الأصل الحرية لجميع الناس بلاتمييز ولا استثناء والاستثناء من هذه القاعدة العامة هو حجز الحرية في إطار محدد وبقيود قانونية ودستورية لا يجوز تجاوزها. أي تجاوز في حجز الحرية والصلاحيات والمهام المناطة بأجهزة الدولة سواء أجهزة أمنية أو قضائية او أي أجهزة أخرى يعتبر يتحول بموجبها حجز الحرية من مهام وطنية تقوم بهذه الأجهزة وتتحول الى جريمة حجز حرية خطيرة توجب مساءلة وعقاب كل من تورط في احتجاز المواطنين بالتجاوز للقيود القانونية. لا يوجد أي استثناء يمنح أجهزة أمنية محددة أو أجهزة قضاء صلاحيات مفتوحة لاحتجاز الأشخاص دون قيود فالجميع مقيد واي تجاوز لتلك القيود تعتبر انتهاك جسيم وجريمة خطيرة. لايوجد مبرر لاستمرار احتجاز أي شخص لاكثر من دقيقة إضافية عن الفترة المخول بها الأجهزة الأمنية والقضائية وفقاً للدستور والقانون مهما كانت الجريمة خطيرة والقضية جسيمة لأنه لايوجد اخطر ولا جسامة اكبر من حجز حرية شخص بالتجاوز للقيود القانونية التي تعتبر ضمانات وحقوق لا يجوز تجاوزها لأنها تمس بكرامة الأنسان ويستوجب تعويض المتضرر من هذا العمل الاجرامي وردع مرتكبي هذا الانتهاك الخطير. يستوجب مسائلة وعقاب كل من يتجاوز وعدم تبرير ذلك الانتهاك بافساح المجال لاي جهاز امني او قضائي في احتجاز الأشخاص بلا ضوابط ولاقيود لانها ستتحول الى وحش كاسر ينتهك حقوق الأنسان وينحرف عن دوره القانوني في حماية حقوق الإنسان ويتحول إلى منتهك لها وما أبشع انتهاك حقوق الإنسان من حاميها. و لتوضيح هذا الموضوع نوجزها في محورين المحور الأول متخصصة في تشخيص المشكلة والمحرك الثاني نوضح فيه المعالجة الممكنة لتلك المشكلة كالتالي : المحور الأول : مشكلة حجز الحرية خارج إطار القانون يتضاعف عدد السجناء في جميع السجون في وطني حتى ضاقت السجون وتجاوزت الطاقة الاستيعابية لها وأصبحت السجون تختنق وتخنق نزلائها في ظل ضعف الإمكانيات المتاحة لقيام تلك السجون بمهامها القانونية المتمثلة في تأهيل وإصلاح السجناء ليخرجوا مواطنين صالحين وايضاً الاسهال الكبير والتساهل في احتجاز الأشخاص دون أدلة ثابتة وبالتجاوز للفترات القانونية المحددة والمقيدة لصلاحيات جميع أجهزة الدولة في حجز الحرية و لتوضيح ذلك نوضح بإيجاز القيود الزمنية لصلاحيات حجز الحرية. القيود الزمنية لحجز الحرية : اولاً: الأجهزة الأمنية تم تقييد صلاحيات الأجهزة الأمنية في حجز الحرية لفترة لا تتجاوز أربعة وعشرين (24) ساعة فقط بعد انتهاء هذه الساعات المحددة تتحول الأجهزة الأمنية من حامي لحقوق الانسان الى منتهك لها وهذا خطير جداً يستوجب الاهتمام به والتقيد بهذه الصلاحية دون تجاوز لايوجد أي استثناء في احتجاز الحرية لا توجد جريمة كبيرة وجريمة بسيطة الجميع متساوون امام القانون وجميع الأجهزة الأمنية ايضاً لا يوجد لأي منها استثناء تمنحها صلاحيات تجاوز حجز الحرية لأكثر من أربعة وعشرين ساعة ويستوجب ان يتم قبل انتهاء الفترة المحددة اما اطلاق سراح المحتجز او إحالة فوراً الى النيابة العامة لاستكمال الإجراءات لا يوجد خيار ثالث ولايوجد مبرر لاستمرار الاحتجاز لأكثر من أربعة وعشرين ساعة مهما كانت القضية كبيرة ومهما كانت الجريمة خطيرة فالقانون هو القانون عام ومجرد. ثانياً : النيابة العامة بالرغم من ان النيابة العامة هيئة قضائية وفقاً للدستور لكن ؟ لخطورة حجز الحرية فقد قيدها الدستور بصلاحيات حجز الحرية لفترة أسبوع ( سبعة أيام ) فقط وقبل انتهاء هذه الفترة يستوجب على النيابة العامة اما اطلاق سراح المحتجز او احالته فوراً الى القضاء للفصل في استمرار احتجازة او اطلاق سراحه وفقاً للقانون وبحسب ماهو ثابت في ملف القضية . لا يوجد استثناء يمنح النيابة صلاحيات احتجاز أي شخص لاكثر من أسبوع مهما كانت القضية كبيرة والجريمة خطيرة يستوجب الالتزام والتقيد بها بلاتمييز ولا استثناء . أي تجاوز لصلاحياتها القانونية في الاحتجاز تتحول النيابة العامة من حامي لحقوق الإنسانية ونائبة عن المجتمع في حمايته الى منتهك لحقوق الإنسان وحرياته يستوجب مساءلته وعقاب مرتكبيها بلاتمييز ولا استثناء . ثالثاً : القضاء ( المحاكم ) السلطة القضائية أهم سلطات الدولة المختصة بحماية حقوق الإنسان وحرياته وإيقاف أي تجاوزات للقانون ولها صلاحيات كبيرة في هذا المجال ولكن ؟ نظراً لخطورة حجز الحرية فقط قيدها القانون بقيود زمنية لا يجوز لها تجاوزها حيث قيد القانون المحاكم بفترة زمنية هي نصف الحد الأقصى للعقوبة المحددة للجريمة المحتجز على ذمتها السجين . وبهذا تجاوز المحاكم القضائية في حجز حرية الأشخاص لأكثر من نصف الحد الأقصى للعقوبة الذي يحاكم على ذمتها السجين يعتبر جريمة حجز حرية يسائل القاضي ويعاقب عليه كونه مرتكب جريمة حجز حرية لا تسقط بالتقادم . يعود معظم اسباب اكتظاظ السجون والسجناء الى تقصير أو تجاوز الأجهزة الأمنية والقضائية لاختصاصاتها ومهامها والذي تعتبر انتهاك لحقوق الإنسان الذي يحميها القانون والدستور . حيث قيد الدستور صلاحيات الأجهزة الأمنية والقضائية بقيود زمنية يحظر تجاوزها لان تجاوزها جريمة خطيرة لا تسقط بالتقادم يستوجب عزل من ارتكبها وعقابه وتعويض المتضرر من إجراءات الاحتجاز غير القانونية . يستوجب أن يخضع الجميع بلا تمييز ولا استثناء لأحكام ونصوص الدستور الواضحة وخصوصاً في حجز الحرية والايفاء بضماناتها دون انتقاص وبلاتجاوز . تجاوز الأجهزة الأمنية والقضائية لصلاحياتها القانونية وتغييب المواطنين في أماكن الاحتجاز لفترات طويلة تتجاوز صلاحياتها تجعل منهم مرتكبي جريمة خطيرة تمس بكرامة الانسان وتنتهك حقوقه الإنسانية وهل هناك أخطر من جريمة حجز الحرية الذي لاتسقط بالتقادم وتظل وصمة عار في جبين كل من انتهك حرية الإنسان كونها اهم واغلى حق إنساني. المحور الثاني : المعالجة الممكنة لمشكلة حجز الحرية خارج إطار القانون المعالجة بسيطة جداً لمشكلة حجز الحرية خارج إطار القانون تتمثل فقط في الالتزام بالقانون دون تجاوز واي تجاوز او مخالفة للقانون يستوجب مساءلة أو عقاب المتجاوزين بلا تمييز ولا استثناء وأن تكون حرية الناس من اهم أولويات أجهزة الدولة وأي تجاوز أو انتهاك لها يستوجب أن يتم قمعه وردعه بسرعة وفعالية . وهنا تقع المسؤولية في إيقاف تجاوزات الدستور في احتجاز الحرية خارج إطار القانون في مؤسستين هما : 1. مكتب المفتش العام بوزارة الداخلية وهو المختص بضبط مخالفات العناصر الأمنية في جميع الأجهزة الأمنية وتصحيح أي اختلال فيها