شن قيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، هجوماً على رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً الدكتور معين عبدالملك، متوعداً إياه بمصير الرئيس السابق لذات الحكومة الذي أقيل من منصبه منتصف أكتوبر الفائت. وأكد القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي، أحمد عمر بن فريد رداً على ترحيب رئيس الحكومة اليمنية الحالي بقرار مجلس الأمن الدولي الصادر أمس الجمعة برقم 2451 الخاص بمدينة الحديدة والداعم لمشاورات السويد، والذي جدد التزام مجلس الأمن بوحدة واستقلال وسيادة اليمن، أن معين عبدالملك سيلقى مصير سلفه الدكتور أحمد بن دغر، في اشارة واضحة إلى إقالته من منصبه. وكان مجلس الأمن الدولي تبنى بالإجماع، مساء أمس الجمعة، مشروع القرار البريطاني الأمريكي رقم 2451؛ الذي يدعم اتفاق السويد حول اليمن الذي تم بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً وجماعة الحوثيين (أنصار الله)، ويُتيح نشر قوات مراقبة أممية في مدينة الحديدة غربي البلاد، وذلك بعد مشاورات مكثّفة استمرت ثمانية أيام متتالية واختتمت في 13 ديسمبر الجاري. ويُجيز مشروع القرار للأمين العام للأمم المتحدة نشر فريق طليعي لفترة أولية مدّتها 30 يوماً، لبدء مراقبة تنفيذ الاتفاق ودعمه وتيسيره. ويؤيد قرار مجلس الأمن الدولي نتائج اتفاق السويد، ويحث كل الأطراف على احترام وقف إطلاق النار، ويُجيز للأمم المتحدة نشر فريق مراقبة، وعدم إعاقة تدفّقات السلع التجارية والإنسانية، وإدانة الإمداد بالأسلحة والمواد المرتبطة بها، وإدانة الهجمات العشوائية واستهداف المدنيين. ولا يعترف المجلس الانتقالي الجنوبي ب"يمنيته" ويدعو إلى انفصال جنوباليمن عن شماله وتأسيس جمهورية الجنوب العربي الفيدرالية.
وكتب أحمد عمر بن فريد، المقيم في احدى الدول الأوربية منذ سنوات عديدة كلاجئ، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "ها أنت تسير على خطى المنتهي بن دغر، ولم ترى في القرار إلا ديباجته المكررة وكان الأجدر بك التركيز والبحث عما ينفع حكومتك ويحفظ لها ماء وجهها في الحديدة". وعادة ما يمارس المجلس الانتقالي الجنوبي ومؤيدوه سياسة الإقصاء ضد من يختلف معهم. وشن ذات المجلس، منتصف العام الفائت، حملة ضد رئيس الحكومة السابق الدكتور أحمد بن دغر للإطاحة به، وفي نهاية يناير من العام الجاري قام بمحاولة انقلاب عسكري للإطاحة ببن دغر وسقط إثر ذلك نحو 70 قتيلاً وعدد آخر من الجرحى، لكن محاولته تلك باءت بالفشل. وأضاف بن فريد في تغريدته التي رصدتها وكالة "ديبريفر" للأنباء: "لكنكم جميعاً لا تنظرون إلا للجنوب، والجنوب يا معين لن يخضع لك أو لغيرك بعد اليوم وسوف ترى بأم عينك هذه الحقيقة ماثلة أمامك". وخلافاً لموقف المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، رحّبت المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة باعتماد مجلس الأمن بالإجماع للقرار 2451 بشأن اليمن. وأوضح نائب المندوب الدائم للوفد السعودي لدى الأممالمتحدة الدكتور خالد منزلاوي في بيان صحفي، أن القرار يدعم اتفاقيات مشاورات السويد، ويؤكد على تنفيذ القرار 2216، الذي يلتزم بالمرجعيات الثلاث للحل السياسي في اليمن. فيما قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، في تغريدة على "تويتر"، إن بلاده تدعم القرار بقوة، والذي "يرسل رسالة قوية ويشكل خطوة مهمة نحو حل سياسي دائم، ويساعد تصديق مجلس الأمن الدولي على اتفاقية ستوكهولم على ضمان التمسك بوقف إطلاق النار وإعادة الانتشار".
