مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفجير الينابيع وصناعة التدفق
نشر في الصحوة نت يوم 05 - 10 - 2010


الإهداء إلى الإصلاحيين في عيدهم العشرين..
إن الأفراد هم الينابيع التي تصب في مجرى النهر الوطني وتشكل تيارا وشلالات تتدفق لإعادة الحياة للأمة و إنعاش الإرادة الحضارية , وعلى قدر تفجر هذه الينابيع (الأفراد) بالعطاء والأشواق تتشكل تيارات النور والماء ويظهر التدفق الطبيعي لهذه الأنهار والأنوار بقالب الجماعة والمجتمع عندها لن يوقف التغيير شئ ولن يمنع الإصلاح أي قوة مهما بلغت ولن يؤخر النهضة مخلوق أياً كان.
إن نهوض الفرد بقوة لحمل مشاعل التغيير وتشكيل روافع النهضة وحده الكفيل بتغيير هذا الواقع الأجدب المحاط باليأس والمزروع بالأنانية ولا يمكن أن نتحدث عن جماعة ناهضة ومجتمع متوثب نحو الأعلى والأفضل مالم يبدأ النهوض من الفرد وما لم يبدأ التوثب والاحتراق من الفرد ولا معنى للمسئولية الجماعية بدون المرور بالمسئولية الفردية ولا يمكن بناء جماعة ما لم يمر بالبناء الفردي وقوة الفرد ولكي يتحول الفرد إلى صانع للتدفق الجماعي ورافع للنهضة المتعثرة فلابد أن يمتلك خصائص ومؤهلات تجعله كذلك. ومن أهم هذه الخصائص والصفات :
المعرفة
يلزم المزارع للحصول على محصول أفضل وخير وفير أن يكون مزارعاً بمعنى الكلمة وفلاحاً يفهم أسرار الأرض وخادماً لها يعرف واقع التربة جيداً ويعلم أن أرض الجبل تختلف عن أرض الوادي والأرض التي تعتمد على ماء السماء تختلف على الأرض المعتمدة على الغيول والأنهار والسواقي فهي مختلفة ومتنوعة ولكل منها نوع من البذور يناسبها وموسماً خاصا بها للبذور و«الجليد» والحصاد وتقليب التربة ؟!.
كما أن على المزارع الناجح أن يكون عارفاً ببيئة الزرع والأجواء المحيطة والجيران من الأشجار والحشائش الأخرى الضارة والنافعة.
وأن الواقع الإنساني يشبه الواقع النباتي والموجودات في أمور كثيرة !. لذلك يلزم رجل الإصلاح والتغيير عندما يريد أن يبني في الواقع ويغير عادات الناس وثقافتهم وأخلاقهم إلى الأفضل أن يفهم هذا الواقع جيداً و ملابساته ويسعى لمعرفة المؤثرات التي توتر فيه سلباً أو إيجابا.
تحديد ميدانك الخاص
قد يقضي فرد الإصلاح جهوده وحياته خارج الموضوع يهتم بالأمة والوطن والشعب ويغرق في التساؤلات الحائرة والأمنيات الحالمة ويبحث عن أسباب الضعف والابتعاد عن هدف التغيير ولا يعلم أنه هو سبب كل هذا وحالته الخيالية تقصيه عن أداء دوره المسئول عنه و ثغرته الخاصة, أنت لست مسئولاً عن مسؤولية غيرك. أنت مسئولاً عن دورك وعن إتقان عملك وعليه يجب أن يكون ميدانك محدداً وواضحاً وتكون أنت قائد هذا الميدان تخطيطاً وتنفيذاً. قد يكون مدرسة أو مصنعاً أو قريةً أو شارعاً أو جانباً ثقافياً أو اقتصادياً أو إعلامياً (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) وكل من ينتمي إلى حركة الإصلاح هو قائد وعليه أن يعمل على هذا الأساس ولا مبرر لانخراط المرء في الإصلاح إلا أنه راحلة ورائد قوم ، أنت مسئول إذاً كفرد وسيسألك الله وحدك يوم القيامة وعليك أن تتصرف كقائد أول في ميدانك.