واهما خلل تجاوز القانون في حجز الحرية ويستوجب عليه انزال التعاميم الموضحة للقيود والصلاحيات القانونية ونشر التوعية بها على جميع الأجهزة الأمنية ومرافقها بلا تمييز ولا استثناء وتوضيح مخاطر انتهاك تلك الضوابط والقيود في حجز الحرية . وان يعقب ذلك حملات تفتيش مستمرة على جميع المرافق الأمنية للتأكد من الالتزام بتلك الضوابط والقيود القانونية وسرعة التحقيق والعقاب ضد كل من ينتهك حريات الأشخاص ويتجاوز الصلاحيات والضوابط والقيود . 1. مكتب النائب العام تعتبر النيابة العامة هي الممثل للمجتمع والحامية لحقوق أفراد المجتمع وحرياتهم من أي انتهاك واهم واخطر تلك الانتهاكات هو حجز الحرية خارج إطار القانون . وقد منح القانون النيابة العامة صلاحيات كبيرة لضبط ومعالجة انتهاكات حقوق الإنسان ومنها حجز الحرية . حيث تم تكليف النيابة العامة بالتفتيش الدوري والمستمر على جميع أماكن الاحتجاز للتحقق من التزام تلك المرافق بالقانون وعدم تجاوزها وعدم انتهاكها لصلاحياتها القانونية في الاحتجاز كما تختص النيابة العامة وفقاً للقانون بفتح تحقيقات في جميع وقائع حجز الحرية المخالفة للقانون باعتباره جريمة يعاقب عليها القانون ومتابعة إجراءات القضية حتى إنزال العقاب لمرتكبي تلك الجريمة وتعويض المتضرر منها . كما أن هناك مسؤولية تقع على عاتق النيابة العامة تتمثل في وجوبية التزامها بنصوص القانون المقيدة لصلاحيات النيابة العامة في حجز الحرية بما لايتجاوز أسبوع وفقاً للقانون ومتابعة إجراءات التقاضي للسجناء امام المحاكم ومتابعة تصحيح أي اختلالات تنتهك حقوق الإنسان وحرياته وفي مقدمتها انتهاك الحق في الحرية وعدم الاحتجاز خارج إطار القانون وإطلاق سراح من تم احتجازهم بالمخالفة لنصوص الدستور والقانون ومسائلة من قام ارتكب هذه الجريمة الخطيرة بلاتمييز ولا استثناء . وفي الأخير : نؤكد على أهمية تطبيق الدستور والقانون والتزام جميع أجهزة ومؤسسات الدولة بها نصاً وروحاً وفي مقدمتها الأجهزة والمؤسسات المختصة بتطبيق القانون وتوقيف أي مخالفات او انتهاكات وفي مقدمتها الأجهزة الأمنية والأجهزة القضائية الحامية لحقوق الإنسان وحرياته ويستلزم عليها احترام تلك الحقوق والحريات لأن فاقد الشيء لايعطيه واي خلل يقع فيها تلك المؤسستين لها مخاطر كبيرة على ثقة المجتمع فيها وفي مؤسسات وأجهزة الدولة . وأخطر انتهاكات حقوق الإنسان وحرياته هو حجز الحرية المقيده بنصوص وضوابط قانونية ودستورية واي تجاوز او مخالفة لها تعتبر جريمة جسيمة وخطيرة لا تسقط بالتقادم ولا مبرر لها . مهما كانت الجريمة خطيرة وجسيمة الذي تم حجز حرية الشخص على ذمتها فهذا لايخول للأجهزة الأمنية والقضائية تجاوز القانون والدستور أما باستمرار احتجاز الشخص اكثر من الفترة القانونية المخول لهذه الجهة احتجازه أو احتجازه دون أدلة تثبت ارتكابه للجريمة المحتجز على ذمتها . فالجميع سواء أمام القانون مرتكب الجريمة الكبيرة والبسيطة سواء بسواء بلا تمييز ولا استثناء والاستثناء هو تجاوز للقانون وجريمة تنتهك حق الآخرين المسيح بضوابط وضمانات قانونية ودستورية يعاقب منتهكي ويتم تعويض المتضرر منها . ويستوجب على الأجهزة الأمنية والقضائية تعزيز دورها في