وكانت الحكومة اليمنية برئاسة الدكتور معين عبدالملك أكدت أن "التراجع عن المرجعيات الثلاث لن يقود إلا لحروب اهلية وطائفية ومناطقية ستكون أكثر مأساوية". ويقصد بالمرجعيات الثلاث، المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة لاسيما القرار 2216. ويستقوي المجلس الانتقالي الجنوبي المسلح بدولة الإمارات التي عملت على تأسيسه ودعمه وتمويله لفرض سيطرته العسكرية على جزء من عدن وعدد من المناطق في محافظات مجاورة في جنوباليمن، بعد قيام الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في 27 أبريل 2017 بإقالة عيدروس الزبيدي من منصبه كمحافظ لمحافظة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة للبلاد، ويزعم المجلس الذي يرأسه الزبيدي، بأنه الممثل الوحيد والشرعي للجنوباليمني. وفي تقرير مطول لصحيفة "غارديان" نشرته أمس الجمعة تم التأكيد على أن الإماراتيين "هم أعضاء التحالف الوحيدون الذين لديهم استراتيجية واضحة. إنهم يستخدمون جيوشاً خاصة قاموا بتجهزيها ودربوا ومولوا جنودها في محاولة للقضاء على كل من المتشددين الجهاديين والأحزاب السياسية الإسلامية مثل الإصلاح. عبر الساحل الجنوبي – حيث تتحالف الإمارات مع الحركة الجنوبية الانفصالية، التي تعارض كلا من الحوثيين وحكومة هادي – بنى الإماراتيون سلسلة من المعسكرات والقواعد العسكرية، وأسسوا ما هو في الأساس دولة موازية، خدماتها الأمنية الخاصة التي لا تخضع للمساءلة أمام الحكومة اليمنية. كشفت منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش عن وجود شبكة سجون سرية تديرها الإمارات وقواتها بالوكالة، المتهمون باختفاء وتعذيب أعضاء الإصلاح ومقاتلي الحوثيين من فصائل متناحرة، وحتى نشطاء وناقدين للتحالف السعودي الإماراتي. وقد ذهب الوزراء اليمنيون للإشارة إلى الإماراتيين على أنهم قوة احتلال". وفي ذكرى استقلال جنوباليمن عن الاستعمار البريطاني في العام 1967، أقام المجلس الانتقالي عرضاً عسكرياً في عدن 30 نوفمبر الفائت، مستعرضاَ قوته العسكرية في المدينة التي اقتصرت على وحدات عسكرية ترتدي شعارات "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" وبحوزتها سلاح خفيف بحضور ضباط إماراتيين. ومطلع شهر ديسمبر الحالي أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي المسلح بياناً أكد فيه مجدداً أنه الممثل الشرعي للجنوب، في اشارة الى جنوباليمن، مضيفاً أن "أي تغييب له في أي مفاوضات فإن النتائج غير ملزمة لشعبه"، حد وصف البيان. وفي حين دعا المجلس الانتقالي الجنوبي في بيانه الأخير إلى ما أسماه "رص الصفوف والوقوف صفاً واحداً والتحلي بالإرادة الواعية لمقاومة كافة الأساليب المراد اتخاذها لإعادة وضع الجنوب إلى ما كان عليه قبل مارس 2015م"، قال إنه "وبموجب التفويض الشعبي الممنوح له يحتفظ بحقه في اتخاذ الإجراءات المناسبة لمواجهة أي طارئ أو تهديدات أو ترهيب تستهدف الجنوب، وحماية إرادة شعب الجنوب وقضيته العادلة". لكن القيادي في الحراك الجنوبي عبدالكريم السعدي يعتقد أن "الحراك الجنوبي كان وما زال عظيماً وإن تلوث بسلوكيات البعض من ادعياء الانتماء إليه"، في اشارة إلى من أصبحوا قيادات في المجلس الانتقالي الجنوبي وهم ليسوا من الحراك الجنوبي ولم يكونوا في يوم ما ينتمون إليه. وأضاف السعدي في منشور على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" رصدته وكالة "ديبريفر" للأنباء أن "الوقوع في عاهة التعميم في تقييم مسيرة الحراك الجنوبي وقياداته أمر فيه الكثير من الظلم الذي يضاف على كاهل هذا الحراك وكاهل الجنوب عامة".