ضياع المفاتيح
وعلى العموم هناك مغاليق كثيرة في بوابة الواقع و أقفال متعددة تمنع الدخول إلى عقل وروح المجتمع ووجود هذه الأقفال أمر طبيعي أمام كل جديد أمام كل حركة تنوي نقل المجتمع من دائرة معتادة إلى دائرة جديدة ومن مربع السلبية إلي مربع الايجابية.. والمشكلة ليست في وجود الأقفال وإنما في افتقاد رجال الإصلاح للمفاتيح الشرعية والطبيعية التي تفتح القلوب وتجعلها تنادي (ادخلوها بسلام آمنين).
- إن امتلاك رجل الإصلاح والتغيير لمفاتيح قلوب و عقول الأفراد والواقع والمجتمع هو أول مهمة وأصعب مهمة حيث يسهل بعدها كل صعب.
- هناك من لا يهمه البحث على المفاتيح ويمكث خارج السور يصرخ تارة ويتسلق من الجدران تارة ويحاول كسر الأقفال تارة أخرى والنتيجة يظل غريباً إن لم يصبح متطفلاً بل لصاً ومتسللا غير مرغوب فيه بنظر الواقع.
قوة الرفق
الرفق من أهم وسائل القوة وطريق سريع لامتلاك المفاتيح الفعلية ف»ما كا الرفق في شيء إلا زانه و ما نزع منه إلا شانه»
وهنا يبدو الرفق كقوة ناعمة يتزين بها الإنسان ويتجمل والجمال قوة بحد ذاته , و امتلاك الجمال في الشكل والمنطق والدين والسلوك والروح قوة لا تقاوم تنهزم أمامها كل جحافل القبح والشر والفساد والاستعباد. الرفق ليس ذلاً ولا تملقاً. إنه قوة نافذة للقلوب وصورة من الجمال الأخاذ وشكل من أشكال الحضور الطاغي بينما تبقى الشدة والتطرف أهم ما يفسد الحق ويصيب رجل الإصلاح والدعوة في مقتل مهما أدعى أنه يغرف من منهال سيد الجمال محمد عليه الصلاة والسلام فالشدة والغلظة تنتج كراهية ويتحول الدين إلى هوى متبع ليصبح التطرف والتشدد هنا صورة أخرى للفساد والإفساد في الأرض وهي طبيعة من طبائع أهل النار « أهل الجنة كل هين لين سهل وأهل النار كل عتل جواض«.
قوة الحب
الحب هنا جوهر الإيمان. ومهمة رجل الإصلاح ودعوته زرع الحب ونشره كعطر يغطي المكان والزمان والمخلوقات كافة وإذا كانت مفاتيح المجتمعات قد تتعدد بتعدد الأقفال و يحتاج كل فرد إلى مفتاح ومفاتيح خاصة فإن الحب هو المفتاح السحري للقلوب.
ولهذا يكون التسلح به شرطاً ملازماً للنجاح في الدنيا والآخرة (لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا).
ولا يمكن أن يزرع رجل الإصلاح الحب في المجتمع إلا أذا كان يمتلك مخزوناً متدفقا من هذا الكنز ويمتلك ينابيع دائمة لتغذية قلبه أولاً. ليتمكن من نشره في نفوس الآخرين. إن كثيراً من المهارات والإمكانات والقيم تحتاج إلى وسائل ومعرفة وتدريب ووسائل إيصال وإقناع
إلا الحب فإنه يكفي وجوده في القلب لينتشر مثل الضوء.
لا أتصور فرد الإصلاح رجلاً كان أو إمرأة أن يكون كذلك بدون حب فالحب يمثل هنا روح الإصلاح و تصبح حركة الإصلاح بدونه جسم بلا روح وزهر بلا أريج. و لا يسمى المزارع مزارعاً إلا إذا كان محباً للأرض عاشقاً للزرع يتعب من أجلها ويستعد أن يضحي بكل شيء.
