لحلول سياسية على قاعدة لا غالب ولا مغلوب بدلا من الأرتباط باجندات خارجية تجعل من اليمن ساحة للصراعات في المنطقة . وكثير من الإجراءات التي لسنا بصدد بحثها حيث أن المجال لا يتسع ذلك . ولأننا نعيش واقعا مريرا من الصعب على الحكومة الحالية تجاوز كل تلك العقبات إلا إذا اتخذت طابع الجدية بقناعات منطلقة من وازع وطني... وبالعودة لموضوعنا أود انا كاتب هذه الأحرف التأكيد بأن ما حدث في سوق المال لايمكن أن نسميه تعافي للاقتصاد بل ممكن أن يكون مجرد تهيئة قامت بها الحكومة للمضاربين من المسؤولين والسماسرة صناع الألعاب المالية لأجل جني الأرباح وتكوين الثروات على حساب المسحوقين من أبناء هذا الوطن هذا إذ لم يتبع بالإجراءات الحكومية المذكورة آنفا التي ذكرتها للتو وغيرها من الإجراءات التي قد تكون أكثر أهمية . أما موضوع التعافي لايمكن الحديث عنه ومؤشرات اقتصادنا تدمى له القلوب فإذا كان كل ما نمتلكه في خزينة بنكا المركزي 2 مليار دولار المتمثلة بالوديعة السعودية ويعتبر رقم هامشي اذا ما نظرنا لما يحتاجه اقتصادنا لخلق بيئة مستقرة إلى حدا ما ...فاذا ما عدنا إلى الخلف وبالتحديد إلى فترة ماقبل الربيع العربي أي قبل العام 2011 م فقد أكد كثير من الاقتصاديين واتفقت معه كثير من الدراسات (أن اليمن بحاجة إلى 45 مليار دولار ) لوضع الاقتصاد اليمني على العتبة التي تمكنه من امتطى عجلة التنمية كما أكدوا أن هذا المبلغ يعتبر ضئيلا جدا اذا لم يرافقه إعادة النظر في مواضيع الفساد والانضباط الإداري ..فكيف لنا أن نشعر بالتفاؤل في وضعنا الحالي في هذا الوطن المأزوم المهزوم المدمر الذي فقدنا فيه كل ما نمتلكه وأصبحنا شعبا نعيش على فتات مايقدم لنا ليس بالمجان بل ببيع المواقف وبيع الذمم والدم وأصبحنا أرخص سكان الأرض .