تنطلق في الساعات القليلة القادمة أعمال المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية وعلى مدى يومين في أبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة برعاية رئيسها الشيخ محمد بن زايد حفظه الله ورعاه تحت شعار التصدي للفكر المتطرف, وفي مقدمة المشاركين الواصلين بابا الفاتيكان فراسيس وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب. ينعقد المؤتمر في إمارات الخير نموذج الأخوة والتعايش كما يسميها بابا الكنيسة الكاثوليكية بعيدا عن الشحن والمشاحنات في جو يسوده الوئام ومشاعر غامرة بالمحبة الفياضة من جميع عواصم العالم ومدنه وأريافه وأنظار عامرة بالإنسانية مصوبة ناحية الإمارات تتابع الحدث التاريخي, تأكيدا على الرغبة الشديدة في نبذ الصدام بين الشرق والغرب والتغلب على الخلافات والتصدي لجميع أسباب العنف وأشكال الإرهاب. فهل تستغل قطر هذه الاحتفالية وتتحرر من عقدة النقص, وربما العجز الذي يفتك بها جراء ما تدعي أنه حصار مطبق يشل بحياتها ينهي وجودها لو كان حقا حصار وليس مقاطعة. بدأت ملامح الحصار تتضح بعد زيارة أمير قطر إلى كل من كوريا الجنوبية واليابان والصين وآثاره في طور التشكل بعد تلك الزيارات, وخلال السنوات الخمس المقبلة بل حتى الأشهر القليلة القادمة تكون قد استفحلت تلك الآثار سلبيا على مفاصل الدولة في قطر. لأن النتائج أظهرت الحصار وكأنه مضروب على قطر من جميع دول آسيا إن لم يكن من جميع دول العالم الفاعلة وفي مقدمتها الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودول الاتحاد الأوروبي. والذي يجعلنا نعتقد ذلك هو علاقات قطر الغير مبدئية مع الدول ولا تعتمد المبادئ في نهجها عدا التجارة البحتة. فحجم التبادل التجاري مع قطر مهما كان فإنه ضئيل بالنسبة للثلاث الدول, وكذلك الحال بالنسبة لحجم الاستثمار في قطر أو معها. ولن تجد من يتهافت نحوها ويتسابق إليها غير إيران وتركيا ومعهما الدول النامية فقط.
كما أنها لن تجد من يلتفت لأزمتها أبدا لأن الدول الفاعلة تغلب الموقف والمبدأ على المصالح عدا أمريكا وقد فترت علاقتها بقطر في ظل ولاية الرئيس دونالد ترامب. وسوريا مثال على ذلك, ليس لديها ثروات ولا نفط لكن روسيا تستميت إلى جانب سوريا وكذلك دول التحالف الدولي وأمريكا التي تجني مكاسب كبيرة من اعتماد دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة على مظلتها الأمنية في المواجهة ضد إيران, بشرط أن تكون التوجهات الأساسية لمجلس التعاون الخليجي مرتبطة بالدرجة الأولى بتوجهات قيادة المملكة العربية السعودية غير مرهونة بنظرة إيران وتركيا يا قطر, وقوته هي قوة العرب تتعزز بارتباطها بالمملكة العربية السعودية. وتقارب قطر من إيران ليس له تفسير ولا توجد بينهما آلية للتعامل مثل آلية التعامل التي وضعتها فرنسا وبريطانيا وألمانيا لاستمرار التبادل التجاري والمالي كغطاء لأهداف أخرى أهمها الإبقاء على قنوات للتواصل والاتصال بما تتسم به السياسة الأمريكية من مد الجسور مع بعض رموز الحكم المعتدلة والمعارضة بغية الاحتواء من الداخل. فهي لعبة الكبار لا تستطيع قطر أن تتقنها لاحتمالات صمود النظام الإيراني لمدة طويلة أو الإطاحة به وقيام نظام جديد موالي للغرب قد يجذب اهتمام الغرب إليه مع الحفاظ على علاقات مميزة مع دول مجلس التعاون الخليجي أم لا. فما على قطر إلا الذهاب إلى أبو ظبي لإنهاء الخلافات فورا تفاعلا مع انعقاد المؤتمر التاريخي المنعقد هناك.