وجوهر الحب هنا هو حب الله وحب رسوله وهو فطري مرتبط بحب الإنسان للخلود.. وأي حب بعيداً عن هذا الحب ليس أكثر من وسيلة انتحار وتهافت نحو الفناء الحقيقي! ولو استطاع رجل الإصلاح أن يزرع في الناس هذا الحب الخالد يكون قد تخطى العقبات ويسهل عليه بعد ذلك توضيح حقيقة فناء الدنيا وتفاهة زينتها.. وأن لا قيمة لها طالما الزمن فيها يمر كطرفة عين بما فيه, حيث تمر الدنيا مثل السحابة الهاربة والأحلام الشاردة... ولا قيمة لهذه الدنيا إلا في وجه واحد وهي أن تكون مزرعة للآخرة... بمعنى مزرعة للبقاء والحياة الخالدة , عندها سيسهل إحياء خلق التضحية من أجل الإصلاح وفي سبيل حماية عباد الله... إن الإصلاح ليس عنواناً فارغاً وإنما قيم وثقافة وروح , ورجل الإصلاح ليس رجل عصابة ولا موظف مع أحد أنه بشير على طريق النبوة وهي مهمة كبيرة ومرتبة عالية استشعارها يفجر في الفرد ينابيع الحياة وشلالات الحب المدهشة.
حب الناس
هناك من يفصل بين حب الله ورسوله وحب خلقه من بني آدم الذين كرمهم الله وخصهم بنفخة من روحه.
إن حب الله يتجلى عند المؤمن بأكثر من مظهر ومن هذه المظاهر حب الناس ومنفعتهم والتنفيس عليهم في كربهم وإعانة المحتاج والملهوف وشكرهم والحرص على حياتهم ورفاهيتهم فخير الناس أنفعهم للناس. إن علي الإصلاحي أن يعمل علي قاعدة ( الإصلاح من أجل الوطن وليس الوطن من أجل الإصلاح ) فحركة الإصلاح ليست حكرا على حزب أو جماعة فهي ساحة مفتوحة لكل أبناء الوطن ، والأحزاب ما هي إلا وسيلة لتحقيق مصالح الشعب العليا ، وهكذا يجب أن يفهم الناس وان يتحاور مع كل الناس بدون استثناء لنلتقي جميعاً علي مصلحة الوطن و التضحية من أجل مصلحة الشعب وصولا ً إلى ترسيخ قيم الحرية والعدل والمساواة وسيادة القانون وانتشال الوطن من أزمته والمواطن من محنته.
القوة المتجددة
إن الأخلاق الحسنة مع الناس هي مظهر لحب الله ورسوله وحب الناس حيث «أقربكم من الله يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً» و»إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق «
والأخلاق والرحمة مع الناس كافة لخلق الله كافة لكل ذي كبد رطب صدقة لقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم وهو عائد من الطائف والملك يعرض عليه عقاب من آذوه وحاربوه من كفار قريش فلم يعاقب ولم يستجيب لمشاعر الانتقام لمن يستحقونها فوقف ووقف معه الدهر ليعلن الحب الأعظم والتسامح الجميل « اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون « وإنما يمارس البغض والقطيعة علي الأعمال السيئة وليس على الأشخاص بذواتهم فالإنسان مكرم واحترامه مطلب إيماني، لقد قام الرسول (صلى الله عليه وسلم) لجنازة يهودي مرت عليه ذات يوم وهو جالس ، وعندما سئل عن ذلك أجاب أو ليست نفساً.
