لم أكن أتصور يوماً أن الضالع ستصل إلى هذا المستوى من الفقر والعوز والفاقة ، وكنت أعتقد أنها أفضل حالاً من غيرها وأنا أرى الناس تبني وتشيد وتلبس وتأكل ، والأسواق تعج بالمشترين و المتبضعين ؛ وما إلى ذلك ، ولم أنتبه بأن البيوت أسرار كما قيل ...!!. لكن بعدما أخبرني أحد مسؤولي إحدى المنظمات الإغاثية الإنسانية العاملة بالضالع عن أحوال الناس وما وصلوا إليه من حال لا يعلم به إلا الله ، فقد أصبحت أرثي لحالهم وأتحسر على ذلك الوضع المأساوي الذي وصلوا إليه وأشفق عليهم كثيراً فقد أطلعني على أشياء كثيرة ومؤلمة تفطر القلب وتدمي الأكباد ؛ كنت صراحة أجهلها ولم أحِط بها علما ..!. وبناءً على بحوث ومسوحات تلك المنظمة العاملة بالضالع فأن معدلات الفقر قد تضاعفت بشكل مخيف جداً وهناك أرقام صادمة لم تخطر على بال أحد ، فأعداد الفقراء في تزايد مستمر حتى أن كثيراً من الأسر أصبح بالكاد يتوفر لها الخبز والماء وهما الطعام والشراب في جميع الوجبات الثلاث : الإفطار ، الغداء ، والعَشاء ..!!. وحتى فئة الموظفين التي كانت تمثل فئة متوسطي الدخل قد هوت إلى قاع سحيق تحت خط الفقر وأصبح الراتب الزهيد الذي يتقاضاه الموظف نهاية الشهر لم يعد يفي حتى بالمتطلبات الأساسية والضرورية .. فما بالكم بغير الموظفين وهي فئة أكثر بكثير من فئة الموظفين وتمثل السواد الأعظم من الشعب ..؟!!. فعلى الجار أن يتفقد جاره ؛ فهناك اليوم الكثير من الأسر المتعففة الفقيرة قد لزمت دارها وتصبح وتمسي طاوية وخاوية البطون ولا يعلم بحالها إلا الله دون أن تمد يدها أو تسأل الناس أو حتى تطالب بحصتها من الإغاثة لأن عزتها وأنفتها تمنعها من ذلك ولو شارفت على الهلاك والفناء جوعاً داخل منازلها ..!!. وإني لأستغرب – أيما استغراب – أن يشتري الواحد منا قاتاً فاخراً بآلاف الريالات ولم يكلف نفسه زيارة جاره وتفقد أحواله ومساعدته .. فيا أيها " المولعي " يا من تشتري القات بالآلاف يومياً أعلم أنك مسئول أمام الله عز وجل – الذي أوصى بأولئك المحتاجين المعدمين وأمر بمساعدتهم وشدد على مد يد العون لهم – عن كل ريال بل عن كل فلس تبدده هباءً منثورا في شراء القات ، وهناك من الأسر من تتضور جوعاً ولا تجد ما تسد به رمقها ولا تجد أيضاً ما تكسي به أطفالها إلا من أسمال بالية ، فهي أولى بتلك الأموال ورب الكعبة ..!!.