لا تحاول أن تكون إنسان لا يخطئ فهذا مستحيل .. بل كن إنسان يتعلم من أخطائه وأخطاء الأخرين فهذا عظيم.. للأسبوع الثاني على التوالي تتواصل المظاهرات الشعبية الصاخبة في السودان وتزداد وتيرتها في التصاعد بعد سقوط قتلى وجرحى!! لا أدري كيف يفكر اﻷخوان في السودان عندما شرعوا بهذا التصعيد الغير متوقع البته، فمن مطالبة بتحسين المستوى المعيشي لشعب لتتحول بعد ذلك إلى المطالبة بإسقاط النظام ورحيل الرئيس!! من وجهة نظري المتواضعة إذا ربطنا تسلسل اﻷحداث في السودان سوف نلاحظ أن إندلاع المظاهرات تزامن مع الزيارة المفاجئة للرئيس البشير إلى سوريا وبالمناسبة كان أول رئيس عربي يزور سوريا منذ قرابة ثمان سنوات . هذا يجعلنا نعتقد إن هنالك أيادي خفية وراء هذا التصعيد!! طرحي هذا يحتمل يكون صائبآ وربما يكون خاطئ عن وجود قوى خارجية تريد العبث وزعزعة اﻷمن والاستقرار في السودان تلك اﻷيادي هي من تورطت وأشعلت الثورات السابقة في بعض البلدان العربية وتريد توجيه رسالة للبشير عندما فكر بالذهاب إلى سوريا والتي ربما هذه الزيارة أزعجت بعض الأطراف التي تضمر العداء لسوريا وبالذات للرئيس بشار اﻷسد!! لا أريد الخوض في الهدف من وراء قيام البشير بهذه الخطوة والتي ربما سيدفع بسببها الثمن غالي إذا إستمرت هذه اﻻحتجاجات والمظاهرات في التصاعد .. ولكن إذا كان ما نشاهده في السودان هو خروج عفوي غير مخطط له فبالله عليكم هل هذا التوقيت مناسب؟! وهل هذه الطريقة مجدية ﻹصلاح الوضع وتعديل اﻷخطاء والقصور؟! ما أشبه الليلة بالبارحة فما نراه يحدث في السودان حاليآ هو صورة طبق اﻷصل من سيناريو ثورات الربيع العربي!! هل هناك عقلاء في السودان الشقيق أم لااا؟! ألم يشاهدوا ويأخذوا العبرة والدروس من هذه الثورات وكيف أصبحت تلك الدول التي مشت وراء الوهم والسراب الكاذب (ثورات الربيع العربي) وكيف أضحت مدنها أطلال وأثر بعد عين وكيف صار مواطنيها لاجئين فمنهم من قضى نحبه غرقآ على شواطئ دول الغرب الكافرة طلبنآ للنجاة ومنهم من هرب من ويلات الحرب المدمرة في بلاد اﻹسلام!! على اﻷخوة في السودان أن ينظروا لحالة النازحين وهم بﻹ مأوى ينامون في العراء ويتخذون من التراب حصيرآ ومن السماء لحاف!! لقد مرت علينا سبع سنوات كلها عجاف ولا نعلم بالتحديد كم ستستمر أيضآ بعد ذلك!! لقد كانت ثورات العربي غالية الثمن ومازالت دول الربيع تدفع كل يوم فاتورة مصبوغة بدماء بريئة ليس لها ناقة ولا جمل بكل ما حدث ويحدث حتى يومآ هذا!! لقد كانت تلك الثورات بمثابة الهروب إلى الهاوية السحيقة، فلا تكللت بالنجاح المنشود ولا عادت اﻷوضاع كما كانت من قبل!! لا يختلف اثنان على إن الغالبية العظمى من حكامنا العرب ظلمه وطغاه ووجودهم على سدة الحكم مفسدة ولكن أن يكون الخروج عنهم سيؤدي في نهاية اﻷمر إلى مفسدة أعظم وأكبر فهذا لايجوز شرعآ.. وأن يكون الثمن في تغيير الحاكم ونظامه المستبد ضياع الوطن ومن عليه فهذا غير مقبول تمامآ!! خذوا المناصب والمكاسب لكن خلوا لنا الوطن .. لقد كانت الغلطة الكبرى عندما بحث العرب عن فصل الربيع في غير موسمه!! إن الشعوب العربية هي للآسف من صنعت من اﻷصنام وأشباه الرجال حكامآ عليها.. الشعوب العربية هي من كانت تصفق بحرارة على خطاباتهم البلهاء فلا غرابة إذآ أن أطلقوا علينا كلابهم..لا غرابة أن قتلونا فكيفما تكونوا يولى عليكم. وطني العربي العزيز والغالي يغرق في الجحيم..فسوريا باتت ركامآ..وليبيا أصابها الخراب .. واليمن السعيد أضحى تعيس!! المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين..فكم لدغنا من جحر ثورات الربيع العربي ولم نعتبر .. فهل نحن فعلآ مؤمنون؟ الحذر الحذر من أن تخربوا وطنكم بايديكم وعلى اﻷشقاء الذين يقودون حاليآ ثورة الخريف في السودان عليهم أوﻵ أختيار النموذج العربي من تلك الثورات التي تسمى الربيع والذي يريدون تطبيقه ويناسب وطنهم القادم!! هل يريدون السودان أن تصبح مثل سوريا-ليبيا-اليمن .. ولكن أخشى ما أخشاه أن يواصلوا المسير في هذه الطريق المهلكة ويأتي يوم ويندمون يوم لا ينفع فيه الندم!! آللهم إني بلغت آللهم فأشهد...