ولهذا على المؤمن أن يفتح قلبه وعاطفته لمن حوله من خلق الله الصالح والطالح القريب والبعيد , لكي يتمكن من إيصال النور والرحمة , والحقيقة إلي الناس ويتحمل منهم المشاق والعنت ويرد السيئة بالحسنة ويدفع دائماً بالتي هي أحسن فإذا العدو صديق بل وولي حميم. عندما أشتد أذى المشركين للنبي (صلى الله عليه وسلم) بزعامة عمرو بن هشام ( أبو جهل ) كان (صلى الله عليه وسلم) يرفع يديه إلى السماء بكل رحمة وحنان داعيا بأن يعز الله الإسلام بعمرو بن هشام. إنه تعالي يسمو فوق الضغائن والصغائر ورحمة لا تدع مكانا للكراهية ومشاعر الانتقام (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ).
هناك إشراقات قرآنية لا تقدر بثمن نمر عليها وكأنها نزلت على غيرنا.
لقد كان رسول الله يثني ثناً حسناً على حلف الفضول الذي وقع في الجاهلية بهدف نصرة المظلوم وكان يتعامل مع الناس بأخلاق الصدق والأمانة والرحمة والمساعدة والحب , ذهب ليعين رجلاً مشركاً في إخراج حقه المسلوب من أعدائه ومع هذا لم يقل للمحتاج اسلم أولاً كي أساعدك لقد كانت علاقته الإنسانية وطيدة مع كل الناس ومنهم المشركون. هذه العلاقة خففت من عداوة البعض بل جعل بعضهم يقاتل مع الرسول صلى الله عليه وسلم , ويخوض حرباً ضد قريش وهو مشرك لا لشيء إلا لأن صاحبه هو محمد صلى الله عليه وسلم صاحب المروءة والخلق والرحمة كما حصل مع المطعم ابن عدي بعد رحلة الطائف.
هذه مهمة المؤمن والمصلح في المجتمعات المشركة أو البعيدة عن الإسلام ما بالك ونحن نعيش في مجتمع مسلم ثم نذهب نصنع الحواجز النفسية والاجتماعية وقد نعتبر هذا إنجازاً أو صلاحاً ولن نعدم المبررات التي تتكي على الأهواء والجهل وثقافة المفاصلة التقوقع وضعف الهمة ، وواهم من يعتقد أن أصل المعركة مع الاستبداد والفساد أن المشكلة وأصل المعركة هي مع النفس ثم مع المجتمع وعندما ننتصر على أنفسنا وننجح في رفع وعي وإرادة المجتمع عندها يصبح الانتصار على الاستبداد والفساد والتخلف تحصيل حاصل.
البحث عن الإجابات
هناك من يتعمد أن يغرق نفسه والآخرين بسيل من الأسئلة يكون هدف السائل بصورة لا شعورية الهروب من المسؤولية وهذه من علامات العجز وانسداد أبواب التوفيق.
رجل التغيير هو من يبحث عن الأسئلة في الواقع ليصنع لها إجابات نظرية وعملية مناسبة بإمكانياته المتاحة لا ليتهرب بها أو يرميها في وجوه الآخرين , إنه صانع إجابات ومبدع في ميدانه الخاص.
بعدها تسهل الإجابة عن الأسئلة الكبرى سواءً ما يتعلق بالحركة أو الوطن في مجال التجديد والتغيير والإبداع، لأن الإجابات الصغيرة في الميدان التي يصنعها الأفراد كل في ميدانه هي التي تصنع إجابات كبرى موفقة وتصبح رافد للإجابات الكبيرة على مستوى الوطن والجماعة.
وعلى فرد الإصلاح أن يتفحص الأسئلة الخارجة من الواقع ويعيد صياغتها بشكل يجعلها صالحة للعمل والإجابة وليس مادة للإحباط وإلقاء المسؤولية على القادة تارة وعلى الشعب تارة أخرى. وعلى الظروف مرة ثالثة.
إن الشعب والقيادات والظروف تتغير بتغير الفرد والأفراد المنخرطين في عملية الإصلاح إلى الأفضل أو العكس. وهذا لا يعني إعفاء القيادات في الإصلاح لأن القادة هم أفراد وكل فرد قائد في ميدانه ومستواه.