بالنسبة إلى تهديد القيادي في المجلس الانتقالي المسلح أحمد عمر بن فريد لرئيس الحكومة اليمنية الدكتور معين عبدالملك، قال عضو في الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي، فضّل عدم ذكر اسمه لأن ذلك قد يعرضه للفصل، أن عدداً من قيادات المجلس الانتقالي "لا هم لها غير تأجيج المواقف لتتصدر هي دائرة الضوء على حساب القضية التي نناضل من أجلها وهي استعادة دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي نرفع علمها دائماً". وأضاف لوكالة "ديبريفر" للأنباء: "هذه القيادات متناقضة فهي تدعو إلى استعادة الدولة السابقة وهي في نفس الوقت لا تعترف بأنها من اليمن، وتتمسك بعلم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وهي في نفس الوقت تدعو لتأسيس جمهورية الجنوب العربي الفيدرالية". وأردف قائلاً: "ليس كل أعضاء الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي يساندون هذا التناقض، والغلبة إلى الآن لهذه القيادات المقربة من القادة الإماراتيين، ولكن هذا الأمر لن يستمر طويلاً". تقول صحيفة "غارديان" في تقريرها الذي كتبه غيث عبدالأحد: "في ظل حكومة زايد المتشددة، احتضنت الإمارات سياسة خارجية أكثر حزماً، تهدف إلى تأسيس الإمارات كقوة إقليمية. في اليمن، لدى الإمارات ثلاث مهام مركزية منفصلة عن دعمها للتحالف السعودي. أولاً، سحق الإسلام السياسي بأي شكل. ثانياً، السيطرة على خط الساحل ذو القيمة الاستراتيجية للبحر الأحمر – عبر مضيق ضيق من القرن الأفريقي، حيث أنشأت الإمارات بالفعل قواعد عسكرية في جيبوتي وإريتريا. وثالثا، تطوير وتعزيز قواتها الخاصة، التي تدرب وتشرف على وكلاء محليين مثل قوات الحزام الأمني". وتضيف في تقريرها: "في سبتمبر، اندلعت مظاهرات في عدن وبقية الجنوب حول حالة الاقتصاد. حتى الآن، تلاشى كل أمل في تطوير جديد، وتلاشت الحماسة مع المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي واعتبر أنه طريق إلى الاقتتال والتناحر. حتى بين أقوى الحلفاء الإماراتيين، السلفيين، كان هناك استياء متزايد لاستخدامه كعلف مدفع في حرب شخص آخر". بالنسبة إلى الصحفي صلاح السقلدي فإن "الجنوب كان يشارك معصوب العينين بهذه الحرب كحاطب ليل". ويضيف في مقال له: "وقع حظ الجنوب العاثر وقضيته الوطنية، بيد قادة ورموز إمّا غارقة بالعاطفة السياسية، أو مهووسة بالكسب المادي الشخصي، وبالبحث عن المجد الشخصي بأي ثمن وعلى حساب أي شيء حتى لو كان وطن، والانسياق والتبعية المهينة خلف الآخرين مقابل سراب ووعود كلامية لم يطلقها التحالف بل هي من نسج مخيلة جنوبية ضحلة مسكونة بحُسن النوايا في زمن الخداع، وعصر المصالح". يقول غيث عبدالأحد في صحيفة "غارديان": "كان اعتقاد سكان عدن أن الإمارات تدعمهم، ظنوا أن مدينتهم سوف تصبح دبي القادمة". (ديبريفر)