لم يدرك صالح أن السلطة النفعية العاجزة عن بناء مؤسسات وطنية لا تحمي سلطته ولا تحافظ على حياته بعكس السلطة التي تؤمن بالدولة وتراقب السلطة وتمنع انجرارها لمخالفة الأهداف العامة للدولة بصفتها تشمل كل مكونات الشعب وهي الدولة العميقة والحامي الرئيسي ، السلطة التي تندرج ضمن قوانين الدولة هي وحدها من تمنع الشذاذ واصحاب المشاريع الضيقة والمعروفة بالسلالية والطائفية والمناطقية فالسلطة المبنية على خدمة الشعب؛ وحدها القادرة على حمايته وحماية مقدراتها بصفتها مقدرات شعب لا جماعة سياسية او دينية او طائفية . فتحويل صالح والاخوان ؛ مفهوم السلطة إلى حالة من العبث والاستهتار بمؤسسات الدولة وافراغها من الكوادر الوطنية لصالح الجماعات المرتهنة لمشارع طائفية ومذهبية لا ترى الدولة أكثر من مجرد غنيمة متاحة للنهب والاستغلال؛ لشراء الذمم على حساب قداسة الدولة التي تتمثل بالإنسان اليمني. وباعتبارها المبدأ الرئيسي لثوار سبتمبر فاستعادة الدولة من السلطة الدينية التي سخرت نفوذها لتوظيف الشعب لصالح القائمين عليها مستغلين جهل المجتمع كانت وراء الاطاحة بحكم الأمامة وللاسف استطاع نظام صالح والاخوان تجريد مفهوم الدولة لصالح السلطة. فالدولة في أدبيات الاخوان ونظام صالح هي أدوات القوة لشعب وقوت الشعب يعني اعاقة حلمهم المبني على الاستحواذ والهيمنة على السلطة السياسية خاصة أن نظامهم تعامل مع الدولة مقدراتها بأسلوب العصابات الباحثة عن المال والنفوذ. فمنذ آلف عام واليمن يفتقر حكامها لمفهوم الدولة ما جعلها دولة بلا مؤسسات وبلا هوية وطنية فغالبية مكونات الشعب هم رهائن للسلطة الدينية التي نزعت مفهوم القداسة للأرض والأنسان اليمني لصالح رجل الدين الزيدي المعروف بالإمام أو رجل الدين الإخواني القادم عبر انقلاب نوفمبر 67. وهو انقلاب حمل على عاتقه تدمير مفهوم الدولة الوطنية التي مات شهداء سبتمبر من أجل تعزيزها لتعود الإمامة عبر هذا الانقلاب متظللة بظلال المصالحة الوطنية وهي المصالحة التي مكنت الإمامة الزيدية من العودة تحت جناح الجمهورية لتعمل بجهد كبير ومنظم لإفساد مشروع الدولة بصفتها أهم منجزات الثورة ليسقطوا العاصمة صنعاء . فالغباء المتجسد بالأحزاب الدينية وصالح والمتمثل باستغلال السلطة الحاكمة للقضاء على المشروع الوطني كان أبرز العوامل التى سهل للإمامة العودة بالطريقة التي رأيناها يوم سقوط صنعاء. وهو السقوط الذي كشف حقيقة تلك السلطة ومدى قيامها بتعزيز مؤسسات الدولة وعلى راسها الجيش والامن ليتحول الحوثي ومن خلفه الهاشمية السياسية لفرض سيطرتهم على مؤسسات مهترئة وفاقدة للبعد الوطني لتختفي السلطة الوهمية المعروفة بنظام صالح والاخوان لصالح مليشيا الحوثي فدورهم الممتد طيلة 33 عام ساهم مساهمة كبيرة لافراغ ممنهج لكل من امن بالدولة وناضل لتحويل السلطة إلى خدمة الدولة وليس العكس. لتنتهي سلطة صالح والاخوان بطريقة مخزية تاركين عاصمة الدولة اليمنية ومدنها تسقط بيد للحوثي دون وجود حقيقي للدفاع عنها وتنتهي معهم اكذوبة المؤسسة العسكرية. ولولا صمود الرئيس هادي ورفضه الاستسلام لمليشيا الحوثي لما استطاع صالح والاخوان مواجهة الحوثي واستعادة سلطة الدولة من يد الهاشمية السياسية التي ظلت تعمل طيلة 60 عام على تدمير كل ما يمكن انجازه لصالح الدولة اليمنية. وهنا يطرح السؤال على القيادة الإخوانية؛هل تعلمت من درس إسقاط السلطة النفعية تلك السلطة الذي عجزت عن حماية من كان يتربع على عرشها لينتهي به الحال قتيلا دون مناصر له لتختفي تلك الأبواق الممجدة له طيلة فترة حكمة لتتحول إلى أصوات تمجد قاتله.