مثال : هناك سؤال يطرح :- لماذا لا يتحرك الشعب للدفاع عن حقوقه المسلوبة ؟ ولماذا يساعد الشعب على إطالة عمر الاستبداد بسلبيته؟
فتأتى الإجابات على شكل هذا شعب جاهل وسلبي ويستحق ما هو عليه ؟ أو أكثر من ذلك كما قيل عن الثلايا «لعن الله شعباً أردت له الحياة وأراد لي الموت». وما على رجل الإصلاح كما يوحي السؤال والجواب إلا التخلي عن الناس ويذهب بعيداً بحثاً عن المرعى ومثل هذا السؤال لن يقودنا إلا إلى الإحباط والفشل.
وهذا هو الانسحاب من المعركة قبل أن تبدأ لأننا لا نعلم أن المعركة هي معركة وعي وتوعية وتربية وزرع ثقافة جديدة و زراعة ثقة بالجديد فالثقة والثقافة الناهضة غالية وتحقيقها في المجتمع لا يأتي بأمنيات ولا تقوم برجال فاقدي العطاء والهمة إن الثقافة الناهضة حضارة والحضارة تبدأ من النفس، و الثقة الممنوحة من الجماهير إعتراف وتسليم بالقيادة لا تأتي إلا عبر التضحية والقدوة وتقديم المثال.
ولكي نعيد الأجواء إلى نصابها فيجب أن نعيد صياغة السؤال على الشكل الآتي :-
لماذا عجزنا عن النفاذ إلى عقل وروح الشعب ؟ أو لماذا فشلنا حتى الآن في جعل الشارع يتبنى مشروع التغيير ويضحي من أجله.
وهذا الصيغة هي جواب بحد ذاتها بقدر ما هو سؤال وستكون الإجابات حينها عملية وأي جهد للإجابة على هذا السؤال بصيغته المتوثبة ستكون إجابات مدهشة وربما يكتشف رجل الإصلاح بأنه لم يكتشف نفسه بعد ولم يعرف مجتمعه ومفاتيحه وقوة فاعلية المجتمع عندما تصل إليه الفكرة واضحة وبسيطة بروحها وعقلها المتماسك وبصورة تجعل الجماهير فاعلة تفرز قيادتها وتمد حركة التغيير بزخم ومدد يتنامى كل يوم حتى يتحول إلى تيار يستحيل أن يوقفه أحد مادام وهو متدفق من المنبع , هل رأيتم تيارا متدفقاً توقفه الحواجز وتعيقه السدود , إن تدفق الروح والحركة من الفرد ثم الجماعة شرط أساسي للنجاح وصناعة التدفق الفردي والجماعي هي شرط التغيير والنجاح و التمكين.
والأمة اليوم تتشوق لرؤية هذا المثال وهذه النماذج كي تسير ورائها لتحقيق الحلم الكبير ومن وضع نفسه بدائرة التغيير ومهمة الإصلاح يجب أن يكون ذلك النموذج القائد أو يراجع حساباته على كل الأصعدة.
على رجل الإصلاح إذا ً أن يتحول إلى صانع إجابات ويعيد صياغة الأسئلة الخارجة من دائرة التخلف والإحباط لا أن يعيد إنتاجها من جديد.
هناك من يشتغل فقط في الأسئلة ويبحث عنها ليجعلها وسائد للنوم وغطاء للتدثر وتبريرات للهروب.
الحاجة أم الاختراع
من أهم دوافع تغير وجه الأرض بالزرع والخضرة والفواكه... هو وجود الحاجة لدى المزارع تدفعه نحو العمل والإنتاج إنها حاجة وشعور بالحاجة إلى هذا التغيير لوجه الأرض الجرداء حاجة مرتبط بالحياة والموت ؟ هذه الحاجة الحياتية تجعل العلاقة بين المزارع والأرض والزرع حميمة يحبها ومستعد أن يتعب من أجلها بل ويموت في سبيلها أيضا ويفرح كلما اهتزت وربت.
