حين يفقد المرء ثقته بنفسه ويحس بعجزه عن تحقيق أي إنجاز في حياته فإنه يبحث عن شيء خارجي ليكرس حياته من أجله. قد يتجه نحو تقديس شخص أو زعيم أو حركة سياسية أو دين أو مذهب معين.
لهذا تعتمد الحركات الشمولية علي تدمير ثقة الأفراد في قدراتهم وتحويلهم من أفراد إلي أعضاء في جماعة.
تعتمد الحركات الشمولية والفاشية (دينية كانت أو عسكرية) علي تعزيز قيم "نكران الذات" و"التضحية" و"الشهادة".
ولأجل ذلك تختلق هذه الحركات تناقضاً وهمياً بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة، وتري أن المجتمع لن ينهض إلا إذا تخلي أفراده عن طموحاتهم الشخصية! في النهاية تمتلئ هذه المجتمعات بالفاشلين والشهداء والسجناء والمعاقين والمحبطين الذين يندبون ضياع شبابهم خلف سراب "التضحية" من أجل "القضية".
في المقابل فإن المجتمعات المفتوحه تعلي مبدأ الفردية والنجاح الفردي، وتعزز ثقة الفرد في قدراته علي تحقيق المستحيل.
لهذا تختفي في هذه المجتمعات شعارات "التضحية" و"الشهادة" و"تمجيد الموت" و"إنكار الذات".
إن النجاح وحب الحياة وتحقيق الذات هو أساس تطور هذه المجتمعات وعلوها، وهي تؤمن أن مصلحة الفرد هي مصلحة المجتمع.
فالمجتمع الناجح هو ذلك التجمع الضخم للأفراد الناجحين والواثقين من قدراتهم وتميزهم.
الطفل الذي يتمني أن يموت شهيداً.. والشاب الذي "يضحي" بحلمه الفردي ونجاحه من أجل قضية مفترضة ويري أن نجاح القضية لن يقوم إلا علي فشله... والأفراد الذين يرون أن "نكران الذات" وتحقيرها هو سلوك الرجل الفاضل.. هؤلاء هم ضحايا المجتمع المغلق وبذور مجتمع الانهيار.
أثناء تجوالي في المحافظات اليمنية لفت انتباهي الكم الهائل لعبارات "الشهادة" التي تمتلئ بها جدران المباني والشوارع والأسوار.
وكلما كانت عبارات الشهادة وتمجيد الشهداء تزيد، كنت أري المزيد من الأراضي الزراعية المهملة والمحلات المغلقة والمدارس المدمرة والمقابر..
هذه هي مجتمعات الشهادة والتضحية والفشل... أما مجتمعات النجاح فشيء آخر. تمسك بحلمك ونجاحك الفردي ولا تكن من الفاشلين أو الراحلين الحمقى.