إيقاف أي تجاوزات للقانون في حجز الحرية واحالة مرتكبيها للمحاكمة العادلة كون هذه التجاوزات تسبب في اكتظاظ السجون بسجناء خارج إطار القانون كان يفترض ان لايكونوا خلف القضبان وتتحمل الدولة نفقات وتكاليف كان بالإمكان تلافيها بتطبيق نصوص القانون والدستور نصاً وروحاً وعدم تجاوزها تحت أي مبرر كان فلا مبرر لاحتجاز الأشخاص خارج إطار القانون لأنها تتسبب في تفاقم الوضع الإنساني في السجون ومراكز الاحتجاز كون السجون تختنق وحجز الحرية جريمة وانتهاك دستوري وفي نهاية المقال نورد لكم نصوص الدستور المتعلقة بضوابط وقيود حجز الحرية كالتالي : المادة(47): المسئولية الجنائية شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص شرعي أو قانوني وكل متهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي بات، ولا يجوز سن قانون يعاقب على أي افعال بأثر رجعي لصدوره . المادة(48): أ - تكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم ، ويحدد القانون الحالات التي تقيد فيها حرية المواطن، ولا يجوز تقييد حرية أحد إلا بحكم من محكمة مختصة . ب- لا يجوز القبض على أي شخص أو تفتيشه أو حجزه إلا في حالة التلبس او بامر توجبه ضرورة التحقيق وصيانة الامن يصدره القاضي او النيابة العامة وفقاً لاحكام القانون ، كما لا يجوز معاقبة أي شخص أو التحري عنه الا وفقاً للقانون، وكل انسان تقيد حريته بأي قيد يجب أن تصان كرامته ويحظر التعذيب جسدياً او نفسياً او معنوياً، ويحظر القسر على الاعتراف اثناء التحقيقات، وللإنسان الذي تقيد حريته الحق في الامتناع عن الادلاء باية اقوال إلا بحضور محاميه،ويحظر حبس أو حجز أي إنسان في غير الأماكن الخاضعة لقانون تنظيم السجون ، ويحرم التعذيب والمعاملة غير الإنسانية عند القبض أو أثناء فترة الاحتجاز أو السجن . ج- كل من يقبض عليه بصفة مؤقتة بسبب الاشتباه في ارتكابه جريمة يجب ان يقدم الى القضاء خلال أربع وعشرين ساعة من تاريخ القبض عليه على الأكثر وعلى القاضي أو النيابة العامة تبليغه بأسباب القبض واستجوابه وتمكينه من إبداء دفاعه واعتراضاته ويجب على الفور إصدار أمر مسبب باستمرار القبض او الافراج عنه، وفي كل الأحوال لا يجوز للنيابة العامة الاستمرار في الحجز لأكثر من سبعة ايام الا بامر قضائي، ويحدد القانون المدة القصوى للحبس الاحتياطي . د- عند القاء القبض على أي شخص لأي سبب يجب ان يخطر فوراً من يختاره المقبوض عليه كما يجب ذلك عند صدور كل أمر قضائي باستمرار الحجز، فإذا تعذر على المقبوض عليه الاختيار وجب ابلاغ اقاربه او من يهمه الامر . ه- يحدد القانون عقاب من يخالف احكام اي فقرة من فقرات هذه المادة، كما يحدد التعويض المناسب عن الأضرار التي قد تلحق بالشخص من جراء المخالفة، ويعتبر التعذيب الجسدي او النفسي عند القبض أو الاحتجاز أو السجن جريمة لا تسقط بالتقادم ويعاقب عليها كل من يمارسها او يامر بها او يشارك فيها . المادة(49): حق الدفاع أصالة أو وكالة مكفول في جميع مراحل التحقيق والدعوى وأمام جميع المحاكم وفقا لاحكام القانون وتكفل الدولة العون القضائي لغير القادرين وفقا للقانون . المادة(50): لا يجوز تنفيذ العقوبات بوسائل غير مشروعة وينظم ذلك القانون .