رجل الإصلاح عليه أن يشعر بهذه الحاجة وهو يقوم بمهمة حماية مجتمعه وتنمية العمل والإنتاج وزراعة روح جديدة نحو الفضيلة والصلاح والحرية والكرامة وإشاعة الحب والتسامح وقيم الثورة بل هذه الحاجة تتجاوز الحياة القائمة إلى الآخرة فهو يحتاج إلى هذا العمل ليقي نفسه من غضب الله وينال رحمته ورضوانه... وعندما يستشعر هذه الحاجة استشعاراً يهز الوجدان سيجد رجل الإصلاح نفسه مبدعاً وقادراً وتأثيره يفوق قدراته
وفقدان الشعور بهذه الحاجة يفقده دوافع الإصلاح ووقود التغيير.. إن رجل الإصلاح مهمته أن يولد هذه الحاجة في نفسه أولاً ثم في نفس المجتمع وميدانه الصغير , وسيجد أمامه الطريق سالكه يخرج كل يوم بجديد ويكسب كل جديد.
بغض النظر عن مرتبته الاجتماعية والعلمية لأن الحاجة أم الاختراع وقاعدة الإبداع..
إحياء الفكر والتفكر
وإذا كانت العبادة كنز سماوي من ظفر به من العباد نال الدرجات والنجاح فإن الفكر والتفكير مرتبة أعلى وأغلى وهي أعلى مراتب العبودية فتفكر ساعة خير من عبادة ألف ساعة
وعليه فإن مهمة رجل الإصلاح أن يهتم بالتفكر ويفتح فكره في حياته و واقعه. والآيات كثيرة التي تحث على التفكر في كل ما تراه عينك وتسمعه أذنك.... هناك آيات متنوعة في السماء والنجوم والفضاء الممدود الذي يعطيك في كل لحظة تفكر سراً جديداً وروحاً جديداً, الجبال والجمال والإنسان كل شيء يدعو إلى التفكر ويوصلك إلى جمال لله وقدرة الله ورحمة الله وكرم الله.. يجعلك تندفع بحب للاقتراب من هذا الكريم وهذا الرحيم الودود بمتعة جليلة وتعرف عندها معاني الحب والجمال التي تصنع الاستعلاء الجميل والاستغناء عن الخلق والتشبث بمعية القدوس البديع.. لكي ترضيه بالعبادة.. والعبادة في مجال الناس والإصلاح والكلمة والجهاد خير وسيلة للوصول، عندها تنطلق خالي من قيود الدنيا وأهل الدنيا لصناعة العمران وخدمة الناس بفكر مفتوح يتفتق بالحكمة ويبحث عن الحقيقة أينما كانت عند الخصوم أو الأصدقاء فمن كانت الحكمة ضالته لا يعرف التعصب ولا الجمود.
إن الفكر والتفكر والتحفز لهذا النوع من العبادة سيجعل رجل الإصلاح ينتقل إلى رجل حضارة وإبداع وسينتشر المفكرون لحل العقد الحضارية وسيبدأ هؤلاء المفكرون بحل أسئلة الواقع الصغير بشكل صحيح وبروح معنوية وصولاً إلى الواقع الكبير فلا أحد يستفيد من تجميد الفكر غير الاستبداد بجناحيه الفساد والتطرف..
قوة التداعي
لا ندعو الفرد لكي يصبح قوة بحد ذاته وله شخصيته الخاصة وفعله المميز ضمن الإطار الفرداني الأناني فالأنانية هي أهم ملامح الموت الحضاري للآمة وإنما عليه إن يكون كذلك ضمن دائرة المجموع وجزء من التيار ومن القوة المكونة للتدفق الجماعي القادر على التغيير والإرواء والإنبات , عضو حي من جسم حساس منظم ومتوثب يتجاوب مع حركة الجسم الجمعي وطموحاته وآلامه وأوجاعه يحقق التداعي المنقذ مع الجسد الكلي (إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) وهذا التداعي وهذا السهر وهذه الايجابية والمبادرة هي التي تعكس حياة الفرد وقوة الجماعة , فالفرد في مهمة التغيير والنهوض هو منبع أساسي يشارك إخوانه في الصب في مجرى النهر الواحد كما يمثل بنفس الوقت جزءا من النهر والتيار إلى درجة يصعب أن تفرق بين من هو الفرد ومن هي الجماعة ، وعندما يغيب هذا التداعي الايجابي المنجذب نحو الجماعة والأفراد فيما بينهم بدافع الحب والإيمان ، تبرز الأنانية وتتفتت القوة ويجف النهر وتنتصر المكروبات والأمراض ويصبح الجسد والأجزاء ( الجماعة والفرد ) مطمعا لتداعي أخر يلتهمهم جميعا ويتحولون من قوة تصنع الحياة إلى مجرد قصعة ثريد تتسابق الأكلة عليها أو بقرة مذبوحة تتسابق (النسور ) الجارحة في نهشها.
إن قوة التداعي الايجابي في أي جماعة أو أمة هو علامة حياة بل هي العلامة الفارقة بين النجاح والفشل والحياة والموت.
لا تنزلوا عن صهوات الجياد
إن صناعة التدفق واستمراره مرتبط بقوة الأفراد الروحية والفكرية وتحفزهم الدائم نحو تحقيق نجاحاتهم الفردية والجماعية.
يحكى أن السلطان مراد الأول عندما خاض أخر معاركه وفتوحاته دعا الله إن يرزقه الحسنيين ( النصر والشهادة )فانتصر واستشهد وقبل أن يلفظ أنفاسه سئل عما إذا كان لديه ما يقوله ، فقال كلمته التي أصبحت مثالا( لا تنزلوا عن صهوات الجياد ) فاستمرار التوثب الفردي والجماعي هو الضامن الأكيد للانتصارات ودائما ما تأتي الهزائم من الاسترخاء الداخلي ومن الانسحاب الذي يبدأ في النفوس أولا.
لقد كان السلطان مراد صائبا فعندما نزل أفراد الآمة من صهوات واجباتهم داسهم الآخرون بأقدامهم وعبث بنا القريب والبعيد وإذا كنا نزعم بان عهدنا هو عهد بداية الصعود فالمطلوب من كل فرد أن يبدأ في ممارسة فنون القيادة والصعود على صهوة الواقع كفارس ، يجب أن يكون لكل فارس جواد ولكل فرد ميدان ، وهذا يحتاج إلى روح وفكر وهمة عالية وتواصي ودراية مبصرة وحكمة عميقة.
هناك من يمتلك الحماس والنية الحسنة بعيدا عن ثقافة التغيير ومعرفة الواقع وفنون الإصلاح وحكمة الدعوة وبدلا ما يصعد على صهوة الجواد لينطلق يذهب ويحمل الجواد على ظهره وأكثر من ذلك يدعو الآخرين لمجاراته والاقتداء به ويظل يصرخ من التعب وهو فعلا يتعب ويعطل طاقة الجواد ويعيق الحركة, وليت هؤلاء يدركون بشاعة ما يقومون به وليتهم يشغلون عقولهم بممارسة السؤال عن كيفية الصعود ووسائل الانطلاق وأساليب الطريق حتى لا يكونون عائقا ومشكلة عويصة.
إن الانتصار قريب وأقرب مما نتصور إذا أحسنا استغلال الطاقات الكامنة التي ربما يدركها الآخرون ونجهلها نحن في نفوسنا.
إن استمرار التدفق والنجاح في سياسة (الواقع) يحتاج منا إلى تواضع يمكننا من الوصول إلى المعرفة وروح يمكننا من الاستمرار في المعركة وحب يدفعنا إلى التضحيات بالغالي والرخيص بكل سرور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.